رواية
اميرة رغما عنهم .
* الرواية من محض الخيال .. واختيار اللهجات التي في الحوار عن طريق الصدفة لا اكثر ...
( الاربع فصول ... )
لأي قصة عشق لها فصول اربعة .. كفصول السنة ... ولكن العشق جميل في كل حالاته .. لا نفضل فصلا عن الثاني .. بل نعيشه بكل مابه ...
اما انت فلست فصل .. بل انت الفصول الاربعة .. اكتب عن هذه الفصول .. عن جمال الربيع .. وحرارة الصيف .. ولكن مايسود على حياتي هو الشتاء .. البرد .. الانتظار .. بانتظار شخص يخرج من بين تكتلات الثلج التي تغطي الطرقات .. ليمسح بيده الدافئة زجاج نافذتي ويجعلني ارى ماخلف الزجاج .. يجعلني اعيش الربيع الذي سمعت عنه ... واجرب الاحتراق بالحب في الصيف .. الى ان اموت عشقا به كورقة انتهى عمرها فاسقط على الارض في فصل الخريف ..
بين الامل الذي يجعلني انتظر واليأس الذي يحاول ان تشتيتي ..
ومازلت انتظر الربيع !!..
اغلقت دفترها بسرعة عندما سمعت صوت الباب يطرق .. وضعت قلمها جانبا كي لا يرى الطارق انها كانت تكتب .. اعتدلت بجلستها واقامت ظهرها تلك الجلسة التي اجبرت عليها منذ صغرها .. اذنت بصوت ناعم للطارق بالدخول ..
دخلت وصفيتها وانحنت قائلة : سمو الاميرة .. لقد حضر استاذك .
نهضت من على كرسيها فاقتربت الوصفية وحملت الدفتر والقلم بدلا عنها وسارت خلفها ... خرجت من جناحها وبدأت تسير بأروقة القصر .. كل شئ يوجد به !.. الا انه فارغ .. هو سبب الفراغ الذي بداخلها ..
اتجهت الى احدى القاعات التي تتلقى بها دروسها .. نهض المعلم وانحنى لها قائلا بالعربية : صباح الخير سمو الاميرة .
جلست على الكرسي وقالت بابتسامة : صباح النور استاذي .. واشارت اليه .. تفضل .
جلس على كرسيه وبدأ بتصف الكتاب الذي امامه .. قال : سموك تحبي نبدأ ؟.
- اوكيه .
بدأ هو يشرح لها قواعد اللغة العربية !.. لوهلة نظرت له !.. انه صغير في السن بل شابا !..
قالت : انت يديد ؟.
ضحك وقال : ليش هستوج يلا عرفتي ؟.
- ايوة توني .
ابتسم : اعرفج على نفسي .. اني سامي محمد .
- تشرفت استاذ .
ابتسم بخفة دم وقال : وانتي ؟.
- انا شنو ؟.
- شنو اسمج ؟.
عقدت حاجبيها وهي تنظر اليه !.. هل يمزح !.. ولكنه كان اجمل سؤال .. اول مرة منذ صغرها يسألها احد عن اسمها !..
قالت : سارة .
- عاشت الاسامي .
- مشكور .
- يلا تعرفنا .. نكمل ؟.
- طيب .
فتح دفترها بالمصادفة ليقطع ورقة ولكنه رأى كتاباتها ... شعرت هي بالخجل كثيرا لأنه اول شخص يقرأ ماتكتبه ..
سالها : انتي كتبته ؟.
- أأ.. ليه ؟.
- لأنه رائع .
- صج ؟.
- روعة .. احب النصوص .
- والشعر ؟.
- همين احبه .. ليا شاعر تحبين ؟.
- نزار قباني .
وبدأ الانجذاب بينهما .. يبدأ بقواسم مشتركة .. وخزة تصيب الشخص مرة واحدة .. وبعدها تبدا الفصول الاربعة ...
خذي كل شئ تريدينه .. واتركي لي لغتي ..
فأنا بحاجة حين تكونين معي .. الى لغة جديدة احبك بها ..
من قصيدة : درس في اللغة لتلميذة مبتدئة
نزار قباني
(( فصل الربيع ))
ومع تفتح الازهار في الربيع بدأت تتفتح اوراق قلبيهما .. واخيرا قد ذاب الجليد الذي سكن قلبها لسنوات ..
في اغلب قصص العشق ولاسيما القصص الشرقية يبدأ الرجل بالاعتراف بحبه للمرأة ... ولكن سامي لم يكن رجلا عاديا ليعترف بحبه لأمرأة عادية ...
ففي نهاية المطاف هو معلم بسيط .. وهي اميرة !.. ولسوء الحظ لرجل قد قرأ الكثير من الادب والشعر عن قصص الحب المستحيلة .. ان يقع في حب ابنة السلطان !...
كان يحاول جاهدا ان يخفي تلعثمه عند حديثه معها ... يتهرب بنظراته في ارجاء المكان كي لايسقط فريسة امام عينيها فتعرف مابداخل قلبه ...
اما هي فكانت تنتظره .. تنتظر ان ينطق بتلك الكلمة التي تعلن عن بدء فصل الربيع ..
ولكنه لم يقلها .. تجرأت واخبرته قائلة : استاذ ممكن اقولك شي ؟.
- اكيد سمو الاميرة .
- لاتقولي سمو الاميرة يعني انا تلميذتك قولي سارة وبس .
- هههه اوكيه سارة قولي ؟.
- مممم .. انا احبك .
قالتها بسرعة وباندفاع .. بقي هو مصدوم !.. وكأنه لم يسمع ماقالته !.. هل حقا هي تحبه ؟.. لم يكن يستطيع ان يصدق ..
اما هي فقد كانت تنتظر بلهفة ان تسمع منه الاجابة ... وخائفة من خيبة الامل !..
بقي صامتا لفترة وجيزة .. بعدها نطق اخيرا : سارة .. اقصد سموج ..
- لا تقول سموج .
- انتي اميرة وانا ..
- الحب مافيه هالاشياء .
- فالروايات مافيه .
- لا فالحقيقة بعد .
- مستحيل يصير شي بينا وانتي تعرفين هالشي .
- بنقدر نوصل للمستحيل .
نهض من مكانه وبدأ يجمع كتبه .. نهضت وقالت : بتروح ؟.
- اعتذر سموج .
بدأت تنظر اليه بغضب .. وهو حاول ان يتمالك نفسه وان لا يستسلم لأي فكرة تدور في رأسه حول البقاء والاعتراف بحبه لها ...
قالت بغضب : انت جبان موقد الحب .
همت بالخروج من القاعة .. الى ان سمعته يقول : موقد حب اميرة .
خرجت من القاعة وهي غاضبة .. اما هو فقد عاد لمنزله البسيط الذي يسكن به مع صديق له ..
طوال الليل لم تغفى عينيه وهو يفكر بها ...
وطالت فترة تفكيره .. ايام طويلة مرت عليها بمرورة .. ظنته قد رحل واختفى من عالمها !...
ولدت اميرة رغما عنها .. لديها كل ماترغب به .. ولكن هذه الرغبات هي رغبات القانون والدستور والعائلة ... فليس للاميرة نصيب في العشق ...
كانت تجلس بالقرب من النافذة في جناحها .. سمعت صوت طرق الباب .. اذنت للطارق بالدخول فدخلت وصيفتها ...
اخبرتها قائلة : سمو الاميرة .. لقد اتى مدرس اللغة العربية ويرغب برؤيتك .
نهضت من مكانها وهي لاتكاد تصدق ماسمعته : حقاااااااااااااا !!.
- أأ.. اجل سموك .
بسرعة رفعت فستانها وهمت بالجري للخروج من الغرفة ولكنها تذكرت ان تطل على مراتها ... بعد ان تأكدت انها بأبهى صورة لها .. خرجت من غرفتها تجري ووصيفتها تحاول اللحاق بها ..
الى ان بالمصادفة اصطدمت بوالدها .. فابتعدت واخفضت نفسها قليلا لتنحني له قائلة : اعتذر جلالتك .
نظر لها باستنكار وقال : في اميرة تركض ؟.
حركت رأسها نافية .. فأعاد السؤال : عيل ليش تركضين ؟.
- أأ.. كان .. كان في حشرة شفتها وخفت وركضت .
- ممنوع مرة ثانية فاهمة !.
- حاضر جلالتك .
سارت ببطئ ونظرات والدها تراقبها الى ان اختفت من امامه ... وصلت للقاعة التي تدرس بها ... فدخلت وهي تحاول ان تلتقط انفاسها .. نهض هو وقال : سمو الاميرة .
جلست على كرسيها المعتاد وقالت لوصيفتها : انصرفي الان واغلقي الباب خلفك .
وفعلت الوصيفة ما امرت به ...
صمتت تنتظره ان ينطق هو اولا ... قال : عندج فكرة شلون حنوصل للمستحيل .
عقدت حاجبيها متسائلتا : شنو ؟.
- تقولين نقدر نوصل اني وياج للمستحيل .
- ايوة اكيد .
- شلون ؟.
- نكون مع بعض وبس ومانفكر .
- تعرفين شنو نهاية الحب ؟.
- ايوة .
- وتعرفين ان مستحيل نتزوج .
- لاتقول جي .. بعدين اسمعني .. ابوي يحبني وايد انا البنت الوحيدة وطلباتي اوامر يعني اكيد بيوافق .
- طلبج مو فستان او شي طلبج زواج .
- باصر ع موقفي وقتها ... ولا انت خايف ؟.
- من شنو اخاف ؟.
- من المواجهة .
- ماخاف لان ماعندي شي اخسره اذا خسرتج .
ابتسمت وقال بجرئة : يعني تحبني ؟.
- ههههه احد قلج من قبل انج جريئة .
- ههههههههه وحد قالك ان من يوم الي عرفتك فيه وانت كله تفشلني .
- اووه اعتذر سمو الاميرة ههههههههه .
وبدأت فراشات الربيع بالتحليق .. وعصافير الحب تغرد وهما يخوضان اول فصل في العشق واجمله ...
مني رسالة حب ..
ومنك رسالة حب ..
ويتشكل الربيع !..
البريد
نزار قباني
(( فصل الصيف ))
ومع حرارة الصيف بدأ حبهما يزداد اكثر .. ويتحول الى اسطورة تكتب في مجلدات كبيرة ..
كانت هي في مدينة الضباب لتقضي العطلة الصيفية بمفردها .. هو ليس تحديدا بمفردها .. بل مع جميع حراسها والقيود التي تقيدها في كل مكان ... اتفقا ان يلتقيا في لندن لتشهد شوارعها على تلك الاسطورة التي بينهما ... ولتحسب ساعة بيج بين كل دقيقة يمضياها معا ...
كانت تخبر الجميع بأنها نائمة وتجعل وصيفتها المخلصة تنام بفراشها لتتسلل هي خارج اسوار القصر ...
التقيا في مقهى دمشقي يطل على ضفاف نهر التايمز .. وصوت عبد الحليم حافظ يملأ الاجواء في المقهى برائعة قارئة الفنجان ..
للمرة الاولى يكون معها ولكن يسرح بعلقه فيذهب ليركز مع كل كلمة قيلت في الاغنية ... ومع كل كلمة فتح جرح بقلبه ...
ياولدي لاتحزن .. فالحب عليك هو المكتوب ..
قد مات شهيدا .. من مات على دين المحبوب ..
لك سمائك ممطرة .. وطريقك مسدود .. مسدود ..
فحبيبة قلبك ياولدي .. نائمة في قصر مرصود ..
والقصر كبير ياولدي .. وكلاب تحرسه وجنود ..
واميرة قلبك نائمة .. من يدخل حجرتها مفقود ..
من يطلب يدها .. من يدنو من سور حديقتها .. مفقود !..
مقدورك ان تمشي ابدا .. في الحب على حد الخنجر ..
وتظل وحيدا كالاصداف .. وتظل حزينا كالصفصاف ..
مقدورك ان تمضي ابدا .. في بحر الحب بغير قلوع ..
وتحب ملايين المرات .. وترجع كالملك المخلوع ..
قارئة الفنجان
نزار قباني
رأت في عينه لمعة حزن مع كلمات الاغنية ... امسكت فنجانه وقالت مازحتا : بقرا لك الفنجان .
- ههه اقري .
- ممممم في وحدة تحبك وايد .
ابتسم وقال : واني اموت عليها .
- و بتتزوجون .
- ههههههه القهوة مخشوشة اظاهر .
ضربت يده بمزاح : لاتقول جي .
- قتلج ان امي هنانة صح ؟.
- اي بس ابي اشوفها .
نهض وقال بحماس : وهي همين تريد تشوفج .
واتجها الى شقة والدته ... فتح الباب سامي بمفتاحه ونادى قائلا : يمة .
اتت وهي تقول : هلا عيني .
فتفاجئت بسارة .. ابتسم سامي وقال وهو يشير على سارة : هاي سارة الي حجيتلج عنها .
اقتربت سارة من والدته وهي ترحب بها : هلا حبيبتي هلا بيج .
وقبلتها .. دخلوا للداخل وبدأت والدته تسرد له حكايات عن سامي عندما كان صغيرا ...
بعد ان خرجا من شقة والدته قالت سارة : امك ماشاء الله وايد طيبة .
- حبتج هواية .
- انا بعد حبيتها .
توقفت سارة امامه بجرئة وقالت : سامي !.
نظر لها بجدية وقال : عيونه !.
- تتزوجني ؟.
- شنو ؟.
- تتزوجني !!.
- ههههههههه اوه بيدنا بالخبال .
- اوكيه انا مجنونة يلا قول .
- تريدين تبدين بالحرب !.
- ايوة .. اسمع بنتزوج وبنخليهم جدام امر الواقع .
- مستحيل تعرفين اهلج اذا عرفوا شحيسوون بيج !.
- مايهمني .
- سارة !.. خايف عليج .
- مايهمني بعدين مايقدرون يسوون شي خلاص بصير زوجتك .
- ياذكية شلون نتزوج واحنا اذا رحنا للسفارة نقدم اوراق الزواج بخلال دقايق بلدح واهلج كلهم حيعرفون .
- مابنروح سفارة .
- عرفي !.
- هههههههههههه ولا عرفي .. شيخ بيزوجنا بدون اوراق رسمية .
- هذا اسمه لعب بالنار .
- حبك نار .
- هههههههه وربي انتي مخبلة .
في اليوم التالي ذهبا الى احد الشيوخ الموثوق بهم فعقد قرانهما ...
مضت اشهر وزياراتها للندن تستمر .. ولقائاتهم السرية ايضا .. الى ان اخبرته انها تحمل في احشائها بذرة الامل التي كانا ينتظرانها ... شئ تكون من دمه ودمها !..
قال لها : لازم نعلن زواجنا .. اول شي اتقدملج رسمي ع الاقل قبل مانقوللهم ع زواجنا !.
- انزين ليش يعني اكيد بيرفضون بعدين ..
قاطعها : ع الاقل نحاول .
جلست بجانبه على الاريكة وامسكت بيده قائلة : بس انا خايفة بيطلقونا من بعض لو دروا .
ضمها لصدره وقال : نهرب !.
- شلون ؟.
- مادري اشوف اذا نقدر نزور جوازات سفر ونروح اي مكان .
- ياليت ونروح مكان بس انا وانت وابنا .
قبل جبينها : كل شي حيكون مثل مانريده ان شاء الله .
بدأت تحاول ان تخفي ازدياد حجم بطنها ...
ذات يوم كانت تنوي ان تذهب الى لندن .. ولكن هذه المرة كانت مختلفة لأنها اخر مرة سترى فيها هذا القصر !...
قبل خروجها من القصر تذكرت ان تودع والدها .. غيرت مسارها وقررت ان تتجه الى جناحه .. التقت في الطريق بأبن اخاها بدر الذي يبلغ ست سنوات .. انحنت اليه وقبلته قائلة : حبيبي بتوحشني .
- سموج وين بتروحين ؟.
- بسافر .
- خذيني معاج زهقت من الدروس .
- حبيبي لازم تدرس لأنك بتكون ولي العهد بعد ابوك فاهم !.
اومأ برأسه وقال : فاهم سموج .
اكملت طريقها الى جناح والدها ... بعد ان سمح لها الحراس على جناحه بالدخول دخلت ..
انحنت لتحييه قائلة : مساء الخير جلالتك .
اقترب منها وهو مبتسم : مساء النور اميرتي .
- قلت اوعدك قبل ماسافر .
- لاتطولين هذي المرة .
- ليه ؟.
- عشان بعلن خطوبتج بولد عمج الامير عبد الله .
بلعت ريقها وقالت : خطوبتي !.. هو متى خطبني جلالتك ؟.
- من زمان وانا وافقت .
- بس ... انا للحين ما..
قاطعها : بيكون لج رأي ثاني ؟.
- مب لازم اتزوج من نفس الاسرة الحاكمة يعني حتى لو من بلد ثان...
قاطعها بضحكة استهزاء : ههههههههههههه للحين تقرين الروايات الي خربت مخج !.. اسمعيني انا قلتها من قبل وبرد اقولها .. الروايات ممنوعة لأنها تفسد التفكير .. وانا ماحب تفكير اميرتي الوحيدة يفسد بسبب كلام تافه !.. المهم تردين بالسلامة عشان بعلن خطوبتكم .
ابتسمت وغادرت ارض بلادها تاركتا كل تلك القيود ...
والتقت به في شقتهما السرية .. كاللصوص او المجرمين لأنهما احبا بعضهما !...
في الساعة الرابعة والربع فجرا في يوم 28 \ 8 \ 1994 ... خرجا من الشقة وهما يحملان حقائبهم وبيدهما تذاكر سفر على السفينة المتجهة لأمريكا .. ولكن !...
صدما بوجود والدها عند بوابة العمارة ومعه كل حراسه !!!...
بالهدوء الذي يسبق العاصفة اشار لهما بالدخول خلفه لشقتهما ... فتح سامي باب الشقة ودخل والدها وهو ينظر لكل ركن فيها ...
جلس على احد الكراسي واشار لسارة : اقعدي .
امسكت بيد سامي وقالت بتلعثم : هو زوجي .
نهض والدها وتوقف امامها قائلا : هههه الزواج الغير شرعي مايعتبر زواج .. بنتي الحلوة بتنسى اي حشرة دشت فحياتها لانها بتتزوج .
- مابنسى لأن حامل منه ولازم تتقبل الواقع .
صفعها واشار للحراس : خذوه .
فامسكوا به وهو يحاول ان يقاومهم ... وهي تبكي : لاااااااااا سااامي هدوووووووووه .
ولكن يد والدها قد قيدتها هي ايضا الى ان فقدت وعيها ...
تلومني الدنيا اذا احببته ..
كأنني .. انا خلقت الحب واخترعته ..
كأنني انا التي .. كالقمر الجميل في السماء قد علقته..
تلومني الدنيا اذا ..
سميت من احب .. او ذكرته !..
قصيدة \ تلومني الدنيا
نزار قباني
(( فصل الخريف .. ))
سقطت انت وانا كورقة ذبلت لأن الرياح كانت شديدة عليها من كل الاتجاهات ... اخبرتك انك جميل والحب جميل معك بكل فصوله .. ولكن ان اعيش هذا الفصل الجاف بدونك !..
تم اعتقال سامي حيث اثناء اعتقاله بدأوا يبرحونه ضربا ... اما سارة فقد كانت متعبة في مشفى خاص كي لا يعلم احد من الصحافة ...
طلب والد سارة من الطبيبة : يجب ان تجهضيها .
اجابته : ولكن جلالتك لايمكنني ذلك لأنها في اواخر الشهر الثامن قد تفقد حياتها ان حاولنا ان نجهضها .
خرجت الطبيبة من الغرفة وبدأت سارة باستعادة وعيها ... كانت تتمنى ان يكون كابوسا .. ولكن عندما ابصرت حولها ورات وجه والدها ادركت ان الكابوس هو في الواقع ...
سألته بصوت متعب : وين سامي .
- للحين تسألين عنه فوق كل الي سويتيه !.
- يبة الله يخليك بسوي اي شي تبيه بس هده خلاص بسمع كلامك بس هو ماله ذنب انا الي ضغطت عليه وقلت نزوج .
- طيب .
وخرج من الغرفة ...
وحقا اطلقوا صراحه .. عاد لشقة والدته حيث كانت قلقة للغاية عليه .. ولكن ازداد قلقها بعد ان رأت اثار الضرب والتعذيب عليه ...
بعد ان استراح قال لوالدته : امي حنطيج رقم بيت وصيفة سارة اسأليها شلونها .
- تدلل عيوني بس ارتاح انت .
اتصلت والدته وسألت عن سارة واخبرتها عن اسم المشفى التي ترقد بها الى حين يأتي موعد ولادتها ...
اخذ العنوان سامي ورغم انه مازال متعب ولكن في اليوم التالي قرر ان يخرج ويذهب سرا لرؤيتها ...
عند خروجه من العمارة توقف في ناصية الشارع ليوقف سيارة اجرة ولكن سيارة صدمته !... فمات !..
انا مع الحب حين يقتلني ...
اذا تخليت عن عشقي .. فلست انا !..
المحاكمة ..
نزار قباني
قال والد سارة عبر الهاتف : هل انتهى امره !.
اجاب احدهم : اجل جلالتك لقد مات كما امرت .
- جهز التقرير الذي اخبرتك عنه .
- امرك .
ومر ثلاث اسابيع ولم يخبر سارة والدها ان سامي قد توفي ... الى ان حان موعد ولادتها ... طلب من الطبيبة والطاقم الذين معهم ان يقتلوا الطفل فور ولادته ...
اتصلت الوصيفة بوالدة سامي البائسة بعد ان خسرت ابنها الوحيد وقالت : عليك ان تأتي للمشفى اليوم ستلد سمو الاميرة قد يتخلصوا من الطفل .
ذهبت والدة سامي الى المشفى حيث قابلت الطبيبة التي تشرف على سارة ...
قالت لها : ارجوك فور ولادتها اعطني الطفل انه الذكرى الوحيدة من ابني المتوفي .
- لا اعلم عن ماذا تتحدثين .
- اعلم طلبوا منك ان لاتخبري احد .. صدقيني انا جدة الطفل ارجوكي .
رحلت الطبيبة وتركتها ... ولكن والدة سامي بقيت في المشفى تنتظر ..
ولدت سارة طفلة .. ولكن الولادة ارهقتها ففقدت وعيها بعد ان اخرجوا الطفلة منها .. طلبت الطبيبة من باقي طاقم العمل ان يشرفوا على حالة سارة ريثما ترمي الطفلة ... ولكنها اخذتها لجدتها سرا وقالت : لا اريد ان اراك مجددا .
(( فصل الشتاء .. ))
وعاد البرد لقلبي من جديد .. احيانا كثرة الاحتراق يبعث في القلب البرود !.. مع ان النار والجليد شيئان متضادان .. والاحساس والبرود ايضا متضادان .. ولكنهما يجتمعان عندما يكثر الوجع ...
عندما افاقت سارة اخبروها انها فقدت الجنين كان نبضه ضعيف فمات فورا ... مضت فترة على تقبلها للواقع ليأتي ليدمرها ... اخبرها والدها بوفاة سامي بل قدم لها تقرير من المشفى ومحضر الشرطة الذي يؤكد انه حادث ....
في تلك الاثناء قرر الانتحار ولكن استطاعوا ان ينقذوا حياتها ... عندما قال والدها لها : بتتزوجين عبد الله ولد عمج .
في يوم زفافها الملكي على الامير ابن عمها في عام 1995 .. فتحت باب شرفتها ونوت ان ترمي بنفسها كي لا يتم انقاذها هذه المرة ... ولكن !..
مرت صوت نزار قباني عبر المذياع الذي لا ينطفئ في غرفتها .. ليقول ..
تقول : حبيبي اذا مانموت ويدرج في الارض جثماننا ..
الى اي شئ يصير هوانا .. ايبلى كما هي اجسادنا ؟..
ايتلف هذا البريق العجيب ؟.. كما سوف تتلف اعضاؤنا !..
غذا لن نمر عليهم مساء .. ولن تملأ الغاب نيراننا ..
انتركها .. كيف نتركها ؟.. وماارهقت بعد اعصابنا ؟..
تدور .. تدور .. حكاياتنا .. وانت بقلبي ملصوقة.. يطول على الارض اغماؤنا ..
سنبقى وحين يعود الربيع !..
يعود شذانا .. واوراقنا ..
اذا يذكر الورد في مجلس ..
مع الورد .. تسرد اخبارنا ..
قصيدة سؤال ..
نزار قباني
وهكذا قررت ان لن تنتحر فقد تفترق روحيهما حتى في الاخرة .. فهو الان في الجنة .. كيف تنتحر وتذهب للنار !.. فقررت ان تتجرع نار الحياة مع غيره الى ان تلتقي به في الربيع ...
بانتظار الربيع ....
بعد مرور 20 عاما ...
هذه لم تكن قصة اسطورية .. بل قصة امي وابي .. ولدت رغما عن كل من حاول ان يبعدني .. اتنفس رغما عنهم .. اعيش واذكر ابي وامي رغما عنهم ..
مهما حاولوا اخفاء هويتي ...سأبقى اميرة رغما عنهم ..