من بين كل التفسيرات التي يمكن لبايلي أن تقدمه ، ومن بين كل الأعذار التي يمكن ان تذكرها بباركر ، لم يكن لديها ادنى فكرة لماذا ذكرت ذوب العرس . وفرض عليها الأحراج الكامل خطوتها التالية ، فعلقت سماعة الهاتف في مكانها .
وعلى الفور ، راح جرس الهاتف يرن ، فنظرت إلية مدهوشة . سدت اذنيها بيديها ، وسارعت إل غرفة الجلوس ، لتغوص في مقعد وثبر ، وتتقوقع على نفسها .
17 رنة .
لقد ترك باركر جرس الهاتف يدق إلى ان اقتنعت بايلي بانه لن يتوقف وبد الصمت الذي تبع الرنين وكأنه يتردد صدى في ارجاء الشقة الصغيرة .
وكانت قد بدأت تستجمع أفكارها حين سمعت قرعاً على بابها . فرفع ماكس رأسة من على طابعتها وكأنه يطالبها بوقف هذا الإوعاج الذي نغص عليه امسيتة .
قال باركر بهجة آمره لم تستطع تجاهلها : بايلي .. افتحي الباب .
فوقفت على مضض وشدت الباب تفتحة .. كان سيجد من دون شك طريقة للدخول ، وإذا قاومت ، فسيخرج السيدة مورغان من منزلها لتفتح له .
دخل كالعاصفة إلى غرفة جلوسها وكأن النار تلتهم المكان . ووقف ، جرئاً كالحياة ، وسط الغرفة ، ثم نظر حولة ، وهو يمرر يدة في شعرة .
- ماذا قلت عن ثوب العرس ؟
كانت بايلي لا تزال تمسك مقبض الباب ، فرفعت نظرها إلة وهي تهز كتفيها قائلة : نسيت أن اقول لك انة مستخدم قليلاً .
- مستخدم قليلاً ؟
- هذا ما حاولت شرحة لك .
سألها بخشونة : هل أنت متزوجة ؟
ادهشها السؤال ، مع انه يجب ان لا يدهشها ، فهما يتحدثان عن ثوب عرس .
- يا إلاهي .. لا .
- إذن .. ماذا تعنين بأنه مستخدم قليلاً ؟
- لقد جربتة مرات عدة ، ودفعت ثمنة ، لكنه لم يدخل الكنيسة .
وأقفلت الباب واستندت إلية قليلاً .
- هل ترغبين في اخباري القصة ؟
واجابت : ليس بشكل خاص .. في الواقع لا افهم لماذا ذكرت الموضوع .. لكن بما أنك هنا الآن ، هل تريد فنجان قهوة ؟
لم تنتظر ردة ، ودخلت المطبخ واخذت آلياً كوباً من الخزف .
- ما كان اسمة ؟
- في أي مرة ؟ المرة الأولى كان بول ، وتبعة توم بعد بضع سنوات .
كانت بهجتها مليئة بسخرية مريرة ، وهي تملأ الكوب وتعطية إياه ، وصبت كوباً لنفسها .
- افهم من هذا أن الثوب الهام جداً ، قد استخدم " قليلاً " اكثر من مرة ؟
- بالضبط .
وسارت امامة إلى غرفة الجلوس ، وجلست على الأريكة ، تاركة المقعد الوثير لباركر ، ثم أكملت : وهذا امر لا اختار ان اذيعة ، لكن لدي مشكلة في البقاء مع رجل على ما يبدو . ولأكون منصفة ، يجل أن اعترف أنني اشتريت الفستان لعرسي مع توب ، حطيبي الثاني .. انا وباول لم نصل إلى هذه المرحلة قبل أن .. يرحل .
آخر كلمة قالتها كانت بالكاد مسموعة .
فسأل باركر وعيناه لطيفتان وحائرتان : ولماذا تحتفظين بالفستان ؟
واشاحت بايلي بوجهها فهي لا تريد شفقتة ولا تحتاج حنانه .
لكن إذا كان صحيحاً ، فلماذا تشعر بالبرد والوحدة ؟
- بايلي ؟
- انه فستان جميل .
كان من الدانتيل المخرم على حرير ابيض فخم ، والؤلؤ يزين اكمامة الطويلة ، مع صدر ضيق وتنورة انيقة واسعة . انه ثوب عرس تحلم كل امرأه بأن ترتدية ، فستان يعكس معنا الرومانسية والحب ..
وبدلاً من ترك ثوب العرس في منزل والديها ، رتبته بايلي بحرص ونقلته معها إلى سان فرانسيسكو .. وها هو باركر يسئلها عن السبب ، وافترضت بايلي وجود سبب منطقي وراء تصرفها ، دافع خفي مدفون في عقلها الباطن . لعلة وسيلة تذكرها بضرورة ألا تثق بالرجال .
سألها باركر بحذر ، وكأنه يحاول أن يرفع ضمادة عن جرح قديم لم يشفي بعد ، من دون إيلامها :
- وهل احببتهما ؟
همست وهي تنظر إلى قهوتها : طننت انني احببتهما . ولأكون صادقة ، لم اعد اعرف .
- اخبريني عن بول .
كررت الأسم بذهول : بول .. إلتقينا في سينتنا الأولى في الجامعة .
ودا لها هذا منذ زمن طويل ، مع أن الفترة قصيرة نسبياً .
وانها كلامها : ووقعتما بالحب .
- بسرعة .. كان يدرس الحقوق ، كان لامعاً ومرحاً ، ومتشبثاً برأيه . قضيت ساعات وانا استمع إليه ، إذ كان يبدو وكأنه يعرف بالضبط ما يريد وكيف يحصل علية .
- وكان يريدك .
ترددت : في البداية .. لم التقي فاليري ، وأظن انه لم يشأ أن يقع غي غرامها .
كانت بايلي مقتنعة بذلك ، فهي تعرف بأن بأول حاولت التمسك بحبه لها . لكنه في النهاية اختار فيليري .. وأضافت : وتركت الجامعة بعد وقت قصير إذ لم اعد اتحمل بقائي هناك ، وأنا اراهما معاً .
وبدا لها هذا عملاً جباناً ، فقد خاب امل والديها . لكنها تابعت دراستها في كلية التجارة ، لتتخرج مساعدة قانونية بعد سنة .
رفعت نظرها إلى باركر ، وخاطرت بابتسامه : كان علي أن اعرف أن باول ليس بطلاً .
- وكيف هذا ؟
- أنت تقص شعرك عند حلاق حقيقي ، وليس عند مصفف شعر .
هز رأسة : أجل .. وكيف عرفت هذا ؟
- أنت ترتدي ثياباً محافظة ، وتفضل ارتداء الجوارب مع الحذاء .
قال وكأنه لم يفهم مغزى حديثها : هذا صحيح .. لكن كيف عرفت ؟
- أنت تفضل قهوتك في كوب بدل من الفنجان
- أجل .
- أنت بطل .. أتذكر ؟
وخاطرت بالبتسامه ثانية . . مسرةرة بدقة وحسن تقيمها لعاداته .
- على الأقل تعلمت شيئا ما من كل هذا .. وهو كيف اتعرف على الرجل الحقيقي حين ألتقيه .
- أولم يكن بأول او توب رجلين حقيقين ؟
- لا .. بل كانا زائفاين ومكلفين .. مكلفين لكرامتي .
وغيرت جلستها ، ولفت ذراعها حول ساقيها : وبهذا اتخذت موقعاً دفاعياً وأكملت : قبل أن تصل إلى أي استنتاج ، يجب أن تعرف أن السبب الوحيد لحاجتي إلى بطل هو " لك إلى الأبد " . وأنت نموذج رائع مكتمل بمايكل .
- لكنك لا تريدين ان تتورطي ، شخصياً ، معي .
- بالضبط .
وبعد أن اتضحت الأمور احست بايلي بالإرتياح . الآن وقد فهم بااركر الحقيقة سيزول الضغط ، ولن يكون هناك توقعات غير منطقية .
أضافت بأدب : انا كتب قصص رومانسية وانت من النوع البطل . علاقتنا علاقة عمل ، مع إنني ممتنة لصداقتك .
بدا أن باركر يفكر في كلماتها إذ صمت للحظات قبل أن يهز رأسه قائلاً : كان يمكن أن اتقبل ما تقولينة لولا اكر واحد .
إلتفتت بايلي إلى باركر مستفهمة ، فأضاف : المشاعر التي تتفجر كلما تواجدنا سوية .
فأخفضت عينيها على الفور وسرت قشعريرة اردة في ظهرها .
وأرادت ان تصرخ : هذه قسوة غير عادلة ! لكنها تمتمت : اوه .. لا اعتقد ان علينا مناقشة هذا .
- ولم لا ؟
ردت بقوة : لقائنا كان للبحث فقط .. وهذا كل ما في الأمر .
حاولت جاهدة ان تقنع نفسها ، والتفتت نحوة وابتسمت بجرأه ، وهي تأمل أن لا يعلق على كامها .
لكنه فعل ، وقال مجادلاً : حسناً جداً .. لن يضر إذن إن خرجنا معاً مرة اخرى ، أليس كذلك ؟
لكنها اصرت : لا .. لا لزم لهذا .
- ان لا اوافقك الرأي .
ووقف ، وتقدم نحوها ، فشدت على ساقيها أكثر وتأوهت .
أكد لها باركر : لا داعي للقلق .
- أوليس هناك ما يقلق ؟ أعني .. بالطبع لا .. لكن هذا المواقف تجعلني غير مرتاحة .
- ولماذا ؟
ألا يمكن لهذا الرجل أن يتقبل تفسيراً بطيئاً ولو لمرة واحد ؟
تنهدت بايلي ، وقالت بفضفاضة : حسن جداً ، أنت رجل صعب وتطرح الكثير من الأسئلة .
وأنزلت قدميها إلى الأرض ، وسوت كنزتها ، واغمضت عينيها بشدة ..
وحين فتحت عينيها ، اكتشفت أن باركر يجلس إلى جانبها ، ووجهه يكاد يلمس وجهها ، وقد ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه .
فسألت غاضبة : هل أسليك ؟
قال باركر : ليس تسلية لاضبط .
وبدا انة بقاوم رغبة في القهقة ، فقالت ، بقدر ما استطاعت من التزمت : اعتقد أن علينا نسيان كل هذا .
ووقفت لتحمل كوباً إلى المطبخ واستدارت لتأخذ كوبة ، لكنها وجدت نفسها تحدق إلى عينين تشعان حناناً .
قال هامساً بكلمات ناعمة ترافقت مع نظرتة الدافئة : كلا الرجلين احمق .
احست بالذعر ، وارتفع قلبها إلى حلقها واخذ يضرب بجنون . ماذا يحاول أن يفعل ؟ شعرت انها تكاد تنهار فهي ضعيفة وغير مستعدة الآن ، كما ان كلماته تجعلها تشعر بالعجز والوهن .
وما لبثت بايلي أن احست انها مححاصرة بين شعورها بالإضطراب والأسى .
فاستدارت قائلة بصوت يرتجف : هل انت واثق مما تقولة ؟
فرد متصلباً : نعم .. يمكنك خداع نفسك إذا شئت ، لكن كلانا يعرف الحقيقة ..
وابعدت الشعر عن جبينها ، وتمكنت من رسم ابتسامه زائفة على وجهها ، وعادت لستدير وتواجهه .
- ما كان علي أن اذكر فستان العرس ، ولا اعرف لماذا فعلت ، وما الذي ادى إلى تلك الهستيرية .
- انا مسرور لأنكي فعلت .. وبايلي .. لا تشعري ابداً انك مضطرة للإعتذار .
- شكراً لك .
وسبقتة إلى بابها . فوقف ليربت على رأس ماكس ، الذي لم يفتح عينية ليرى من يلاعبة ، وسئل : هل ينام دائماً على طابعتك ؟
- لا .. فهو يسر اياناً على احتلال وسادتي ، ولاسيما حين استخدمها .
ضحك باركر .. واقسمت بايلي أنها لم تلتقي من قبل برجل له ابتسامة بمثل هذه الجاذبية .
واحست وكأنها تراقب الشمس وهي تطل من بين الغيوم بعد مطر غزير . وبقوة إرادة عظيمة تمكنت من ان تشيح بنظرها عنه .
وقف عند الباب ، وقال : سأراك فيما بعد .
همست : أجل .
وضع يدة على خدها بحنان وقال : بايلي ؟ تذكري انك لست الوحيدة التي غرر بها الحب .. فهذا يحدث لأفضل الناس .
ربما .. لكن باركر بطل حي ، رجل من النوع الذي تشتري النساء ملاين الكتب في السنة ليقرأن عنه ، ويحلمن به ، وتشك انه عرف يوماً معنى أن يصفعة الحب على وجهه .
- لا يبدو انك تصدقيني ..
نظرت بايلي إلية ، وقد ادهشها أنه قرأ افكارها بوضوح .
واكمل بهدوء : انت مخطأة . . لقد خسرت شخصاً احببته .
وهنا ، انزل يده ، وسار مبتعداً ، ثم اقفل الباب ورائه .
وعندما تمكنت بايلي من استعادة رباط جأشها وركضت خلفة لتسأله ، وجدت الممر الخارجي خالياً .. لقد حسر باركر حباً إذاً ؟ ما من امرأه واعية وذكية يمكنهاان تبتعد عن باركر دايفدسون .
أنه بطل .
قالت بايلي لجو آن وهما تسيران لمكز عملهاما : اخشى انني فعلتها مرة اخرى .
الصخب والزحام ذلك الصباح في القطار السريع ، جعلا الحديث مستحلا
- ماذا فعلت ؟
- ارتكبت غلطة فادحة مع باركر دايفدسون .. انه ..
قاطعتها جو آن بإثارة : هل قرأته اسمة في الصحيفة مساء الأمس ؟ كان خبراً صغيراً في الأخبار المحلية . كدت اتصل بك ، لكنني عرفت انني سأراك هذا الصباح ولم ارغب في مقاطعتك وانت تكتبين .
- لقد رأيت المقال .
- تأثر دان لأننا نعرفة .. يبدو ان اسمه اشتهر في السنوات الماضية . لكني لم اكن انتبه لمثل هذه الأمور ، فكل ما ليس له علاقة بالتأمين الطبي أو الكتابة ، يفوتني . إنما دان سمع به وهذا طبيعي لأنه يعمل في البناء .. هل تعلمين أن باركر ربح جائزة وطنيه هامة بسبب منزل مبتكر السنة الماضية ؟
- لا .
توقفت جو آن عن السير وقالت : أنا لآسفة .. لقد قاطعتك .. ألم افعل ؟ ماذا كنت تقولين ؟
لم تكن بايلي واثقة مما عليها أن تقوله لها : لقد جاء إلى شقتي ..
- باركر جاء إى شقتك ؟
وبدا عدم التصيق على جو آن ،وكأن بايلي حظيت بزيارة شخصية عظيمة .
ولم تعرف بايلي ما خطب جو آن فهي لا تدعها تنطق بكلمة من دون مقاطعتها .
- اخطأت حين اخبرتة عن الفستان ، ففي البداية ، اعتقد انني متزوجة .
تسمرت جو آن ، وضاقت عيناها ثم سألتها : وهل لديك فستان عرس في حزانتك ؟
نسيت بايلي أنها لم تخبر جو آن من قبل عن بول وتوم . وهي لا ترغب في الشرح الآن ، لاسيما في هذا اليوم البارد من ايام شباط وسط رصيف مزدحم في سان فرانسيسكو . تمتمت بايلي وهي تنظر إلى ساعتها : يالا السماء .. هل تدركين كم الساعة الآن ؟
فصاحت جو آن وهي تمسك بساعد بايلي : اوه .. لا .. لن تذكبي يا بايلي يورك ،لن تتركيني .. ليس من دون تفسير .
- الأمر ليس مهماً .. كنت مخطوبة .
- متى ؟ مؤخراً
نظرت بايلي بالشتياق إلى مكان عملها وردت بإجاز مبهم : اجل ، ولا .
سألت جو آن : ماذا تعنين ؟
- خطبت مرتين .. وفي المرتين تخلى الرجل عني هل اكتفيت الآن ؟
تفسيرها لم يرض جو آن : مرتين ؟ لكن ، ما دخل باركر بهذا ؟ ليست غلطتة إن نبذك هذا ن الرجلان . أليس كذلك ؟
ردت بايلي بحدة ، وهي ساخطة تماماً : بالطبع لا .
وفقدت صبرها .. اخطأت حين ذكرت اسم الرجل ، فقد اصبحت جو آن اكبر مدافعة عن باركر ، من دون ان تراعي انها صديقتها المفضلة .
لمن يبدو ان باركر ومن جهة نظر جو آن الشاردة ، لا مكن أن يخطأ .
- وهل افترض انك متزوجة ؟
ردت بالي بهدوء : لا تقلقي .. لقد شرحت له الأمر .. اسمعي ، سوف نتأخر عن عملنا .. سأكلمك فيما بعد .
- ستفعلين طبعاً .. لديك الكثير لتشرحية .
وخطت خطوتين ، ثم عادت ادراجها لتتفرس في بايلي ، وكأنها تراها للمرة الأولى .
- كنت مخطوبة ؟ مرتان ؟ مرتان ولرجلين مختلفين ؟
وفجأه ، ابتسمت جو آن ابتسامة عريضة واضافت : تعرفين ما يقولون أليس كذلك ؟ الثالث ثابت .. وباركر دايفدسون فاتن ، وثابت . سأتصل بك هذا المساء .
وبتلويحه سريعة من يدها ، استدارت وقطعت الشارع على عجل .
ما إن حل موعد الغداء ، حتى تأكدت بايلي من ان يومها كارثة .. فقد وضعت ملفاً ما في غير مكانة .. وقطعت الخ صارخة في وجة زبون .. كما امضت ساعتين وهي تطبع تقريراً ، ثم ضغت الزر الخاطئ في الكمبيوتر ، فخسرت الوثيقة كلها . لهذا ، قررت الإستفادة من ساعة الغداء علها تعدل مزاجها .
وجدت بايي نفسها امام مكتب باركر ، ولم تعرف ما إذا حصل هذا صدفة ام إن لا وعيها دفعها إلى ذلك . نظرت إلى المبنى للحظات ، مترددة ، متشوقة لسؤاله عما كان يعنية حين قال إنه فقد شخصاً يحبة .. وكان عليها أن تعرف الجواب وإلا ستقضي بقية يومها تغضب رئيسها وتزعج الزبائن المهمين . لقد خيب باركر املها ، فما كان علية أن يتركها من دون تفسير .. هذا غير عادل .. لقد اصغى إلى تفاصي " حبها " المذلة ، لكنه لم يشاركها ألمة .
أشرق وجة روزان سنايدر ، موظفة الإستقبال في المؤسسة حين دخلت بايلي إلى المكتب .
- اوه آنسة يورك .. يسؤني ان اراك ثانياً .
ردت بايلي وهي تستجيب للترحيب الدافئ بشكل طبيعي : شكراً لك .
اخذت الموضفة تفتش في صفحة المواعيد قائلة : هل يتوقع السيد ديفدسون حضورك ؟ انا آسفة جداً إذا كنت ...
تقدمت بايلي من مكتب المرأه اللطيفة وقالت : لا .. لا .. حتى إنني لم اكن متأكدة من العثور على باركر .
- إنه هنا . وسيكون مسروراً لرؤيتك .. ادخلي ، سأعلمة بوصولك . تعرفين الطريق ، أليس كذلك ؟
استدارت وهي تشير إلى الممر : مكتب السيد دايد سون آخر باب إلى اليسار .
ترددت بايلي خوفاً من أن يكون ظهورها من دون موعد تصرفاً غير لائق .. وكان بإمكانها أن تغادر ، ان تتسلل مبتعدة بهدوء إلا أن روزان اعلمت بوجودها بمرح .
وقبل ان تتحرك بايلي انفتح باب مكتب باركر . ورأته ينتظر متكئ إلى إيطار الباب بكسل ، ويداه في جيبه ، وقكأن يتوقع وصولها طيلة فترة الصباح ، ويتسائل عما أخرها .
شدت من عزيمتها ، واسرعت نحوة . تحوك جانباً ، ثم اقفل الباب بعد دخولها ، وصدمهها منظر الخليج الجميل من جديد . لكنها لم تسمح لهذا بأن يلهيها عن هدفها .
قال : إنه مفاجأه غير متوقعة .
كانت اعصابها متوترة .. وبدت كلماتها اقسى مما كانت تنوي : كان تصرفك غير لائق .
- ماذا فعلت ؟ حسناً يا بايلي ، هل سنكرر ما قلناه ؟ يجل ان تتوقفي عن الكذب غبى نفسك .
شدت قبضتي يديها وقالت : كان يومي سيئاً ، وهذا لا شأن له بما جرى بالأمس .. وانت تعرف هذا .
- لا شأن له ؟
غاصت في المقعد و قالت : لقد مرغت كرامتي في الوحل من أجلك .
أكملت معترضه و هي تلوح بيدها : حسن جداً .. لعل في هذا مبالغة .
- مبالغة ؟
أثار توترها أن تشرح له كل كلمة تقولها : أعني الكلام المبالغ فيه .. غير واقعي .. هل تظن أنني أستمتع بمشاركة الناس خزيي ؟ فالمرأة ليست على استعداد لأن تنبش الأحداث المؤلمة و المذلة في ماضيها لتعترف بها لك .. لم يكن هذا سهلاً .. و أنت تعرف هذا .
دار باركر حول المنضدة و جلس على كرسيه و هو يدعك فكه .
- و هل هذا الحديث علاقة بثوب العرس المستخدم قليلاً ؟
فردت ساخطة : أجل .. من المهين جداً لي أن أعترف لك كيف أن رجلين .. و ليس واحداً ، بل رجلين نبذاني تقريباً عند عتبة الكنيسة .
تلاشى المرح في عيني باركر : أدرك هذا .
فردت بحرارة : لا .. أنت لا تدرك . و إلا لما تركتني مع آخر كلمة و أنت تغادز .
- آخر كلمة و أنا أغادر ؟
أغمضت عينيها ببطء ، راجيه أن يمنحها الله الصبر .
- و أنت تغادر ، ذكرت شيئاً عن فقدانك لشخص تحبه .. فلماذا أطلعك على ذلي ، و أنت لا تفعل ؟ لقد خاب أملي و ..
فتجمدت الكلمات في حنجرتها .
كان باركر هادئاً للغاية ، و بديت عيناه و كأنهما تأسران عينيها و قال : أنتِ على حق .. كان هذا فظاظتاً مني ، و ليس لدي أي عذر .
ردت بجفاء : أوه .. لابد أن يكون لديك عذر .
إنه بطل .. أليس كذلك ؟ كان عليها أن تعرف .. و هزت رأسها غاضبة من نفسها بقدر غضبها منه .
سأل باركر : لدي ؟
- أجل .. و كان علي أن أعرف هذا من قبل .. يجد الأبطال عادة صعوبة عن الكشف في نقاط ضعفهم .. و يبدو أن هذه المرأة .. التي أحببتها ، جرحت كرامتك ، و لمست نقاط ضعفك .. صدقني ، هذا أمر اختبرته ، و لا داعي لشرحه لي .
استعدت للرحيل و هي تدرك أنها حكمت على باركر بقسوة .
جادلها : أنت على حق .. لقد أطلعتني على سر خبأته في أعماق نفسه و كان علي أن أحذو حذوك . لم يكن إنصافاً مني أن أرحل كما فعلت .
- ربما .. لكنك كنت صادقاً مع نفسك .
أوشكت أن تودعه و أن تخرج من الباب لكن نظرة الألم التي ظهرت على وجهه استوقفتها .
- سأقول لك .. من الإنصاف أن تعرفي .. أجلسي .
فعلت بايلي ما طلبه منها ، و راحت تراقبه بحذر .
ابتسم باركر ، لكنها لم تكن ابتسامته الفاتنة المعتادة .. بل ابتسامة متوترة ، و كأنها تكشيرة ألم .
- كان اسمها ماريا .. التقيتها أثناء وجودي في أسبانيا منذ 15 سنه . كنا صغيرين جداً ، و وقعنا في الحب . أردت أن أتزوجها و أن أصطحبها معي إلى أمريكا .. لكن عائلتها .. حسناً .. يكفي أن أقول إن عائلتها رفضت أن تتزوج ابنتها غريبة ، و حالة مئات السنوات من التقاليد ، و العادات بيننا . و حين خيرت ماريا بين عائلتها و بيني ، اختارت أن تبقى في مدريد .
و صمت ثم هز كتفيه قبل أن يضيف : أدرك الآن أنها أصابت في اختيارها ، لكن الأمر كان مؤلماً يومها كما أدركت كم كان قرارها صعباً .. و عرفت بعض بضعه أشهر ، أنها تزوجت شخصاً رضيت به عائلتها أكثر من تلميذ أمريكي .
- أنا آسفة .
هز رأسه و كأنما ليبعد عنها الذكرى .
- لا داعي لأسفك . و بالرغم من أنني أحببتها كثيراً .. إلا أن العلاقة ما كانت لتستمر .. لم تكن ماريا لتسعد هنا ، و أدركت الآن مدى بعد نظرها .
- لقد أحبتك .
- أجل .. أحبتني بقدر ما تجرأت . لكن ، في النهاية ، كان الواجب و العائلة أهم من الحب .
لم تجد بايلي الكلمات اللازمة لتطيب خاطره . و تألم قلبها للفتى الذي خسر حبه .. مع ذلك لم تستطع سوى أن تعجب بشجاعة الفتاة التي ضحت بقلبها و حياتها من أجل ما تعتبره صواباً .
أضاف باركر : أعتقد أن ما آلمني أكثر ، هو أنها تزوجت شخصاً آخر بسرعة .
و فهمت بايلي ألمه فقالت : باول و توم تزوجا بسرعة أيضاَ .
هدأ المكتب للحظه ، ثم كسر باركر الصمت ، قائلاً : هل سنجلس هنا و نتذكر الأحداث الكئيبة طيلة بعد الظهر ؟ أم نخرج لتناول الغداء معاً ؟
ابتسمت بايلي : يمكنك إقناعي بهذا بسهولة .
كان صباحها بائساً ، لكن بعد ظهرها يبدو و أكثر إشراقا الآن . ووقفت ، و هي لا تزال تبتسم لباركر : أمر واحد تعلمته خلال هذه السنوات ، و هو ألا أدع البؤس ينغظ علي وقت الطعام .
ضحك باركر ، و قال : لدي مفاجأة صغيرة لك .
و مد يده إلى جيب سترته مضيفاً : كنت سأستبقيها لما بعد ، لكن يبدو لي الوقت مناسباً الآن .
و أعطاها بطاقتين فنظرت بايلي إليهما و قد فقدت قدرتها على النطق .
قال باركر شارحاً : بطاقتان لحفلة " البوب " . كما سيقدمون عرضاً لمسبقة الروك في الستينات .
و بدا لي من المناسب أن يحضرها جانيس و مايكل .
---------------------
#تم الفصل السابع
أنت تقرأ
روايات احلام/ لك الى الابد
Romanceكيف يمكن لأمرأه فاشلة في الحب أن تكتب عنة ؟ وهل من مكان افضل من رواية الحب تدفن فية بايلي يورك أملها المكسور ؟ على الأقل في الرواية لا يموت الحب ولا يهرب البطل في اللحظة الأخيرة .... لكن هل هذا البطل موجود فعلاً في الحياة ؟ سؤال حير بايلي حتى ظهر با...