الفصل 27

747 54 24
                                    

كانت السيارة تشق طريقها نحو المنزل بهدوء، بينما جلس تاي متكئاً إلى مسند المقعد، جفناه مغمضان، كأنه يحاول حجب العالم بأسره، أو ربما فقط تجنب رؤية جونغكوك، الذي كان يجلس بجواره.

لم يكن هو من يقود، بل احد حراسه الشخصيين ، لكن ذلك لم يغير شيئًا من الصمت الثقيل الذي خيّم بينهما.

كعادته، رفع جونغكوك يد تاي اليسرى بين كفيه الكبيرتين، كأنها شيء مقدّس، يطبع عليها قبلة دافئة، بطيئة، كأن شفتيه تهمسان بوعد صامت لا ينكسر.

كانت هذه اليد نفسها التي حاول تايهيونغ أن ينهي بها حياته، ولهذا أصبحت بالنسبة لجونغكوك أثمن ما يملك، يحيطها بحنان، يضمها إلى صدره، وكأنه يريد أن يزرع فيها دفئه، أن يمحو عنها ألمها القديم.

أما تاي، فقد كان متعبًا من سحب يده كل مرة، فتركها على ما هي عليه، وكأنه لم يعد يبالي، لكن الحقيقة كانت مختلفة.

في أعماقه، شعر بشيء يشبه الطمأنينة كلما لامسته شفاه جونغكوك، وكأن تلك القبلات الخفيفة تداوي جراحه العميقة بلمسات غير مرئية.

مضت دقائق أخرى من الصمت حتى توقفت السيارة أمام قصر جونغكوك. خرج الأخير بهدوء، التف حول السيارة وفتح الباب من جهة تاي، ثم انحنى نحوه، ولم يمنحه فرصة للاعتراض حين لف ذراعيه حول خصره، رفعه برفق وكأنه يحمل شيئًا ثمينًا، واحتضنه بطريقة جعلت تاي يشعر وكأنه معانقٌ لا محمول.

قطّب تاي حاجبيه، عابسًا، وهو يعلم أنه لن يستطيع السير على قدميه، لكنه رغم ذلك لم يستطع منع ضيقه، فتحدث بغضب مكبوت:

"لا تستغل مرضي للتقرب مني! صدّقني، لو لم تكن جراحي عميقة، لسرت دون مساعدتك!"

ابتسم جونغكوك، هدوؤه كان النقيض التام لغضب تاي، ونطق بصوت دافئ يحمل وعدًا خفيًا:
"أنت مخطئ، تاي. أنا لا أستغل مرضك، أقسم لك بذلك . . فقط اريد مساعدتك "

لم يجد الأصغر ردًا، فأدار وجهه إلى الجهة الأخرى، متجاهلًا نظرات جونغكوك، بينما الأخير بدأ يسير به نحو القصر، حاملاً إياه بين ذراعيه...

بينما كان جونغكوك يشق طريقه عبر أروقة القصر، حاملاً تاي بين ذراعيه، كان الصمت يلفهما كضباب ثقيل.

لم يحاول الأصغر التملص، ولم يحاول الأكبر كسر هذا السكون، فقط خطوات هادئة تتردد في المكان حتى وصلا إلى الصالة، حيث وقفت ماريا، تراقبهما بابتسامة لطيفة قبل أن تتحدث بنبرة دافئة:

"صباح الخير، سيدي. هل السيد الصغير بخير بعد خروجه من المستشفى؟ هل يشعر بتحسن؟"

taekook _ أنت ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن