أحلام

248 9 0
                                    

استقلت المركبة العامة متجهة إلى حيها في أطراف المدينة، وكان هو خلفها مراقباً كل شاردة وواردة منها، حتى رمشة عينيها، ينتظر سانحته ليغدر بها، ولكنها كانت حريصة كل الحرص..

نزلت بعد رحلة طويلة من تلك المركبة الضيقة ذات المقاعد غير المريحة، والتي تتقافز فوق شوارع خربة.

كان الركاب كلهم بمزاج قابل للعطب لأتفه الأسباب،  ونفسية قابلة للانفجار في وجه أقرب الناس، إلا هي، فقد كانت على استعداد لأن تفتح حواراً متفائلاً مع الجميع من حولها، وأن تعتذر حتى عن أخطاء الآخرين في حقها، وأن تواسي الناس في مآسيهم، وأن تبشرهم بالخير والأمل المختبئين خلف كل هذه الكآبة واليأس.

اتجهت بخطوات راقصة وهي تنحدر في شوارع حيها التي نحتتها مياه الأمطار خلال جريانها، فأصبحت مثل الأمواج ترتفع حيناً وتنخفض أحياناً. وكانت هي خفيفة الظل والروح والخطوات، تسابق الزمن والمسافات للحاق بأطفالها. ولم يفتها أن تشتري لهم في الطريق بعض الحلويات والموز وكسوة لكل طفل من سوق (ألي وارا) القريب والمتخصص في بيع الملابس المستعملة.

أعجبها فستان زاه تخيلت نفسها وهي ترتديه مستعرضة أنوثة دفنت تحت الثوب الأسود، ومعها دفنت كل أفراحها.. فصار جسدها مقبرة لغرائز ما زالت متقدة..

فكرت لحظة في شرائه، لكنها أحست بوخزة تخترق ضميرها عندما تذكرت زوجها، فأعادته بسرعة كأن شيئاً اشتعل بغتة في يدها، التزاماً بوفاء لإنسان لم يعد هناك، ولكنه يحتل صميم قلبها!

''''

أمي.. أنا خائفة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن