رن المنبه الساعة الثامنة والنصف
نظرت حولي لنصفِ السرير الفارغ
بالتاكيد ذهبَ رائد للعمل
حاولت أن أنهض من السرير
ولكني التصق به اكثر فأكثر
وفي النهاية أُجبرت أن انهض حين تذكرت المناظرة الادبية المقامة في جامعة دمشق اليوم
غسلتُ وجهي واشحت بقايا الحزن المتجمعة تحت عيني كهالة سوداء ولكن ما أن مسحتها حتى
امسَكَت قبضتاي بطرفي المغسلة
واصبح رأسي أسفل الصنبور الذي يصب الماءَ البارد بجنون عليه
بكيتُ بحرقةٍ لم تستطع أن تُخمدها برودةُ تلك الماء التي
ظننت انها ستغسلُ دماغي من جوزيف
ولكنها صبته فيه أكثر فأكثر
لم يكن هناك وقت للبكاء بالنسبة للوقت
لذا
ركضت خارج الحمامِ وأنا أتجاهل أكوام الوجعِ التي ترتمي فوق كتفاي
ارتديتُ فستاني الاسود
وكعبي العال وسحبت النظارة الشمسية من درج اقمصةِ رائد.
مضيت خارجة ًوشعري المبلل يَقطُرُ الماء في ظهري
وكأنه في كل قطرة يداعب لمسات جوزيف لي..
كان الهواء قد تكفلَ بتجفيف شعري في الطريق حتى وصلتُ لتلك المناظرة التي سرت بشكل لابأس فيه
خرجتُ من الجامعة
وفكرت قليلاً بالذهاب لمطعم صديقاي ..المتزوجان منذ خمس سنوات (علا واحمد) فهناك يجتمع دائماً كل أفراد شلتنا القديمة..وكان لهذا المطعم
دورٌ أساسي في بدايات عشقي لجوزيف
مشيت متسارعة للمطعم ..فبالتأكيد هم اشتاقوا الي
لم اذهب الى هناك منذ اسبوع..منذ فاجعة انفصالي عن جوزيف
دخلت المطعم..كانت اصوات ضحكاتهم عالية
فابتسمت قبل أن يلاحظوني..كان صوت ضحكاتهم يخبرني بأن هناك وقت رائع سأمضيه معهم
وصلت لتلك الطاولة في منتصف المطعم الصغير
وقفت أمامها كي تتضارب عيناي بعيني تلك المرأة
المرأة التي رأيتها مع جوزيف في الشرفة
أوجعني منظرها وهي تحكي لهم مواقف مع جوزيف..في الماضي
لم أفهم الامر حقاً أهي تعرفه في الماضي؟ أم أن الصدمة أثرت في خلايا دماغي فلم أعي ماسمعت؟
رأيتُ ابتساماتهم وضحكاتهم ونظراتهم لها
كانت يافعةً وجميلة أراهن على أنها لم تتجاوز العشرين من عمرها..ملامحها بريئة ..وعيونها كلامها شفتيها .كل مافيها كان عُذري كل مافيها كان يطغى عليه بريقُ طفولةٍ فاتن..مقتها جداً
نظرت الي وصمتت صُدمت مِن نظراتي إليها..
وأدارت اعينها لجوزيف متسألة ..فتحديتها أنا ونظرت إليه ايضاً أغلقت عيني اليمنة قليلاً وابتسمت
ابتسامة خذلان وهززت رأسي متأسفة لما اراه
تلعثم جوزيف واصفر وجهه بلع ريقه ورطب شفتيه بلسانه..فهو يفعل هذا دوماً حين يشعر بالتوتر
رأيت البروز الذي في رقبته تفاحة الفتنة التي كدت أبتلعها يوماً كيف نزلت للاسفل ثم ارتفعت
اسطعت ان اسمع صوت ابتلاعه لريقه رغم انه لم يكن ظاهراً ابداً
قالت احدى صديقاتنا بينما هي جالسة بجانب تلك الفتاة: أين اختفيت طوال هذه المدة قلقنا عليك
اجبتها: من يقلق على الاخر يتصل ويسأل عنه
ثم اعدت النظر للفتاة متمعنة بها وهي تجلس على كرسيّي وتأخذ مكاني بين أعز أصدقائي..
أظنهم احبوا تلك البرائة التي تعتليها ..بقدر ماكرهتها
ادرت ظهري ومشيت احسست حينها بأنه لامكان لي في هذه الطاولة..فمساحتها محدودة ولايوجد اي كرسي شاغر..ولا مجال لكرسي اخر
نظرت اليهم واخرجت هذه الكلمات من بين شفتاي
فلطالما كنت صريحة معهم
صمتوا جميعهم..كانت ابتسامة الخذلان لاتفارق شفتاي بينما انظر لجوزيف وهو يضع رأسه بين كفيه وينظر الي من بين اصابعه
فالجميع احبها..جميعهم استغنوا عني..
اظنهم كرهوني منذ أن أتسخت بجوزيف
ولكنهم أخفوا الامر عني
نظرت الى تلك التي تجلس على كرسي
تلك التي سرقتهم مني..قلت لها بصوت تتضارب فيه ألف غصة..: مااسمك يافتاة
اجابت بأبتسامة بريئة : أسمي بيلسان .وابتسمت..
كززت على اسناني وقلت بنفسي ياللاسم السخيف
نظرت لجوزيف ل اخر مرة ثم أدرت ظهري وذهبت
كنت امشي وصوت كعبي يخترق سمع جوزيف ..فلم يحتمله
لحق بي ..اسرعت مشياً
واسرع هو ورائي ايضاً
ركضت بسرعة لم ارده أن يراني وأنا ابكي
لم ارد ان أنظر لعينيه
لم أرد ان اكون بجانبه ولا أن اشم عطره..
وقوفه بجانبي وحده كفيل بأن يجعلني انفجر باكية
..نعم احببته لهذه الدرجة
صرخ جوزيف: توقفي ..توقفي
ولكني تجاهلته فور ركوبي بأول سيارة اجرة توقفت لي
نظرت من زجاج السيارة ..لوحت له
بينما كان يركض كي يصل لي
رميت له قبلة ً..والكحل كان ينهمر من عيناي
ابتسمت له ..اصبح قريب جداً مني
لامست يداه زجاج السيارة
هز رأسه وشفتيه تقولان (لا لاتذهبي انتظري) يلهث وانفاسه بالكاد يسحبها
ابتسمت له وشعرت بالدموع تتسرب بين شفتيي وانا ابتسم
وطلبت من السائق أن ينطلق
..وبثوانٍ قليلة اصبح جوزيف خلفي لا يُرى سوا في الزجاج الخلفي من السيارة
عدت ونظرت اليه.. كيف كان يضئل حجمه كلما ابتعدَت السيارة عنه
لوحت له بقلب محترق..وداعاً حبيبي وداعاً للابد
ثم اختفى من ناظري..
جلست في السيارة واغمضت عيني..
وتسائلت في نفسي :
تُرى هل سأنسى جوزيف يوماً؟
قاطع تفكيري السائق بقوله ..وصلنا انستي
اعطيته النقود وفتحت باب السيارة وقبل أن اخرج كلياً
اعطيت للسائق ملاحظة : لست أنسة..أنا مدام
ومشيت ..
دخلت ذاك المبنى المقيت
وبينما كنت اصعد الدرج
عادت ذاكرتي للخلف ....
سيارة أُجرة متوجهة نحو
نفس المطعم الذي عُدت منه للتو
كنت حينها على موعد مع جوزيف
حدقت بخاتم زواجي تلاعبت به بين اصابعي
ثم قال لي السائق بعد ان نظر ليدي :
مدام لقد وصلنا
اعطيته النقود وخرجت وقبل أن اخرج كلياً من باب السيارة
اعطيته ملاحظاً مشابهة ..: لست مدام لازلت انسة
ثم اغلقت باب التكسي وخلعت خاتم زواجي
..كل هذا اصبح ذكريات قلت هذه الكلمة
ووضعت المفاتيح في باب المنزل
ولكني صدمت حين فتح من الداخل
ورأيت وجه رائد الصغير يخرج من الفتحة الصغيرة التي فتحها
ابتسم وهو ينظر الي بسذاجة :هل عدت؟
قلت له :لا لم اعد بعد
وعضضت انفه الطويل
اغلق الباب بوجهي وصرخ لن تدخلي اليوم
ففتحت الباب بمفاتيحي ومددت رأسي للداخل وقلت له : دخلت بالفعل..
كانت اواخر تلك الكلمة بالكاد تخرج من فمي
من شدة الدهشة التي اعتلتني
نظرت لكل تلك الشموع ..والورود..
ياألهي رائد ..أكل هذا لي؟ نظرت اليه وانا متفاجأة
باغتني بقبلة ونظر الى وشفتانا تكادان تتلامسان
همس وانفاسه لامست شفتي..:اذن لمن غيرك؟.End of part
لوحبيتوها وبدكم استمر
اكرموني بتعليق حتى اعرف انها اعجبتكم
أنت تقرأ
رَجلين في قلبي #wattys2015
عاطفية.. ( لامست يداه زجاج السيارة هز رأسه وشفتيه تقولان (لا لاتذهبي انتظري) يلهث وانفاسه بالكاد يسحبها ابتسمت له وشعرت بالدموع تتسرب بين شفتيي وانا ابتسم وطلبت من السائق أن ينطلق ..وبثوانٍ قليلة اصبح جوزيف خلفي لا يُرى سوا في الزجاج الخلفي من السيارة ...