الرسالة

2K 78 5
                                    

في شهر شعبان, وُجد رجل مسن مستلق على ظهره.. فاغرا فاه , جاحظ العينين... متصلبا في مكانه... , وجد ميتا قرب (ند مُرة) في دبي ... وفي جيبه عثر على محفظة قديمة بكامل محتوياتها ورسالة مكتوبة بها قصته...
اسمه سعيد بن سيف الشيبي.. وقصته كما رواها في الرسالة التي كانت معه.. مروية عن أخيه خالد الشيبي"

أستسمحكم عذرا لطول القصة ولكن هذا نقلا عن أخيه:

يقول سلم الإمام تسليمة صلاة العصر.. وخرج سعيد من المسجد إلى حيث تركن سيارته.. إنه على موعد مع صديقه حميد ليذهبا في رحلة إلى " حتى " لتسلق بعض الجبال لجني العسل.
وعلى سيارته جلست قطة سوداء.. فأومأ لها سعيد كي تنزل فنزلت , واستلقت تحت سيارته.. فأراد سعيد أن يبعدها عن سيارته حتى لا يدعسها.. فأخذ حجرا ورماها بلطف على القطة.. ولكن , أصاب الحجر أنف القطة فأرداها قتيلة.. فارتعب سعيد, فركب سيارته وانطلق بعيدا نحو منزل حميد.. كان هذا عام خمسة وسبعين وتسعمائة والف... لقد تذكر ما كانت جدته تقول له " لا تؤذي قطا أسود , لأنك تكون قد أخطأت وخطأ كهذا تعاقب عليه دنيا قبل الآخرة " ... لقد أحس بالخوف برهة ولكن سرعان ما تذكر أن هذه ما هي إلا أساطير الأولين.. .
وقف سعيد بسيارته أمام منزل حميد.. ولكن شده موقف عجيب... هناك سرب من الغربان تحلق فوق منزلهم.." اللهم اجعله خيرا " ... وطرق الباب.. فخرجت له الخادمة... يبدو عليها من وجهها وكأنها قد رأت شيطانا ... وأخبرته بأن حميد مريض وهو نائم ولا يستطيع الخروج معه هذه المرة.
تضايق سعيد جدا... وحزن لمرض صديقه ولكنه و لشغفه الشديد , إنطلق لوحده نحو حتى التي تقع مع الحدود لسلطنة عمان...
ولأنه كان وحيدا أخذ يستمع لشريط به إحدى التلاوات العطرة لأحد المشايخ , وصار يردد معه الآيات إلى أن بلغ نصف الطريق.. وحان موعد أذان المغرب.. فالتفت سعيد يمنة ويسرة عله يلمح مسجدا يصلي به... .
لقد أذهل سعيد رؤية رجل مسن يؤشر له بالوقوف... فأوقف سيارته بالقرب من الرجل.. لقد كان رجلا عجوزا قد أكل منه الدهر وشرب.. فلم يبق منه سوى ظهر أحدب.. وعينان جاحظتان ورموش غليظة طويلة تكاد تحجب عنه الرؤية... وشعر مجعد طويل لم يقصه منذ قرون, ولحية وشوارب طويلة... .. كل ذلك جعلت منه رجلا مخيف المنظر ... وكل ذلك أوجس في نفس سعيد خيفة.. وازداد خوفا حين سمع صوته الجهوري :
-ياولدي.. أطلبك ابطلبة ولا تردني..
-آمر..
-هيه يا ولدي.. خذ هالرسالة وسلمها لولدي.. وانت يبان عليك ريالن طيب وخلوق.. وأنا بأمنك على الرسالة.. بس لا تسلمه إلا لولدي, ولا تخلي حد يقراها غيره..
-إن شاء الله... ووين ساكن ولدك؟
-سألتني وين.. هو يسكن في وادي صلعة الضفدع... وراء جبل المحيسبي.. على مسيرة 10 دقائق من مسجد - بالسالمي - بحتى... وهذا المسجد يعرفه الجميع.
-حسنا... مع السلامة.
-مع السلامة.. وما اذكرك... لا حد ياخذ الرسالة غير ولدي.

وركب سيارته .. ولكن سرعان ما تذكر أنه نسي أن يسأله عن اسم ابنه فوقف ليسأله... ولكن الرجل كان قد إختفى... وكأنه قد تبخر..
فازداد خوف سعيد... ولكنه أخذ يقرا بالمعوذتين وسرعان ما استعاد هدوءه... وفي السيارة أحس بمرور نسيم من الهواء البارد حوله على الرغم من إغلاقه لكل النوافذ.. ونظر في المرآة التي فوق راسه والتي من خلالها يرى من بالخلف.. فوجد الرجل العجوز جالسا خلفه يبتسم.. فتملكه الذعر فالتفت إليه فلم ير أحدا... فمسح على رأسه عله ينتبه أكثر لطريقه... وأحس سعيد بأن سيارته أصبحت ثقيلة ورأى رجلا آخر يصرخ عليه.. فأوقف سيارته وسأله عما به.. فقال الرجل.. " لماذا كان ذلك الرجل مستلقيا على ظهر سيارتك.. هل يود الإنتحار " ... أصيب سعيد بالذعر الشديد.. أي رجل وأي انتحار..ولكنه آثر أن يكمل طريقه..
وماهي إلا دقائق معدودة حتى وصل إلى حتى... أيعقل هذا.... كيف وصل بهذه السرعة؟؟ المفروض أن يصل بعد نصف ساعة من الآن.... ولمح إحدى المساجد فذهب وصلى , ثم سأل عن مسجد بالسالمي فارشدوه إليه.
نزل سعيد من سيارته بالقرب من مسجد بالسالمي ونظر إلى الجبل.. فليس هناك جبل سوى هذا الجبل... وأخرج عدته وهم بالتحرك.. ولكن أوقفه إمام المسجد وقال له:
-الى اين؟
-الى وادي صلعة الضفدع... لماذا؟
-هل ستذهب مشيا على الأقدام اوتمزح معي؟؟
-لا بل هناك منزل خلف هذا الجبل وانا اقصده
-اسمعني يا بني.. ان وادي صلعة الضفدع تقع في عمان في بر الباطنة... وخلف هذا الجبل لا يوجد اي شيء... ةقبل سنتين توفي ثلاثة اطفال من قريتنا هناك لأسباب غامضة.. ولم يذهب أحد خلف الجبل منذ تلك الحادثة... فاحذر.
-شكرا... ولكني ذاهب.. الى اللقاء.
-اسمع يا بني .. الوقت متاخر الآن.. اليس الصبح بقريب؟
-نعم ولكن علي أن انتهي من هذه المهمة الآن.

وترك الشيخ ومضى... وصعد الجبل.. الى ان بلغ القمة... إنه حقا شيء عجيب.. فالسماء في الجهة الأخرى من الجبل ملبدة بالغيوم.. والجو بارد والسماء ترعد وتبرق.. والرياح تعصف.. ولا يرى من ذلك بالطرف الآخر... فوجه مصباحه الى الأسفل ليرى ما يوجد... فوجد كوخا قديما وصغيرا..
ونزل من على سفح الجبل وكان الجبل شديد الإنحدار ونزول الجبل ليس كصعوده... فكان ينزل ببطىء.. ولكنه لا حظ شيئا مريبا... انه يسمع بكاء طفل " آه آه آه.. اهىء اهىء اهىء ".. انه انين يقطع الأمعاء ويحرق الكبد... وهو يأتي ويختفي... واختفى الصوت حين نزل سعيد من الجبل وبلغ اسفله....
ووقف سعيد بجانب المنزل ... وراى شيئا يتحرك في الظلام فوجه مصباحه اليه فاذا به ذئب شرس ينظر اليه ويمشي يمنة ويسرة .. ثم دخل من فتحة في جدار الخوخ الى الداخل... ثم انفتح باب المنزل وتناثر الغبار من على الباب وكأنه لم يفتح منذ قرن...

يتبع

حقائق عن الجن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن