الفصل السادس
بعد أن جهز جوردي للنوم، أخذ لوك يوقد المدفأة في حجرة المعيشة. لا أثر لراشيل. أخذ يتساءل إن كانت قد قررت أخذ حمام طويل كعادتها. حيث أصبح الحمام هو التسلية الوحيدة التي تفضلها. في إحدى الأمسيات التي مضت، وبعد العشاء مباشرة، سألتها حنا إن كانت ترغب في رؤية أمسية شعبية غنائية معها. ترددت راشيل ثم قالت:
-" إن لم يكن لديك مانع، فإني أفضل أن آخذ حماماً."
إنه ألقي بها اليوم إلي تلك النهاية المظلمة. فقد فاجأته مرة أخري بقابليتها تلك للمواجهة والمجابهة، وبحالتها المعنوية الجيدة... مما أثر فيه. لقد عرف القليل من النساء اللاتي يستطعن أن يخطين مثل هذه الخطوة ، ويتحملن مسؤولية كهذه، ودون أي مقدمات، ودون الحاجة إلي الرقص والغناء، كان هناك القليل من النقاط الصعبة. لنت عواطفه عندما أخذ يتذكر تعبيراتها المحبطة عندما أخرج يديه ، ووجد معصمه مبتلاً، من تحت جوردي.
وهذا العشاء. لم يكن يتصور أنها قد تعتزم القيام بالطبخ أبداً. حنا دائماً ما تترك الفريزر مملوءا بالوجبات السابقة الطبخ والتجهيز، وفي الواقع، لقد كان يتحتم عليه أن يخبرها بشيء عن هذا الموضوع.
رفع لوك بصره ، ليجد موضوع أفكاره وتساؤلاته ، يقف بشحمه ولحمه أمام الباب. ترتدي جيبا متعدد الألوان، وبلوزة بيضاء ناعمة برقبة مفتوحة، تنم عن مفاتنها. شعرها كان معقوصاً إلي الخلف في جديلة واحدة، وخصلات رقيقة من شعرها تلتصق برقبتها، كدليل علي حمام منعش لم تمر عليه لحظات. ونظرة عدم الثقة قد عادت إلي وجهها . كأنما، لو لم يكن هنا جوردي أو حنا لتختبئ خلفهما لكانت تضيع تماماً. فلوي لوك فمه ثانية. تري كم من الوقت يلزمها حتى تكتسب ثقتها من جديد؟.
-" هل ترغبين في شيء تشربينه. يا راش؟"
لمعت عيناها عندما وقعت علي كأس الشراب الذي بيده.
-" لا......لا، شكراً لك."
-" تفضلي بالجلوس. البيتزا ستكون جاهزة بعد خمس دقائق. لقد اتصلت بحنا أنها بخير."
-" إن هذا ليسرني سماعه."
تقدمت راشيل داخل الحجرة، وجلست علي أحد المقاعد ، ثم التقطت إحدى الوسائد الصغيرة المتناثرة ، وضمتها بين أحضانها.
-" كم يبلغ عمر حنا؟"
-" سبعين عاماً."
-" إنها تبدو في حوالي الخمسين، فلديها قدر كبير من الطاقة والنشاط. إنها تجعل كل شيء يبدو سهلاً يسير."
ولم تذهب مسحة الحزن من وجه لوك.
-" لقد قمت بجهد رائع اليوم ."
وغمر وجهها لونا أحمر، فأعجبه ذلك. أخذ يفكر، من المؤكد أنها تعلم، كم هي جيدة وطيبة. لو كانت الطريقة التي تنجز بها كل شيء مؤشراً لأسلوب عملها لوجب القول إنها تساوي وزنها ذهباً، أخذ يتأملها، وهي تشبك أصابعها سوياً، ثم قال:
-" لقد كنت رائعة مع جوردي. أنا مسرور للغاية، للطريقة التي انجذب بها إليك. لقد بدأ يتعرف علي الناس، ويرهب الأغراب بعد دقائق معدودة، لكنني في كل مرة كنت أنظر فيها إليكما معاً، لقد أصبحت مألوفة جداً لديه. لم أكن أتوقع أن أتم كل ما قمت به من عمل اليوم، أشكرك يا راش."
أدارت وجهها سريعاً ، فرأي انعكاسات نار المدفأة تلمع علي حبات دموعها. مال لوك إلي الأمام، آخذا في التقرب منها. أراد أن يصل إليها . لا يستطيع أن ينكر تلك الراحة التي أراد أن يهبها إياها، ، أكثر من ذلك . وفجأة رن جهاز التنبيه بالموقد الذي في المطبخ ، فهبت واقفة :
-" سأجهز المائدة."
عندما رأي إسراعها بالخروج، أدرك أن ذلك الجو المشحون بينهما، يجعلها في حالة ارتباك تام.
-" دعينا نأكل ها هنا . سيكون أفضل هنا بجوار النيران." منادياً عليها.
توقفت راشيل ونظرت من فوق كتفها إلي الخلف. سيكون أفضل بالفعل بجوار النيران أفضل بكثير. وارتفعت نبضات قلبها ، حتى صارت كدقات الطبول . كان لوك يبدو مختلفاً هذا المساء . كان بنطلونه الجينز ، وقميصه الأزرق الناعم ، يبدوان كما لو التصقا بجسده. جلست علي الأرض ، وامتدت ساقاها الطويلتان أمامه، في حين بدا هو مسترخياً تماماً. تلمع النيران علي وجهه، تصبغ خطوطه القوية بلون الذهب، نظراتهما تخيفها ، وتثيرها.
لا بد أنها تلك النيران، هي التي تبعث في الجو تلك الإثارة، تصبغ لون الحجرة بالفتنة والغموض. ذلك اللهيب البرتقالي بلون الأحجار الرمادية، يحيلها إلي لون ثالث غريب، فتصطبغ الحجرة كلها بانعكاساته.
عندما وضع لوك يده علي كتفها ، جعلها ذلك تقفز من مكانها. كان صوته الآمر لها ، به من القوة بقدر ما به من رقة وحنو:
-" اجلسي . استرخي. سأقوم أنا بالباقي."
لقد لمسها البعض من قبل . كثيراً. لكن أقل لمسة ، أو احتكاك ، مع هذا الرجل تبعث فيها تياراً كهربائياً ، يتركها غائبة عن الوعي. دفنت راشيل رأسها في الوسادة الصغيرة التي كانت تمسك بها، رفضت أن تنظر إليه عندما عاد يحمل الأكواب، فوضعها ثم ذهب ثانية ليحضر البيتزا.
جلس لوك علي الأرض قبالتها، وتناول قطعة البيتزا التي قدمتها له، انهمك في الأكل بعد أن تجاهلها تماماً وهي تقوم بالتقطيع لتقدمها له .
أنت تقرأ
الايمان الامل والحب
Romanceالايمان الامل والحب منذ أن وقعت عينا "لوك" علي " راشيل كارستيرز " بدت أمامه رقيقة يخشي من نسمات الهواء أن تطيح بها ...... كان وجهها البادي أمامه يشبه وجه طائر غريد ، وكان يشعر أن أعصابه تكاد تحترق ... كان يعلم أنها لا تسعي وراء المال ... تلك المرأة...