من الخلف

175 7 0
                                    

انطلقت نحو بيتها لتفرح أولادها، وهو خلفها، دون أن تشعر به يتتبع خطواتها المضطربة بالفرح خطوة خطوة، ويرصد شوارع حيها الضيقة المحفورة في غير ما نظام شارعاً فشارع، ويحفظ في ذاكرته موارد المياه دونكي فدونكي، ويحدد أخيراً الدرب القصير المتعرج المؤدي مباشرةً.. إلى بيتها.

ولجت البيت الصغير المتواضع المحاط بشجيرات قصيرة شديدة الكثافة والاخضرار تشكل جداراً نباتياً بسيطاً وجميلاً، لكنه غير آمن البتة، فلا يمنع الداخل والخارج، مما يجعل بيتها ساحة تسرح وتمرح فيها الكلاب المتشردة والقطط الليلية المزعجة، بل وممراً يختصر المسافة للمتجولين ليلاً..

استقبلها الصغار فرحين حد الإحتفال، يتخاطفون من يدها طلباتهم الصغيرة الساذجة، وضحكاتهم تتصاعد لتبلغ مسامع الجيران الغارقين في همومهم الخاصة غير مبالين بأفراح الآخرين أو أحزانهم..

هو أيضاً كان يستمع وينظر إلى ذلك المهرجان عندما أخذ في التحرك مبتعداً عن السور النباتي القصير.. لكن دون أن يذوب ضحك الصغار وصخبهم شيئاً من الخطط الشريرة التي امتلأ بها قلبه..

دخلت قطيتها الكبيرة. فتحت حقيبة حديدية متينة في ركن منها، ووضعت حصاد سني زوجها، حصاد روحه ودمه وعرقه.. حصاد حرمان الصغار اليتامى وثمن حنينهم وأملهم في أن يفهموا لماذا غاب والدهم كل هذه المدة وتركهم وحيدين، ولماذا كل هذا الأسى والحزن البائن في عيني أمهم وتصرفاتها.

تبعها الصغار محلقين حولها كفراشات تبحث عن رحيق. وكانت تنظر بعيون حانية تراقب سعادتهم، وتتعهد بينها وبين نفسها ألا تدعهم يشقون بعد اليوم أبداً...

''''

أمي.. أنا خائفة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن