خائن (3) السرد بلسان رائد

666 26 4
                                    

رفعت سماعة الهاتف ..: لقد فعلت ما وعدتك به افعل جاء دورك.
اغلقتها مجدداً..
ناديت السكريتيرة ..
دخلت بفستانها الضيق وهي تنظر الي..
قلت لها: الغي قرار فصل الانسة بيلسان وامنحيها مكافأة ايضاً...
انصاعت لما قلت وخرجت ..
نهضت من كرسي وانا البس الفرح ثوباً..
واعتلي منصة الحب بكل فخر..
انتصرت اليوم في حرب الاستنزاف التي عشتها لستة شهور ..
جُلَّ مافكرت به ..زوجتي الجميلة..انها لي الان ..
ولا شراكة بعد اليوم فيها ..
عدت للمنزل وجدتها مغشياً عليها..
والدماء بين شفتيها تحتل موقعاً..
ركضت لها..وحملتها ..لم اعرف اين اتجه..فقدت وعيي للحظة ..تداركت الحياة وطئتها في انسجة قلبي الممزقة ..
ركضت خارجاً من المنزل كي اسعفها للمشفى..
خُفت كثيراً..وانا ارى الاطباء يدخلونها في غرفة ويمنعوني من الدخول..
فكرت لو كانت هذه اخر لحظة لها..او اني لن اشم ريحها بعد اليوم..لا ادري لما دارت في دوامة عقلي هذه الافكار..
ربما لأنها اكبر مخاوفي...
ندمت كثيراً على ما اقترفته يداي..
واحسست بأني العامل المسبب لداء انتحارها..
ولكنه كان الحل الوحيد..كي احصل عليها..
بقيت على كرسي الامل جالساً والانتظار يغرز مسماره في فؤادي مع كل دقيقة يخطو بها عقرب الساعة اليتيم..
يتيم..احسست باليتم حينها ..شعرت بالشيب ينمو في ريعان ذقني ..حككتها كثيراً ..ومسحت وجهي بدموعي البائسة..
حاولت ان اكفكف شعور الذنب عن عاتقي
إلا انه أبى وستكبر ومزق اوردتي خنقاً ولوماً..
وبين اصوات فتحات الابواب وبكاء من غرف هذه المشفى الصغيرة ..سمعت صوت الطبيب يقول لي: اعتذر منكَ شديد الاعتذار ..
فوقعت ارضاً..واختفى كل شيئاً فجأة..لما يعتذر ..
لما..مالذي حدث لماستي الصغيرة..
من اخذها من ذراعي مجدداً
شعرت بيدٍ تهزني ..نظرت فوجدت الطبيب بجانب
تكلم بصوته المؤمن : يا أخي بالله عليك كن قوياً ..والا لن تستفيق زوجتك من غيبوبتها ان احست بضعفك..فتحت عيني وقلبي يكاد يقف..:
غيبوبة ..إذن لا تزال حية ..
اجاب الطبيب :نعم..لكن اظنها تحب كونها في غيبوبة.. نظرت مستغرباً فأكمل : انها تسمع وتحس بكل مايجري ..عليك ان تجعلها ترغب بالاستيقاظ كي تستيقظ ..غيبوبة روحية ..احب تسمية ماحدث معها..
ضحكت من كلام الطبيب فهو يبدو غبياً على أي حال..
ركضت نحو سريرها وامسكت يديها..
قبلت جبينها وحلفتها بأن تستيقظ..
قطعت وعوداً كثيراً وانا ابكي واقبلها..
لامست دموعي وجنتاها...
وبقيَت على هذا الحال لمدة اسبوع.
وانا اتحول لنصف شبح ونصف بشري ..
خرجت الحياة من عيني ..بكيتها جداً...
نظرت اليها وهي طريحة في الفراش..
لم احتمل رؤية ملامحها تذبل تحت تلك الاجهزة..
ولم ارد ان تنتهي حياتها هاهنا بسبب انانيتي المفرطة..
لذا دفعني احساسي بالذنب ..لنكس الاتفاق مع جوزيف..
الاتفاق الذي ابرمته معه منذ اسبوع..
قبل اليوم الذي لاقت فيه روحي طيف انتحارها ..
اتصلت بجوزيف وكان قد قطع علاقته بفرح منذ فترة
استدعيته...نظرت اليه..وددت لو اعرف مالمميز فيه ..وددت لو ارى الذي تراه فرح به..
ولكني لم استطع ان ارى سوا مسخاً حقير..
سارق للنساء امامي..منتقم كبير..
نظرت في عينيه وقلت له :اعرف كل شيء..
ارتبك ..وبلع ريقه كالابله..
لم يجاوبني ..استأنفت كلامي قائلاً..
اذاً بيلسان ابنة خالتك..
ارى انك تحبها كثيراً..
اجابني مهاجماً :انها كأختي الصغرى
اكملت بنبرتي المتعالية: انها موظفة لدي..في القسم المالي
وأنصحك بأن تبتعد عن زوجتي ..إن كنت لاتريد أن ترى بيلسان تُزج بالسجن بتهمة الاختلاس..
نهض وهو ينظر الي بغضب ..وقال: وغد...لو لم تكن وغداً لطلقت فرح منذ ان عرفت انها تخونك..
تقدم رائد الي وقال..احببتها هكذا أحببتها وهي خائنة..وحبي له كان خيانة ..
كنا انا وفرح وشاب اخر  مقربين جداً..
وكانت فرح والشاب في علاقة سوياً..
ولكنها لم تكتفي به كما كانت تقول..فعشقتني..
وخناه سوياً ..وهربنا..
كل شيء بيننا بدأ بخيانة..
ولكن سينتهي الامر الان..
ستسافر للنمسا غداً ولن أراك هنا أبداً
لمصلحة بيلسان...
ويبدو انه كان يحب بيلسان كثيراً..فتخلى عن حب حياته لأجلها..ولكني رأيت فرح في يوم سفره
رأيتها تنزل من سيارته امام منزلنا..وددت لو اني املك فأساً فأحطم به كبريائها كما حطمت شرفي ..
كما اطاحت بأسمي..
ويومها سافرَ جوزيف وظننت بأنني وصلت لخط النهاية ...دهست على انتصاري ..لاأجلها..
اقتربت من السرير وأمسكت يدها..:ماستي ..ولن تري وجهي الخائن مجدداً..سأضحي بقلبي وعيناي لأجلك ..اعلمي اني احبك..والله اني احبك..
وضعت يدها على وجنتاي وقبلتها ودموعي تحتجز بقايا كلماتي ..
قاطع بكائي جوزيف الذي دخل الغرفة كالمجنون..
كانت حُمرةُ عيناه تفوق عيناي ...
والدموع حفرت اخدوداً في وجنتيه..
سحب انفاسه بوجع ...
شعرت بأن حزني خجل من نفسه..
فأنسحبت خارجاً من الغرفة وتاركه ..وتاركاً قلبي يحترق في صدري المشتعل ..

رَجلين في قلبي #wattys2015حيث تعيش القصص. اكتشف الآن