النهاية

198 7 1
                                    

خفق قلبها بشدة، وقفز من صدرها حتى حسبته بلغ حلقومها، وصاحت بصوت اختلط فيه الخوف والغضب، فخرج باكياً مرتجفاً: ماذا تريد؟!

قال: إفتحي وستعرفين!

صرخت: لا!

فجأة سمعت دوي طلق ناري قرب الباب، فصرخت بصوت أعلى وصرخ أطفالها برعب من سبق له أن شهد القتل وعرفه!

ازداد صراخها وهي تنادي على الجيران ولكن ما من مغيث، فلا أحد يخرج بعد سماع الطلق الناري، وموت أرملة وأطفالها أهون من موت الحي كله، وقد ثبت من تجارب سابقة أن بوم الليل هؤلاء لا يترددون في قتل كل من يقترب من موقع الحدث. لذا، وبتكتيك خبير عائش الحرب، رصت أطفالها رقوداً على الأرض آمرة إياهم بالتزام الصمت مهما حدث. ثم زحفت نحو الباب، وفتحته.. وخرجت وحدها، وهكذا اصطدمت بهم، اغرقوا عينيها في ضوء قوي يخرج من مصباح بيد أحدهم..

كانوا كتلاً بشرية يرتدون السواد كأنهم أبناء الليل نفسه، ويشهرون في وجهها أسلحتهم النارية بينما ليس لديها ما تشهره هي في وجوههم غير أمومتها المتحفزة لحماية أطفالها حتى الرمق الأخير!

امسكها أحدهم من تلابيبها، سألها عن المال سؤال العارف، وإلا سيدخلون ويبيدون أطفالها جميعاً، قالت: سأحضر لكم المال، فقط لا تروعوا أطفالي، رد أحدهم: لن نروعهم، ولكننا سنقتلهم إذا لم تعطنا المال! وأجبرها على الدخول!

دخلت. اتجهت نحو الحقيبة الحديدية. رفعتها، واتجهت بها إلى الخارج.. كانت تبكي بصمت، كأنها تحمل جثة زوجها الغائب، وقلبها يشتعل غضباً، كأنها كانت ستمزق هؤلاء المجرمين بأسنانها لو كان باستطاعتها ذلك، أو لو فقط.. كان لديها سلاح تدافع به عن نفسها وأطفالها، إذ ليس هناك منقذ، فقد صرخت هي وأطفالها حتى بح صوتهم، ودوي صوت الرصاص في بطن بيتها، لكن لم يحفل بهم أحد، ﻻ الجيران ولا حتى الشرطة..

انتزعوا الحقيبة من يدها، ومزقها أحدهم بعنف، فأخرج حصاد سني زوجها، حصاد روحه ودمه وعرقه.. وثمن حرمانهم وحنينهم ومستقبلهم. ذهبوا غير عابئين بدموعها وصراخ أطفالها كأنهم ليسوا بشراً. احتضنت الأطفال الذين كانوا يرتجفون من الفزع، أما هي فكانت ترتجف من الغضب، بل أحست بأن الأرض تكيد تحت قدميها عندما سمعت أصغر طفلاتها تقول: أمي.. أنا خائفة جداً!

تركت كل شيئ في مكانه. وفي الصباح، عندما أتى الجيران ليستطلعوا الخبر، مجرد استطلاع، لم تهتم بالرد على أسئلتهم. فقد كان لديها حزنها الخاص.. وجرحها الخاص، وغضبها على الجميع بلا استثناء جراء الجبن الذي مارسوه ضدها!

كانت تفكر في شيئ يجلب لها المال بأسرع ما يمكن،  حتى لو تبيع نفسها، لكن.. ليس لتلحق أطفالها بالمدارس، أو تشتري مؤنا تكفيهم لشهر، أو لتقتني بودا، أو لتبتكر أي تجارة مربحة تؤمن لهم دخلاً ثابتاً يقيهم شر مد الأيدي للناس.. وإنما لتشتري بندقية، فقط بندقية تدافع بها عن نفسها وأطفالها في مدينة مظلمة وظالمة!

''''
Sakura*Yakusoku

🎉 لقد انتهيت من قراءة أمي.. أنا خائفة! 🎉
أمي.. أنا خائفة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن