جلست ماري في غرفتها، محاطة بالصمت الذي يخيم على الليل، أفكارها تدور بلا توقف في ذهنها حول أحداث اليوم. لقاءها بوالدي كلاوس، لوسي وكيفن، كان تجربة غريبة بالنسبة لها. كانت تلك اللحظات الدافئة والحنونة التي عاشتها معهم قد أثرت فيها بعمق؛ ما عاشته في ساعات كانت تفتقده طوال حياتها. كانت لوسي بكل ابتسامتها واحتضانها بمثابة الأم التي لطالما تمنَّتها ماري، وكيفن، بتلك النظرة المطمئنة والكلمات اللطيفة، جعلاها تشعر بأمان لم تعرفه من قبل.
ومع كل هذه المشاعر الدافئة التي تلقتها، لم تستطع أن تمنع نفسها من مقارنة ذلك بما عاشته مع والديها. شعرت وكأن جدارًا هشًّا داخلها بدأ يتصدع، وانهمرت دموعها دون أن تتمكن من منعها. كانت تجلس على حافة سريرها، تلامس بأصابعها حافة البطانية، وأفكارها تندفع نحو ماضيها، نحو الذكريات المؤلمة التي حاولت دفنها طويلاً.
لم تكن قد شعرت من قبل بهذا النوع من الحب العائلي الصادق الذي شعرته اليوم مع والدي كلاوس. بدلاً من ذلك، كانت علاقتها مع والديها مليئة بالتحكم والتلاعب. لم يُعامِلاها أبدًا كابنة، بل كأداة لتحقيق أهدافهما. كانت كل لحظة من طفولتها وحتى سنوات مراهقتها وشبابها مليئة بالألم والإحباط، ولا تزال آثار ذلك الماضي تلاحقها حتى اليوم.
رغبت في نسيان كل شيء، لكن تذكرها كيفن ولوسي كان قد أيقظ تلك الذكريات المكبوتة. كانت تتساءل؛ كم كانت حياتها ستكون مختلفة لو حظيت بوالدين مثل والدي كلاوس، والدين يهتمان حقًا بمشاعرها واحتياجاتها، بدلًا من اعتبارها مجرد عبء أو وسيلة.
في تلك اللحظة، انفجرت دموعها من جديد. مسحت عينيها بسرعة وحاولت تهدئة نفسها، لكنها لم تستطع. الألم الذي شعرت به كان عميقًا جدًا، لدرجة أنه أصبح من المستحيل السيطرة عليه. بينما كانت تحاول كبت شهقاتها، سمعت طرقًا خفيفًا على الباب.
"ماري؟" جاء صوت كلاوس قلقا ومهتمًا من خلف الباب. "هل أنت بخير؟"
حاولت بسرعة جمع شتات نفسها ومسح دموعها. "نعم... نعم، أنا بخير،" أجابت بصوت مبحوح، لكنها لم تستطع أن تخفي الاهتزاز في صوتها.
لم ينتظر كلاوس إذنًا للدخول، فقد شعر أن هناك شيئًا خاطئًا. فتح الباب ورآها، كانت عيناها متورمتين ووجهها محمرًا من البكاء، ورغم أنها حاولت إخفاء ذلك، كان واضحًا أن ماري كانت تبكي بشدة.
"ماري..." قال كلاوس بصوت ناعم بينما اقترب منها وجلس بجانبها على السرير. "ماذا حدث؟"
لم تستطع ماري أن تتحدث في البداية، شعرت بالخجل من انكشاف ضعفها أمامه، لكنها كانت بحاجة ماسة إلى شخص ما يشاركها ما بداخلها. حاولت التحدث، لكن الكلمات خانتها، ولم تستطع إلا أن تخفض رأسها، محاولًة مسح دموعها بسرعة.
وضع كلاوس يده على كتفها برفق، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول: "لا داعي لأن تخفي الأمر عني، ماري. أنا هنا من أجلك، مهما كان ما يثقل قلبك سنتشاركه معا."
![](https://img.wattpad.com/cover/370062502-288-k903468.jpg)
أنت تقرأ
مؤامرة زهرة الربيع || The Primrose Conspiracy
Любовные романыلم تكن الحياة رحيمة بماري، فقد عانت من ماضٍ مليء بالعنف والإساءة، تاركة وراءها جروحًا عميقة في قلبها وروحها. تعيش ماري أيامها باردة، خالية من الأمل، حتى تلتقي بكلاوس، الملياردير الوسيم الذي يملك كل شيء ما عدا الحب الحقيقي. كلاوس، الرجل الذي يعيش في...