الفصل العاشر

1.5K 44 0
                                    

الفصل العاشر
في الصباح التالي، عندما دخلت راشيل إلي المطبخ، كان جوردي يجلس إلي مائدة الفطور وبقايا وجبة الحبوب تلطخ وجهه. أخذت تتطلع إليه، تغدي نفسها برؤيته بينما بدا مسروراً بذلك.
-" صباح الخير."
ولكي تبتعد عن اقتراب لوك نحو المائدة وهو يمسك فنجانه بيده، مالت نحو وجه جوردي تبحث فيه عن مكان لا يلطخه الغداء، حتى تضع قبلة عليه. فمد لها يده، كأنما يسخو عليها بملعقة من وجبة حبوبه.
-" لا.. شكراً" ، ابتسمت راشيل وهي تتفادي ملعقته الممدودة.." سأجهز طبقي الآن."
ثم أخذت تخرج الأطباق من الرف، وتجهز المائدة. كان جو المكان قد امتلأ بسكون لوك الذي أطبق، بعد تحيته تلك المختصرة.

لقد نامت جزءاً من الليل. إن العلم بما هو أفضل.. شيء، أما القيام بتنفيذه فهو شيء آخر.. شيئان مختلفان تمام الاختلاف . تنحنحت راشيل ثم استدارت، تهم بترك المكان، لا تصدق أنها مقدمة علي الرحيل، وتمتلئ خوفاً من أن تبقي. أخذ يدور بذهنها المضطرب العديد من الخطط والقرارات المتضاربة المتنوعة. أخذت تجمع طاقم المائدة وترفعه عنها. أوحت لها أشعة الشمس بموضوع للحديث،
-" إنه ليوم جميل ،أليس كذلك؟"
أي شيء أفضل من هذا الصمت المطبق.
تقلصت كتفا لوك.
-" إن الجو بارد والرياح تهب بالخارج."
وهكذا انتهي الحوار العظيم. في غير تعمد منها، فتحت أحد الأدراج ثم صفقته بشدة. فاجأها صوت سقوط طبق علي الأرض فقفزت من مكانها. استدارت نحو جوردي لتجد الذهول مرتسماً علي وجهه. يطل من فوق كرسيه العالي، ينظر إلي طبق الكورن فليكس الذي سقط علي الأرض. تقلص وجهه، بدا أن انهمار الدموع عليه ليس ببعيد. كان من الواضح أن تلك الجلبة استحوذت علي حواسه كلها. قبل أن يتفوه أي من راشيل أو لوك بكلمة، عاد الطفل ينظر إلي أعلى ويمد يديه نحوها،
-" ماما."
تسمرت راشيل في مكانها. ماما: امتص عقلها الكلمة، فاخذ رنينها يطن بداخله. لا بد أنه التقط تلك الكلمة من ديفيد وانجيلا، أنهما يناديان تريزا هكذا. لكن لم أطلقها عليها؟ أواه يا جوردي أخذت تفكر، ليس أنت، أيضاًً. وبصعوبة سمعت لوك يقول:
-" لا تخف يا جوردي" ، لكن بكاءه علا وملأ الجو، فحمله وأخذ يربت عليه مرة أخري ويحاول إسكاته.
-" اجلسي ياراش."
اخذت تنقل بصرها بين وجه جوردي ووجه لوك لأول مرة هذا الصباح. استقرت نظراته عليها كغشاء حريري يحيط بكيانها. دافئ ومتفهم. فجأة أصبح كل هذا يفوق احتمالها. استدارت وأسرعت إلي خارج الدار.
-" صباح الخير."
واستدار لوك ليجد تريزا تدخل إلي المطبخ. وضع جوردي ثانية في كرسيه العالي ثم قال:
-" أعطيه مزيداً من خليط الحبوب، من فضلك يا تريزا."
-" بالتأكيد."
كان لوك يعلم أين يمكن أن يجدها. حملته قدماه إلي تلك البقعة الخضراء المحاطة بالأشجار. كانت تلك البقعة هي المفضلة عند أمه ايضاً. كانت تتمدد ووجهها إلي أسفل فوق الأرض الخضراء الباردة، تنتحب كأنما قلبها يتمزق. بدت كالمهرة الصغيرة الضعيفة. لقد رأى ذلك التعبير الذي بدا علي وجهها عندما اندلعت دهشة جوري وخوفه. أتون العواطف هذا الذي يختبئ في هذا المكان أكد له ما كان يظنه. كانت تخاف أن ينهار ذلك البناء الحجري الذي شيدته ليحيط بأحاسيسها. بسهولة، رفعها علي ذراعيه، أوقفها فاستراح رأسها علي كتفه وببساطة عانقها وضمها إليه. بمرور الوقت تحول بكاءها إلي نحيب مزلزل أخذ يهز جسدها هزاً. ثم انفجر كل شيء بينما هو يحاول تهدئتها،

الايمان الامل والحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن