المواجهة

4.6K 126 0
                                    

المواجهة

لم تستطع بايلي النطق ، ولو كلفها هذا حياتها .
- جانيس هامبتون على ما اعتقد ؟
هزت بايلي رأسها لأن ببساطة اسهل عليها من الشرح .
وتأملتها عينا باركر ببطء من الرأس حتى القدمين .. وبدا جليلً انة لم يرى ما يرضيه ؟
- أنت لست صديقة قديمة للعائلة ، أليس كذلك ؟
بقيت صامتة ، واجابت بهز رأسها نافية
- هذا ما ظننته .. ماذا تريدين ؟
وعجزت بايلي عن التفكير بكلمة مفهومة . فأعاد طرح السؤال بعد أن اتضح له أنها تلاقي صعوبة في الإجابة على أكثر الأسئلة بساطة .
ولم تعرف بايلي بماذا تبدأ أو تقول .. فالحقيقة لن تفيد ، لكنها لا تعرف إذا كانت على الكذب بشكل مقنع .
قال بحدة : إذن ، أنت لا تتركين لي خيار سوى استدعاء الشرطة .
- لا ارجوك
بدت لها الفكرة شرح الموضوع لرجل قانون مخيفة .
ضاقت عيناه ، وأصبحتا باردتين كريح شهر كانون الثاني الباردة في خليج سان فرانيسكو .
- إذن .. ابدئي الكلام .
ضمت بايلي يدها تتمنى لو انها تستسلم لنزوة اللحاق به إلى موعد الغداء .. وتلعثمت : الأمر معقد قليلاً...
- أوليس كذلك دائماً ؟
ردت بتشنج : تصرفك لا يساعدني ابداً
لعلة مهندس رفيع الشأن .. ولعل تصرفها غريب بعض الشيء .. لكن هذا لا يعطيه الحق في معاملتها وكأنها مجرمة .
قال بتعجب : تصرفي ؟
فردت وهي تتفحص ساعديها : اسمع هل تسمح بأن نختصر هذا الإستجواب ؟ يجب أن اعود إلى عملي بعد 15 دقيقة .
- لن ترحلي قبل ان تقولي لي لماذا كنتي كالظل
يلاحقني منذ ساعة .. هذا عن عدا ذكر هذا الصباح .
- انت تبالغ .
واستدارت لتتركة ، لكن يد امتدت تمسك بكتفها ، وقال : لن تذهبي إلى أي مكان إلى ان تردي على بعضة أسئلة .
فردت بعد تنهيدة : إذا اردت أن تعرف .... أنا كاتبة قصصية
- معروفة ؟
اعترفت على مضض : ليس بعد ، لكنني سأكون .
ارتفعت زاوية فمة ، ولم تستطع بايلي أن تعرف ما إذا كانت ابتسامة سخرية أم عدم تصديق . وكلا الخيارين لم يساعدا غرورها .
وقالت بجرأة : هذا صحيح .. أنا كاتبة قصصية ، لكنني كنت اجد صعوبة في تصوير الطبيعة الحقيقة للبطل الكلاسيكي و .. حسن جداً .. كما قلت لك ، الأمر سيتعقد .
- ابدئي من البداية .
كانت بايلي مستعدة لأن تنفذ ما يطلبة منها ... يريد التفصيل ستعطية التفصيل .
- حسن جداً .. بدأ الأمر منذ بضعة أشهر حين كنت أركب المترو والتقيت بجو آن .. إنها المرأه التي كنت برفقتها هذا الصباح . وبعد اسبوعين عرفت انها كاتبة ، وكانت لطيفة بما يكفي اتعلمني ... وكنت قد ارسلت أول مخطوطة لي حين إلتقيتها . وسرعان ما عرفت إني ارتبكت اغلاط اساسية ، يقع فيها الكتاب المبتدئون كلهم . لذا اعدت كتابة القصة و ....
بدا واضح أن صبرة نفذ : هلا وصلنا برعة إلى هذا الصباح ؟
- حسن جداً .. عظيم .. سأتجاوز الأمر ، ولكن قد لا يبدو هذا منطقياً .
ولم تستطع أن تفهم لماذا يرسم على وجهه هذه النظرة المعادية .. فهو الذي اصر أن تعود إلى البداية .
- كنت أنا وجو آن في ركب القطار السريع هذا الصباح ، وقلت لها إني اشك أن اتعرف على بطل قصتي .. أترى ... مايكل بطل قصتي ، وانا اجد صعوبات كثيرة معه .. في المرة الأولى ، كان خشناً اكثر من اللازم ، ثم جعلتة تافهاً ... يبدو إنني غير قادرة على إيجاد الحل الوسط ... يجل أن ييكون قاسياً ، لكن مع حنان .. قوي متسلط لكن من دون عدائية أو تعجرف بحيث يود القارئ في أن يخنقة . يجب أن أجد طريقة اجعل فيها مايكل أكبر من الحياة . ولكن في رالوقت ذاتة رجل من النوع الذي تقع أي امرأه في حبة و ..
عقد باركر يدية على صدرة يقاطعها : عفواً للمقاطعة .. لكن ، هل ستنهي هذه الرواية في وقت ما قبل انتهاء السنة ؟
لم تفتها سخريتة ، لكنها قررت ان تتصرف بكرم وتتجاهلها : اوه .. أجل .. آسفة . كنت كنت اقول لجو آن لن أتعرف على البطل حتى ولو ضربني على رأسي ، وما إن قلت هذا حتى ضربتني بمظلتك .
وما إن تلفظت بهذه الكلمة حتى ادركت أنه كان عليها تجاهل هذا الجزء ، لأنه قال بازدراء لم يخفة : تعجبني الصورة الأخرى أكثر .
وهز رأسه ، ثم تجاوزها إلى الرصيف المزدحم
فسألت : أي صورة ؟
وسارت خلفة .. كانت تسرد الوقائع كما اصر هو .
- تلك التي تقول إنك صديقة قديمة للعائلة . فقد انك قصصية ... هي ..
أنهت كلامها بوقار : .. الحقيقة الكاملة .. أنت بطل .. حسن جداً ، لست البطل بالضبط ، لا تسئ فهي ، لكنك تشبه كثيراً .. يمكن ان تكون توأمه
- وقف باكر فجأة ، واستدار ليواجهها . احتفى الإزدراء من عينية ، وحل مكانة شعور آخر لم تعرفة بايلي .
سألها بلطف : وهل رأيت طبيباً ؟
- طبيب ؟
- هل ناقشت المشكلة مع إخصائي ؟
لزم بايلي لحظات لتفهم ما يقوله . وما إن فهمت ، حتى غضبت بحيث لم تستطع التحدث بسرعة لتكفي لتلاحق ما يجول في رأسها من افكار .
- أتظنني .. مريضة نفسية .. تجول في الشوارع ؟
هز رأسة موافقاً بوقار .
لم تكن بايلي قد تلقت اهانة أكبر من هذه في حياتها .
- هذا اكثر ما سمعتة في حياتي سخفاً !
باركر دافدسون يعتقد انها مجنونة ! ولوحت بذراعيها متأثرة وهي تحاول تركيز افكارها .
- أنا مستعدة لأن اعترف أن لحاقي بك امر غريب . لكن .. لكن ... لقد فعلت هذا باسم البحث !
- إذن .. لطفاً .. أجري بحثك على غيري .
- بكل سرور .
ابتعدت خطوات ثم استدارت فجأه وقبضتاها مشدودتان :
- يجب ان تعذرني فأنا جديدة على الكتابة .. ولا اعرف الكثير بعد لكن ، يبدو انني مططرة لأن اتعلم أكثر مما كنت اعتقد .. وكنت محقة في المرة الأولى .. أنت لست بطلاً .
ودون اعطاء فرصة ليرد سارعت تعود إلى مكتبها ، وقد تملكها شعور بالاشمئزاز من الرجل الذي افترضت انة البطل الحي.
كان " ماكس " هر بايلي ينتظرها بلهفة حين وصلت إلى البيت ذلك المساء .. وقد تأخرت حوالي الساعة لتعوض عن تأخرها وقت الغداء .. ولم يكن ماكس بالواقع مسرور جداً لرؤيتها ، فهو لا يفكر سوى بعشائة ، وما إن تطعمة حتى يعود ليتجاهلها .
قالت له بايلي ممازحة : وانا مجنونة بحبك ايضاً .
وانحنت فوقة تداعب وبرة الطويل الناعم .. كانت تتحدث مع قطها كما تتحدث إلى شخصية من خصيات قصصها ، مع إن مايكل بقى هادئاً مؤخراً .. وهذا أمر جيد لبايلي لأن وقت فراغها القصير مفيد لهما ، ولم يسرها العمل مع بطلها بعد ما حدث مع مايكل ديفد سون بعد ظهر اليوم . مرة اخرى قادها مايكل إلى الضياع .. وافضل ما عليها أن تفعلة أن تفعلة هو ان تقفل علية درج منصتها لفتره علة يسوي امورة بنفسه.
تململ ماكس بجسمة السمين الطري عند قدمي بايلي وهي بريدها .. وتوقفت ، وهي تتذكر مواجهتها مع باركر دايفد سون . كلما تذكرت ما قاله كلما شعرت باحمرار الإحراج يزحف إلى وجهها ... وشعرت بالإحراج وهي تتذكر النظرة الت ي رمقها بها وهو يسئل عما طلبت مساعدة اخصائي .. لم تتعرض في حياتها إلى خزي مماثلة . وسمعت مواء ماكس المصمم على بأنه ما يزال ينتظر وجبة طعامة . وتمتمت : حسن جداً .. حسن جداً ..
واتجهت إلى البراد مضيفة : ليس لدي وقت لأجادلك الليلة ..سوف اخرج لسماع محاضرة ليبي ماكدونالد .
أخذت علبة طعام القطط من الرف الأسفل ورمت المحتويات في طبق جاف .. وبهرهرة جافة تقدم ماكس إلى طبقة وترك بايلي تغير ملابسها لحضور اجتماع الكتاب .
ما إن ارتدت كنزة مريحة وبنطرون جينز باهت الألون ، حتى خرجت من الباب .
كانتت جو آن قد وصلت إلة باركلين ، مكتن الإجتماع ، وراحت ترتب الطاولات لتشكل حلقة كبيرة ... ساعدتنها بايلي آلياً ممتنة لأن صديقتها لم تسئلها عن باركر دايفدسوف ... وما هي دقائق حتى بدأ الصف يمتلئ بأعضاء جمعية كاتبات القصة الرومانسية .
لم تكن بايلي تعرف ما إذا عليها أن تخبر جو آن عن مواجهتها مه باركر دايفدسون ، وقررت ألا تفعل . فالحادثة المؤسفة من الأفضل أن تنسى ، وأن تدفن تحت قائمة " الأغلاط التي يجب الا تتكرر ".
ولو سألت جو آن غمن الأفضل أن تفكر بايلي في حجة ما .. صحيح أن ليس من عادتها الكذب . لكن مواجهتها مع ذلك الرجل مذلة أكثر من أن تصفها حتى لصديقتها .
سار الإجتماع على ما يرام وحاولت بايلي أن تسجل بعض الملاحظات ، إلا أن افكارها أصرت على الإبتعاد عن محاضرة ليبي ، لتعود بإستمرار إلى باركر .. كان الرجل من الوقاحة بحيث اشار إلى انها مجنونة ... فمن يظن نفسة على أي حال ؟ سيغموند فرويد ؟ لكن لم يكن بإمكتنة أن يعرف أنها لا تلحق عادة برجال غرباء ، وتدعي انهم ابطال قصصها .
وطوال المحاظرة اضطرت بايلي بعناد ان تركز اهتمامها على خطبة ليبي . وحين انتهت المحاضرة سارعت العشرون كاتبة او ما يزيد إلى التصفيق بالاستحسان و بحماس أجفلت بايلي ، الغارقة في جدال فكري حول ما حدث بعد الظهر .
وتلا التصفيق سلسة من الأسئلة ، ثم اضطرت ليبي المغادرة كي تلحق بطائرتها . وخاب امل بايلي لأنها لم تستطع مرافقة المجموعة لشرب القهوة في المقهى الواقع في الشارع المقابل ، والذي يقصدنة دائماً بعد اجتماعهن الشهري.
واضطر الجميع إلى الأسراع في العودة إلى بيتة ، ما عدى جو آن وأوشكت جو آن على الإعتذار ، لكن نظلاة واحدة من جو آن أن هذا الأخيرة لن تصدق اعتذارها .
قطعتا الشارغ إلى المطعم المضاء ، وشبة فارغ ، وجلستا في مكانهما المعتاد ، فتقدمت النادلة منهما مع لائحة الطعام . اكتفت جو آن بالقهوة ، لكن بايلي التي كانت تشعر بالجوع الشديد ، طلبت سندويش ديك رومي .
وما إن ابتعدت النادلة حتى قالت جو أن : حسن جداً .. اخبريني بماذا حدث ؟
حاولت بايلي التظاهر بالبرائة وهي تعبث بأطراف المنديل الورقي : عم تتكلمين ؟
فقالت صديقتها بصوت عندي : اتصلت بمكتبك وقت الغداء .. لذا علي أن ادخل في التفاصيل ؟
ونظرت إلى بايلي ااتي رفعت عينيها بنظرة ارتباك ثم اكملت : اخبرتني بيث أنك خرجت قبل الظهر لموعد مع الطبيب ولم تعودي بعد .
وصمتت قبل أن تضيف : كلانا يعرف أن لا موعد لديك مع الطبيب بعد ظهر اليوم .. أليس كذلك ؟
أحست بايلي كأنها جرذ محشور في زاوية
- لا داعي أن تقولي لي أين كنت ...
ورفعت حاجبها وأردفت : ... دعيني اخمن .. لم تستطيعي ترك الأمر وشأنه ..أليس كذلك ؟ وتقديري ، هو أنك لحقت باركر ديفد سوف إلى موعدة .
هزت بايلي رأسها يائسة .. عليها أن تحتفظ بسر اكبر لحظات حياتها ذلاً فهي لم ترويها حتى لماكس القط ، الذي يسمع منها عادة كل شيء . لكن تفصيل بعد ظهر اليوم ، من الأفضل أن تنساها والا تعيد التفكير فيها مرة أخرى .
حبذا لو تستطيع التوقف عن التفكير بما يجري . فقد امضت عد الظهر في محاولة ابعاد ذلك الرجل ، ذلك المهندس البغيض عن تفكيرها .. لكنها لم تنجح حتى الساعة .
وحثتها جو آن : و .. ماذا ؟
أغمضت جو آن عينيها ، وهزت رأسها ببطء ... وبعد لحظات ، مدت يدها إلى فنجان قهوتها .
- استطيع تصور ما قلته له .
- في البداية لم اعرف ماذا اقول
- هذا ما اصدقة . لكن وبحسب معرفتي بك ، اخمن انك اصريت على أن تقولي له الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة .
- أنت على حق مره اخرى
وحثتها جو آن مرة اخرى : و .. ماذا ؟
وصلت ساندويش بايلي وللحظة إلتهمت به .. لكنها لم تستطع تجنب سؤال جو آن ، التي قالت محذرة : لن تجرؤي على أخذ قضمة من هذا الساندويش قبل أن تذكري لي ما قالة لك !
- لم يصدقني
وكان هذا تلطيفاً لما حدث .
- لم يصدقك ؟
- حسن جداً ... بما انك مصرة على معرفه ما حصل ، ظنني مريضة نفسية هاربة من المستشفى .
لمع الغضب في عيني جو آن ، واحست بايلي بالإمتنان لها ، حتى كانت تعانقها .
وقالت جو آن بغضب : يا إلاهي .. لماذا تصرفت بغباء وقلت له إنك كاتبة ؟ لا أصدق أنك فعلت هذا .
ودست يدها في شعرها بغضب وأضافت : لقد اخترعت الكثير من القصص وأنت تسألين عن اسمة . وتركتني عاجزة عن الكلام حين دخلت إلى مكتبة اخترعت ذلك الكلام السخيف عن انك صديقة قديمه للعائلة ... فلماذا بحق السماء لم تخترعي عذراً مقبولاً حين واجهتة ؟
- لم أستطع أن أفكر
وهذا للأسف ، الحقيقية بعينها .
ولكن حتى لو تمكنت من اختراع عذر ما كان ليجدها نفعاًً وهي مقتنعة بهذا تماماً ... قهو سيعرف أنها تكذب .. ولن تستطع بايلي أن ترى جدوى إغراق نفسها بالكذب اكثر ما لم يكن لديها الوقت الكافي للتفكير بعد أن جرها إلى الزقاق ، فقد تبعت غريزتها أكانت محقة أم مخطئه .
قالت بايلي : وكأنك لم تحذريني : لقد كاولت منذ لحاقنا به أن تقولي كم الفكرة غبية . وكان علي أن اصغي إليك .

روايات احلام/ لك الى الابدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن