لما احمد؟

407 13 2
                                    

من بينهم جميعاً..لما كان احمد ..
تسائلت في نفسي بينما انزل في مصعد المشفى..
ساندةً روحي المحتضرة الجدار عسا ان اتجنب سقوطي
أكل الصداع رأسي ..وابتلعني الاختناق ..
وكله يعلن عن توبته عنك..
ندمه ..كله يود الموت ..
فُتح باب المصعد ليظهر لي اسامة
تجاهلته ومضيت خارجة فأوقفني..
نظرت في عينيه ..: شكراً اسامة ..فعلاً انت صديق رائع
وافلتُ ذراعي من بين يده
عاد ملاحقاً ايايَّ : اسمعيني فقط ..سأشرح لكِ
كانت لحظة ضِعف ..
لم يكن كلامه نقطة في بحر صداعي ..
كان وجعي اقسى من ان يتألم اكثر ...
كان وجعي كنزف الحمام ..ليس له من موقفٍ ..
اختياري لك هو الاعدام الذي اوقعت نفسي تحت حكمه ..
يالغبائي ..اظننتك ستحبني ..؟
اود لو اعرف ..مالذي كان يجول في خاطري حين لاحقتك
كيف سأقنع جسدي بأنك لن تلمسه ابداً..
وكيف سأشفي سكرتي من ادمان قبلاتك التي كتبتها قصيدةً مَزَّقتها رؤيتك ..
اود لو اجيد الكذب ..فأدعي ان عيناك لا تؤلمانني ..
وان صوتك لا يشبه الموت ..
فأبتسم في وجهك وانت تقتلني..
أن اجلس معك للحظة دون ان تنزف اعيني السواد من بين المقل التي ذابت بعشقك حتى ذبلت ..
...
نحن كبشر نتعلم من كل شيء
الا من الحب ..فكل تجربةٍ فاشلة
تُرجعنا اجهل من ذي قبل غائبين عن وعيٍ حالما مسنا الجرح تبخر في الفراغ
وحتى تلك الدروس التي نجزم على اننا تعلمنا منها
وتلقناها بقسوةٍ
نغمرها في طين النسيان ثم نهيكل منها تبارير لحب فاشلٍ جديد
انا انثى كثيرةُ الاسئلة ..اود ان اعرف مااصغر من الذرة واكبر من الحلم
مشتتة دوماً بين الخطأ ..والخطأ
ولم اطأ ناحية الصواب ابداً
رغم جلوسنا على طاولة القمار ذاتها
اؤمن بأن الرجال كأوراق الكوتشينا
قد تُخسرك معظمها ..وورقة واحدة يمكن ان تكونَ الرابحة
الرهان على الحب هو كمن يصوب اصبعه ناحية مهر صغير في سباقٍ للجياد
..
احياناً يراودني هاجس في لمعان النجوم
وفنجان القهوة المحلب
فيرجفني بأحدى الرشفات الساخنة
ويسائلني ..هل الحب فعلاً صفقة خاسرة؟
ام انني لا اجيد عقد الاتفاقات بين الوريقات الخائسة
..
السيجارة السابعة ..والشرفة المطلة على منزل العائلة المثالية ..امضيت ليلتي كعادتي اراقب جمال التناغم في ذاك المنزل الارضي الذي تغرد فيه اصوات الاطفال ..
ارواحهم لازالت تسكن بها ..
استطيع رؤيتهم يداعبون السلحفاة في البركة الجافة ..
خرجت الام ماري تنادي ..( ليث ..منى) تعالو للعشاء ..
ولكن لا مجيب سوا دموعي ..ودخاني المنبعث من النافذة ..
خرج زوجها محملاً بخيبة امله ..
فسألت مستغربة ...السؤال نفسه لعامين ..نسمعه انا وهو ..: ليث ومنى لا يردان اتظن انهما قد خرجا للعب خارجاً ..؟!
فينهار حاضنها باكياً ..ساحباً قطع الحلوى من بين يديها ..كي يرتميان في ارض البيت الصغير ..ويندبان روح طفليهما ..
تضرب الارض بكفيها ..مناديةً لهما ..وتضرب الكون بصرخاتها ..بدموعها ..ولا مجيب ..
لا صوت يصدر من قبريهما ..
سوا شهقات ماري التي زلزلت الوجع في جدران ذاك البيت ..
تشتري لهما ملابس العيد في كل سنةٍ..وتخبأ الهدايا خلف الشجرة الكبيرة ..
تبتاع قطعتين من الحلوى ...كأسين من الحليب ..دفترين وقلمين ..وعلبتا الوان ..
كي تدفنهما في كل عيد بداخل تربتهما المببلة بجفنيها ..قبران صغيران ..
يبثان الماً كاسراً ..
لم تكن لتمل عن مناداة اطفالها ..رغم يقينها موتهما ..
ولم يكن ليمل من سماع سؤالها ..ولا من افتراش الارض متوسلاً لها بالاستيقاظ من وهمها ..
ولم اكن لاامل من هذه المأساة التي تنشل الوجع من صميم روحي ..
رفع رأسه لشرفتي ..كان يعلم بأني الشاهد الوحيد على مأساتهم الازلية ..
ابتسمت له مثل كل مرة واغلقت النافذة ..
بعد رُبع ساعة رُن جرس المنزل ..
فتحته كي يدخل والد ليث ..كما احب تسميته
انزل قبعته الشتوية من رأسه وسحب سيجارة من منضدتي المبعثرة قبل ان يجلس على الاريكة نفسها..في بيتي المكون من غرفة واحدة
اشعل سيجارته بعلبة الكبريت ..
وقرأ ما كتب عليها بالقلم الاحمر بصوت عال ..: آحمد
تعالي هنا واحكي لي ماذا حصل ..مكملاً جملته ..
استأنفت كلامه بقولي : كيف حالها ماري ..لما تركتها وحدها الن تكفان عن زيارة المنزل هذا كل شهر ..
اجابني مخرجاً وجعه برفثةٍ رمادية : هي تصر على المجيء ..انتي تعرفينها ..
- هي لم تسامحني بعد صحيح ..تسائلت ..
-لا اظنها ستسامحك ابداً ..
اخرجت من الثلاجة الصغيرة قنينة من النبيذ ..
نظر الي مستغربا ً..
-مابك وائل احتفظ بها للمقربين فقط ..
صببت كأسه كي يشربه بكل نهم ..
وجلست مقابله ..
- اصبحت كبيراً وبان الشيب عليك ..
- الازلت تعملين في ذاك المعهد الصغير متى ستعودين لاهلك ..
- لن اعود ابداً ..يبدو انك تخطيت امر الطفلان ..انت مختلف هذه السنة
- مضت ثلاث سنوات بالفعل ..اصبح الامر طي النسيان ..
- كاذب
وارتمى على فخذاي يستر دموعه في فستاني الحريري ..
واتلاعب في شعيراته بيداي الناعمتين ..
رفع نفسه بعد ان افرغ حزنه في فستاني
ونظر الي متشكراً
مقبلاً شفتاي دون اي قيود
هامساً في اذني ..: احبك
ابتسمتُ له بكل عفويةٍ ..اعتدت تقبيله ..
نظرت له ..لشعره البني المنهمر على وجهه ..
عيناه الزرقاوان اذبلهما البكاء ..
ذقنٌ مبعثرة كستنائية ..وشفتان نحيلتان بلون الزنبق
ويتوسط وجهه سكين حادة ..
أعتني بماري ..قلتها وانا اشد رباط حذائه المهترئ
اظنها اصبحت عادة ًهذه ايضاً
- سأمضي الليلة هنا ..اجابني وهو يخلع حذائه ويرميه عند الباب ..
ايمكنك تدليكها ..سأل بكل سذاجة ..
نهضت منزعجة ..: طبعا لا
- لا على ماذا ..
اجبت ساخرة على التدليك ..
استلقى على الاريكة الوحيدة في منزلي المتواضع ..
يقلب في محطات التلفاز وانا اقلب في اوراقي ..
ماذا عن احمد ..تسائل وهو يرفع ناظريه لي ..
اجبت وانا اغادر سريري كي اجلس ارضاً على وسائد جمعتها كي اكون فيه اريكةً جديدة ..
ويرمي قدميه مجدداً في حضني ..: احمد لا يشبهكَ ابداً ..
- اسمعي دلكيها ارجوك
- ان كررت هذا الطلب سأمزق رأسك الغبي ..
- ماذا سيحصل لو فعلتي هذا ..هل سينكسر انفك الطويل
- انت سخيف ..
-ارجوكِ ارجوكِ ارجوكِ ..
-حسناً
وبعد معركة التدليك التي كانت نهايتها ضربة على رأس وائل جلست في الجهة المقابلة من الاريكة ..
احضن لوح الشوكولاة الذي جلبه معه ..
لا اكل هذا النوع منها سوا حين يأتي وائل ..فهي تحمل لذةً مختلفةً معه ..
قنينة نبيذه ولوح الشوكولاه ..كغراميات ازقة شأم العتيقة
عنصران لا ينقصان في سهراتنا ..
قبلتِ القنينة شفتيه معطيةً اياه نبيذها ..
مسح فمه ونظر وهو يهز القنينة ..: اذن كيف يبدو احمد ..
اجبت بفم مليئ بالشوكولاة : اشقر ..واسمر ..
قصير وطويل ..وسيم وجميل ..ذكي وساذج
يحمل هالة ترافقه دوماً ..
قاطع شرودي وائل وهو يركلني في خاصرتي : ماهذه النظرات عيناك تلمع كأنها قطعة نقدية في ارض ملجأ للايتام ..
رميت الوسادة عليه : ماهذا التشبيه التافه ..الناس تشبه عيناي بالبحر الواسع بالقمر في الغسق ..
ولكن قطعة نقدية ..وفي ملجأ ايتام ..
ياللهي ..الرومنسية عندك معدومة
ضحك مستهزءاً : اكملي فقط ..
قضمت من الشوكولاة وعدت قافزة على الاريكة .: وجهه اسمر ..وعيناه فضيتان ..عسليتان..
شفتاه من النوع
الذي احب..ذقنه جميلة ..
وجسده جميل...يتصف بالاخلاق ..وكل مايحتويه مثالي ..
وانهيت كلامي بقفزة على الارض وانا ابتسم بوجه وائل ..:
نعم واكثر عنصر مثالي فيه انه لايحبكك..قالها وضحك عالياً
تافه صرخت في وجهه وادرت ظهري ..شدني اليه واجلسني بحضنه...نامي الليلة هنا..
فتغيرت ملامح السعادة والمزاح ليضمحل الوجع في طيات وجهي ..
- وائل ارجوك..ماري لاتستحق ذلك ..
اجاب هامساً في اذني ..ولكني احبك افهمي ..
- وانا احبك ..ولكن ..
لا يوجد لكن ..
وامضيت له على اوراق قبولي بحبه بقبلة على الشفاه ..
انهاها وهو يهمس
-مضت ثلاث سنوات لم تنامي فيها بحضني ..
-كدت انساك ..انت غير مُباح..حبك ذنب سيمزق حياتي
- احبيني بلا عقدٍ وضيعي في خطوط يدي..احبيني ..
- انت غير مبال دوماً ..
خنقني بحضنه مستلقياً رافعاً تنهداته للسماء صارخاً بعمق ..أحبــكِ
قبلت دفئه واغمضت عيناي غارقةٍ في حضنٍ اخر ..
حضنٍ اخر ليس لي
...
وائل هو رجلٌ استثنائي في فيزولوجيا حياتي اللا منطقية ..
يؤمن بأن الغمرة من هدايا قداس الحب
وانا اكبر مستحقة لهدايا كتلك من رجلٍ مِثله
.لطالما تسائلت في نفسي ..إن كانت اصابعه كاذبة
..
لطالما فكرت لو كانت نغماته اصدارٌ قديم
غُنيت في احضانٍ كثيرة
ولكن مذ ارتمي معتمرة طيلسان صدره ووشاح ساعديه ...يتناسى العقل الكريه كل ما افناني به حينما كنت جالسةً بمفردي
..اسم وائل وقعه خاص في قلبي
تتابع احرفه دائماً في مخيلتي بأكليل من الزهور
ونجمة اعلاه
كان رَجُل مخيلتي يحمله اسماً
وكنت دوماً انتظر

~انثى لجميع الرجال..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن