11

7.1K 235 5
                                    

الساعة 12 ... منتصف الليل...

شفت أبوي بالحلم يطلب مني أسامحه وأنا أبوس أيده وأبكي أترجاه يرجع... لكنه كان يتجاهلني ويعيد لي كلامه ((سامحيني يا بنتي... سامحيني... ما كان لي غير هالحل ... وهذا علشان أحميك... علشان أحميك))...
نهضت من نومي مفزوعة أبكي... وما حسيت إلا بإيد تمسكني من كتوفي وتجبرني أرجع أنام... فتحت عيني وأنا أرتعش بألم... حاولت أبعد الغشاوة عن عيني... ملت براسي أناظر إلي يمسكني من كتوفي... وكان هو..هو... وليد... تذكرت أبوي... وتكونت براسي فكرة غريبة وأنا أدري إنها غبية... هو السبب... هو السبب... كان أبوي صح مريض بس كان يتحسن... وجا هو قلب كل شيء...
شلت إيده عن كتفي بقوة... وحاولت أنزل من السرير... عرفت إني بالمستشفى من السرير الأبيض...
جاني صوته وأشعل رجفة فيني: وين ودك تروحين؟؟
لفيت له وأنا أصلح من شيلتي... ودموعي جامدة على خدي... تجاهلته وأنا أدور على نعلي (تكرمون)... ولما ما حصلتها نزلت حافيه عالأرضية الباردة... وبكل ضعف مشيت حتى أطلع من الغرفة... ودي أشم ريحة أبوي... ريحة الأب إلي بديت أتعلق فيه... ريحة السند إلي بديت أحس فيه... وما حسيت إلا وهو يشدني من إيدي...
قال بحدة: ما في طلعة من هنا...
هزيت راسي بلا... سحبت يدي ...
وأشرت له: أتركني... بطلع..بطلع أشوف أبوي...
قال: مالك قدرة تشوفينه...
اهتزت شفايفي وأشرت له برعشة: أنت شنو؟؟ ما تفهم؟؟ أريد أشوف أبوي... أريد أشوفــــــــه...
مسكني من إيدي وقال بعصبية: الظاهر إنتي إلي ما تفهمي... أقولك ما تقدري تشوفينه... يعني ما تقدري...
حاولت أسحب يدي منه... لكن كنت كأني مقيدة بيده...
وهو يكمل بدون ذرة حزن: عمي الله يرحمه ساعته جات... وهذا المكتوب والمقدر... الدكتور يمنعك تشوفينه وأنتي بهالحال...
سحبت يدي وقلت وأنا أرجع لوراي: أتركني... أتركني...أنت ما عندك ذرة شعور؟؟... أريد أشوف أبوي...
شفت يده تتكور كأنه ناوي على صفعي ...قال: لما آمرك على شيء تنفذيه بلا إحتجاج... فاهمة؟؟
هزيت راسي بعنف... لا...لا...لا... وتجاهلت الشرر بعينه ولفيت بطلع...
وهالمرة ماترك لي مجال مسكني من خاصرتي ورماني عالسرير... قاومته بكل ما أقدر... وكتف يدي الثنتين وصرت أرفسه برجولي... لكنه ما تحرك ولا ذرة... كنت كأني أحاول أزحزح جبل صامد... وبعد دقايق صرت ألهث وأتنفس بسرعة من التعب... وشوي شوي بدت حركتي ترتخي... وسكنت مرة وحدة لأني عرفت إني الخسرانة... ونزلت دموعي...
تركني لما شاف التعب خدرني...
ناظرني شوي... بعدها قال متردد: أبوك... فالثلاجة... وما تقدري تشوفينه...
زادت دموعي وأنا أرتعش... وبديت أنتفض من الألم... حتى ما قدرت أتمالك نفسي وصرت مرة أمسح على وجهي... ومرة ألوي شعري بيدي بكل قوة... ومرة ترتعش يدي وأحضنها لصدري... أنيني يصرخ بوجع... وتأوهي ينسمع صداه... كنت خارج وعي فما حسيت إلا والدكتورة عند راسي تحاول تهديني... وبالأبرة تنغرس على لحمي إلي بصدمة موت أبوي يتوجع...
ولما بدا مفعول المخدر... كنت أناظر الإنسان إلي صار زوجي... خدي يضغط على الوسادة... وأنا أناظره بعين نص مغمضة...
أهمس... وأهمس له بدون أي صوت... بحركات شفايفي كنت أوصل له كلمة وحدة... كلمة وحدة لا غير...
"أكرهك"
"أكرهك"
"أكرهك"
أما هو تراجع لوراه وجلس على الكرسي بكل ثقله... وقبل لا أغمض كلياً... شفته يتأوه ويناظر الأرض ويغمض عيونه... يمسح وجهه ويغرس يده على شعره...
وتركته بهالصورة وأنا أرتحلت لعالم الظلام...

أحرف مطمورة بين طيات الورقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن