الفصل 29

966 81 32
                                    

في عمق الليل، حين غرق العالم في صمته، استيقظ تاي على وقع أنفاس هادئة تملأ الغرفة. فتح عينيه ببطء، لتقع نظراته على جونغكوك، الجالس بجوار سريره، رأسه مائل بإنهاك وكأن النوم غلبه بينما كان يحرسه بصمت.

للحظة، بدا وكأنه كان هناك طوال الوقت، وكأن وجوده كان أمرًا مسلمًا به.

لكن ذلك لم يكن صحيحًا... أليس كذلك؟

شعور ثقيل استوطن صدر تاي، شيء بين الطمأنينة والخوف، بين الامتنان والرفض. لماذا بقي جونغكوك هنا؟ لماذا لم يرحل؟ ولماذا، رغم كل شيء، لم يزعجه هذا القرب؟!

مدّ يده ببطء، مترددًا كما لو كان يختبر واقعية اللحظة، قبل أن يضعها برفق على كتف الأكبر.

شعر بجسده يتشنج للحظة قبل أن يستيقظ ببطء، جفناه يرتفعان ليكشفا نظرات غامضة، تحمل الدهشة، والارتباك... والحذر.

"آسف... لم أقصد إيقاظك." همس بصوت خافت، وكأن كلماته تخشى أن تكسر الخيط الرقيق الذي يربط بينهما.

عينه هاربة نحو الأرض، كمن يحمل عبء خطيئة لم يقترفها، بينما تردد في أن يرفع بصره إلى زوجه الصغير ، يخشى أن يقرأ في ملامحه ما يزيد من ثقل إحساسه بالخطأ .

تاي لم يجب فورًا، فقط نظر إليه، وكأنه يحاول أن يفهم نفسه قبل أن يفهمه. ثم، بصوت بالكاد يُسمع، نطق:
"لماذا أنت هنا ؟"

جونغكوك تردد، وكأن الكلمات كانت عالقة في حلقه، قبل أن يقول بصوت مبحوح:
"لأنني... خشيت أن تراودك كوابيس، وأنت تتردد في المجيء إلي."

كلماته تلك، رغم بساطتها، حملت أكثر مما يجب. شيء ما في صدر تاي انقبض، وكأنه يرفض تصديقها، يرفض أن يمنحه هذا العذر السهل للبقاء. لكنه أيضًا لم يستطع إنكار الدفء الطفيف الذي تسلل إليه رغمًا عنه.

لكن هذا لا يغير شيئًا، أليس كذلك؟ كانا على وشك الانفصال، كان كل شيء بينهما يتداعى، وكان عليه أن يظل صلبًا... لكنه لم يستطع.

وقعت عينه على يد جونغكوك، فتوقف للحظة، متأملاً الضمادات التي تغطي آثار الحروق.

تذكر بوضوح كيف دفعه بعيدًا، كيف انسكب الحساء المغلي على جلده، وكيف رغم الألم لم يصدر الأكبر أي شكوى، لم يغضب، لم يعاتب.

كل ما فعله حينها هو التأكد من أن تاي لم يُصب بأذى. والآن، وكأن شيئًا لم يكن، ها هو يسهر على راحته، كأن جرحه لا يعني شيئًا مقابل سلامة الآخر

زم. الأصغر شفتيه بأسف قبل أن يهمس، دون أن ينظر إليه:
"أنا آسف... لا أفهم نفسي."

taekook _ أنت ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن