الحياة غريبة حقًا، لم أتخيل يومًا أنني سأكون في هذا الوضع. كنتُ أعيش حياة عادية، كل أيامي متشابهة، يوما تلو الآخر، غارقة في الروتين.
أستيقظ كل صباح على صوت المنبه المزعج، أمشي في نفس الشوارع، أعود إلى نفس المنزل البارد. كنت أعتقد أن الأمور لن تزداد سوءًا، حتى وإن كانت حياتي لا تحمل مفاجآت سارة. لكنها كانت هادئة، وكنتُ أستطيع التحمل. أو هكذا كنت أظن...
بعدما اعتدت المعاناة و الآلام ، قررت الحياة أن تقلب كل شيء رأسًا على عقب. لعبة جديدة وأكثر قسوة بدأت للتو، وأنا لست سوى بيدق على رقعة الشطرنج الخاصة بها. أجلس الآن في سيارة مجهولة، لا أدري إلى أين تأخذني. شعور العجز يغمرني، وكأنني دمية يتحكم بها الآخرون. لم أعد أملك حتى إرادتي.
"مصيري المجهول تحدد أخيرًا..." تكررت هذه الكلمات في عقلي وكأنني أحاول أن أصدقها، لكن الحقيقة قاسية. هذا المصير ليس هو ما أردته، ولا ما حلمت به، كيف لي أن أشعر بالسعادة.
سأتزوج رجلاً لا أعرفه. رجلاً اختاره والدي القاسي. أبي الذي لم يملك يومًا قلبًا يرأف بي، كيف يمكنه أن يختار لي رجلاً يختلف عنه؟ "لا... لا أعتقد ذلك". شخص اختاره والدي بالتأكيد سيكون مثله، قاسياً، متحجر القلب، وربما أسوأ.
"يا للعجب..." لم أستطع أن أمنع نفسي من التفكير في هذا. لطالما حلمت مثل كل فتاة بقصة حب أسطورية، فارس أحلام يأتي لينقذني. لكن حتى ذلك الحلم البسيط سُلب مني. أصبح مجرد خيال... سراب بعيد.
"ما الفائدة من الأحلام إن كان الواقع دائمًا ما يسحقها؟"
السيارة تواصل السير، وكأنها تحملني نحو نهاية حتمية. كل دقيقة تقربني أكثر من المجهول، وكلما اقتربنا ازداد شعوري بالخوف. قلبي ينبض بسرعة، شعرت به يخفق وكأنه يحاول الهرب من صدري. لماذا الآن؟ لماذا أنا؟
"هل هذا هو قدري؟" سأعيش مع رجل غريب، تحت سقف واحد. لا حب، لا رغبة، مجرد اتفاق. عقد أُبرم من طرف والدين لا يهتمان بما أريده، فقط بما يفيدهما.
فجأة، توقفت السيارة أمام قصر فخم. لم يكن الأمر مفاجئًا تمامًا. هذا الرجل، خطيبي المجهول، كان ثريًا بلا شك. نظرت من النافذة لأرى القصر الضخم يتلألأ تحت أشعة الشمس. إنه جميل بلا شك، لكن هذا الجمال لا يريحني. بالعكس، شعرت أنني أدخل سجنًا من ذهب، لا مفر منه.
"هل سأظل هنا إلى الأبد؟" السؤال تردد في داخلي لعله يزيل من الخوف الذي أشعر به، لكنه كان بلا إجابة.
البوابة الضخمة فتحت ببطء، ودخلت السيارة ساحات القصر الشاسعة. مررنا عبر حدائق مترامية الأطراف، كلها منسقة بعناية، ولكنها باردة. لا روح فيها، مثل حياتي الآن.
بعد دقائق من السير داخل القصر، توقفت السيارة أمام المدخل الرئيسي.
رفعت رأسي ببطء ونظرت من النافذة... هناك بالقرب من الباب الكبير، كانت تقف سيدة عجوز بدت وكأنها تنتظرني، كلما اقتربنا اتضحت ملامحها أكثر. كانت في الخمسينيات من عمرها، قصيرة القامة، ووزنها زائد قليلاً. كانت بشرتها داكنة تتوهج تحت الشمس و شعرها مموج بشكل جميل. ارتسمت على وجهها ابتسامة ودودة، ولكن ذلك لم يخفف من توتري.
![](https://img.wattpad.com/cover/370062502-288-k903468.jpg)
أنت تقرأ
مؤامرة زهرة الربيع || The Primrose Conspiracy
Romanceلم تكن الحياة رحيمة بماري، فقد عانت من ماضٍ مليء بالعنف والإساءة، تاركة وراءها جروحًا عميقة في قلبها وروحها. تعيش ماري أيامها باردة، خالية من الأمل، حتى تلتقي بكلاوس، الملياردير الوسيم الذي يملك كل شيء ما عدا الحب الحقيقي. كلاوس، الرجل الذي يعيش في...