الفصل السادس : حبكة غير متوقعة

4 0 0
                                    


لم أكن أصدق عينيّ. رامي، الذي أمضيت معه سنوات أشارك فيها لحظات حياتي الأكثر صدقًا وعفوية، يقف الآن أمامي بصورة لم أستطع استيعابها. بدا مختلفًا تمامًا. لم يكن هذا صديقي الذي أعرفه، بل شخصًا آخر. شخصًا يفيض بالغموض والثقة.

"رامي؟" نطقت اسمه بشك وارتباك، لكن صوتي كان ضعيفًا، وكأن الكلمات لم تستطع الخروج من فمي.
ابتسم ابتسامة هادئة وقال:
"أعلم أنك مصدوم، لكن حان الوقت لتعرف الحقيقة."

الصدمة الأولى

بدأت أفكاري تتداخل. كيف يمكن لشخص مثل رامي أن يكون جزءًا من شيء بهذا الحجم؟ وكيف أخفى عني هذا السر طوال السنوات الماضية؟ قبل أن أطرح المزيد من الأسئلة، أشار لي بالجلوس على الكرسي القريب.

"دعني أشرح كل شيء. اسمي الحقيقي ليس رامي، وعمري ليس كما تظن. أنا عميل سري ضمن فريق عالمي يعمل لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. فريقنا يهدف إلى بناء عالم أفضل، حيث يتمتع كل إنسان بفرص متكافئة لتحقيق إمكاناته. المشروع الذي أتحدث عنه، مشروع والدك، كان حجر الأساس لتحقيق هذا الحلم."

مشروع والدي الضخم

أخذ نفسًا عميقًا وأكمل حديثه:
"والدك كان عبقريًا. عبقريته لم تكن مجرد ذكاء تقني، بل رؤية تتجاوز عصره. كان يريد تصميم نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل إمكانات كل إنسان بدقة. تخيل تطبيقًا يستطيع أن يحدد نقاط قوتك وضعفك، ويمنحك الوظيفة التي تناسبك تمامًا، ويضمن لك السعادة والرضا المهني."

كنت أستمع له وأنا أشعر أنني أغوص في عالم خيالي. سألته:
"لكن... لماذا توقف والدي؟ إذا كان هذا النظام مثاليًا كما تقول، لماذا لم يُكمل المشروع؟"

نظر إلي بعينين مليئتين بالحزن والإعجاب في آن واحد.
"أخلاق والدك هي ما أوقفه. كان يعلم أن أي قوة تكنولوجية بهذا الحجم يمكن أن تُستخدم لأهداف نبيلة، لكنها قد تتحول بسهولة إلى أداة للسيطرة والقمع. كان يخشى أن يتحكم الذكاء الاصطناعي في البشر بدلاً من أن يخدمهم. أراد أن يضمن أن المشروع سيبقى أداة للعدالة، لا للظلم."

رامي يكشف نفسه

"لكن لماذا كل هذا؟ ولماذا أتيت لي؟" سألته، ولم أكن أدرك حتى اللحظة إذا كنت أريد الإجابة أم أخاف منها.

وقف رامي أمامي، ينظر إلي كأنه يزن كلماته بعناية.
"أنا لست هنا فقط كصديق، بل كممثل لقضية أكبر. قبل سنوات، كنت قد وظفت ممثلًا ليخبرك عن والدك، لأضعك على بداية الطريق. لكنك لم تكن مستعدًا بعد. الآن، العالم في حاجة إلى هذا المشروع أكثر من أي وقت مضى. الفوضى الاقتصادية والاجتماعية تتصاعد، ووالدك وحده يملك المفتاح لإنقاذ البشرية."

الصندوق والتشفير

"الصندوق الذي تركه والدك ليس مجرد صندوق للذكريات. إنه يحتوي على التصميم الأساسي للنظام، مشفرًا بطريقة لا يستطيع أحد فكها إلا شخص يعرف والدك جيدًا... شخص مثلك. هو الوحيد الذي يمكنه أن يفتح هذا الباب مجددًا. نحن بحاجة إليك، وإلى والدك أيضًا."

"لكن كيف يمكنني إقناعه؟" سألته، وشعرت بثقل المسؤولية يضغط على صدري.

"هذا يعتمد عليك. والدك فقد إيمانه بالمشروع، لكنك تستطيع أن تكون الجسر لإعادته. تذكر، هذا ليس مجرد مشروع، إنه حلمه. أحضر الصندوق، واجمع القطع المتبقية، وسأساعدك على إقناعه."

لحظة الملحمة

بينما كان يتحدث، شعرت وكأنني انتقلت إلى مرحلة أخرى من حياتي. لم أعد الشخص العادي الذي يعيش بلا هدف، بل أصبحت جزءًا من قصة أكبر. لكن المشاعر المختلطة ظلت تلاحقني. هل يمكنني حقًا الوثوق برامي؟

"لكن لماذا الآن؟ لماذا لم تخبرني بكل هذا منذ البداية؟"

نظر إلي نظرة ثابتة، وقال:
"لأنك لم تكن مستعدًا. الآن، لديك ما يكفي من التجارب والخبرات لتدرك أهمية هذا المشروع. السؤال هو: هل أنت مستعد لتحمل هذه المسؤولية؟"

لم أكن أملك الإجابة. شعرت وكأن العالم يتأرجح تحت قدمي.

نهاية الفصل

بينما غادر رامي الغرفة، ترك ورقة صغيرة على الطاولة كتب عليها:
"إذا كنت مستعدًا، المكان الذي بدأ فيه كل شيء ينتظرك."

نظرت إلى الورقة وشعرت أن كل خيوط حياتي، مهما بدت عشوائية، كانت تقودني إلى هذه اللحظة.

سؤال الفصل:
"هل يمكنني أن أكون الشخص الذي يغير العالم؟ أم سأكون مجرد حلقة أخرى في سلسلة الفشل؟"

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Nov 29, 2024 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

"الظل الذي لا يُرى"Where stories live. Discover now