مرت السنوات، وانطفأت شعلة الحماس التي اشتعلت بداخلي بعد لقائي بالرجل الغامض. في البداية، كنت مثل بطل فيلم سينمائي، أبحث في أرجاء المنزل عن الصندوق الذي تركه والدي. قلبت الغرفة رأسًا على عقب، سألت والدي مباشرة عنه، لكنه أنكر كل شيء، وكأنه لم يسمع بهذه القصة أبدًا. بدا لي وكأن ذاكرته قد مُسحت، أو أنه ببساطة يخبئ شيئًا لا يريدني أن أعرفه.
بمرور الوقت، استسلمت. لم أكن أمتلك العزيمة التي يحتاجها أبطال الروايات. كنت مجرد شخص عادي، غارق في حياة لا تطمح لأكثر من البقاء على قيد الحياة.
سنوات الضياع
السنوات التي تلت كانت باهتة. وجدت نفسي متنقلًا بين وظائف لا تترك أثرًا في الذاكرة. أحيانًا أكتب قصصًا قصيرة أو مقالات لمواقع صغيرة، لكني لم أنجز شيئًا حقيقيًا. أحيانًا أعمل كمدرس للموسيقى، لكنني لم أكن جيدًا بما يكفي للاستمرار. جربت العمل في البناء، لكنه كان مرهقًا جدًا لجسدي غير الرياضي. في فترات أخرى، كنت ببساطة لا أعمل، وأعتمد على القليل من المال الذي يرسله لي أهلي.
كانت أيامي تملأها اللحظات العادية. أحيانًا أجلس في المقهى مع رامي، الذي ظل صديقي الوحيد القادر على احتمال حديثي المتكرر عن عبثية الحياة. وأحيانًا أقضي الوقت مع "شلة النجوم"، كما أسميهم، وهم مجموعة من الأصدقاء الذين كنت ألعب معهم كرة القدم كل أسبوع. بالطبع، كنت دائمًا المهاجم، ليس لأنني ماهر، بل لأنني لا أستطيع الجري لمسافات طويلة، وكان الجميع يعرفون ذلك.
عند الثلاثينيات
عندما بلغت الخامسة والثلاثين، كنت شخصًا مختلفًا عما كنت عليه قبل عشر سنوات. شعرت وكأنني عالق في دائرة مفرغة، لا أتحرك للأمام ولا أعود للخلف. كان هناك شعور دائم بالخسارة، وكأنني أضعت شيئًا مهمًا، لكنني لم أكن أمتلك الطاقة للبحث عنه مجددًا.
ثم حدث شيء غيّر كل شيء.
الأمر الذي غيّر حياتي
ذات ليلة، بينما كنت جالسًا في غرفتي الصغيرة أقرأ كتابًا قديمًا، رنّ هاتفي. كانت مكالمة من رقم مجهول. لم أرد في البداية، لكن الاتصال تكرر مرتين. عندما أجبت، لم أسمع سوى صوت خافت، لكنه كان كافيًا لتجميد الدم في عروقي.
"إذا كنت تريد الحقيقة، انظر في المكان الذي بدأ فيه كل شيء."
كان الصوت غريبًا، لكنه مألوف بطريقة ما. قبل أن أتمكن من الرد، انقطع الخط. شعرت بشيء يتحرك بداخلي، وكأن تلك الكلمات أزاحت غبار السنين عن ذكريات الرجل الغامض والصندوق.
في تلك اللحظة، عرفت أنني لا أستطيع تجاهل الأمر مجددًا.
تلميح النهاية
تساءلت بيني وبين نفسي: ماذا قصد بالمكان الذي بدأ فيه كل شيء؟ هل يمكن أن يكون الرجل الغامض؟ أم أن الإجابة أقرب مما أعتقد؟
نظرت إلى مكتبي، حيث كانت هناك صورة قديمة لعائلتي، والتقطتها ببطء. في الخلفية، ظهرت بوابة خشبية مألوفة، وكأنها كانت تنتظرني طوال هذه السنوات.
"هل يمكن أن تكون الإجابة هناك؟
YOU ARE READING
"الظل الذي لا يُرى"
Fantasyفي عالم مليء بالغموض والتساؤلات، يعيش بطلنا مع صراع داخلي دائم، يبحث عن معنى لحياته ويكتشف أسراراً دفينة لم تُكشف. منذ طفولته، كان يشعر بوجود شيء مفقود في حياته، سر لا يستطيع الوصول إليه، وهو في محاولة دائمة لفهم ما يحيط به. تدور القصة حول رحلة البط...