44

4.2K 152 0
                                    

كت بكتف عمها تبث همومها وقال: هو... نسى... نسى الخنساء... نسى...
كان يدري منو قصدها... فقال: لا يا بنتي... هو...
مسكت الخنساء يد عمها وهي تقول مقاطعته: خلاص... عمي... ما أبي... خذني... بيت بابا...
حاول يتكلم بس الخنساء هزت راسها: عمي... أرجوك... ما أبي بيت... وليد...
ما تكلم خالد... يحق لها تبعد... وخاصة إنه يحط اللوم على وليد إلي هو إلحين أبد ما حس بحاجة الخنساء له...
قال بحنية: يا ببنتي خلني أتصل على أمي مريم تجي معك...
هزت الخنساء راسها... وبعد مشاورات وافقت الجدة تروح مع الخنساء وشغالتين لبيت أحمد... وهناك تركهم خالد... وراح لبيت سيف يتطمن على لجين... ويمكن يروحوا من هناك يزوروا سلمى ومحمد... وحتى رغم الأحداث إلي صارت تبقى أخته... وهم أهله...
ولما قاله سيف إن لجين رجعت لبيت أبوها هي وأمها... حس بالحزن عليها... قرر يروح لهم يشوفهم هم محتاجين حاجة... بس تذكر طلال... وغير وجهته وطلع للمركز...
.
.
خيم الليل وهي جالسة على البلكونة تناظر النجوم بخوف... كان المكان موحش... اليوم راحت لأختها واستوعب... وقامت من غيبوبتها... بس حالتها النفسية زفته... مثلها مثل أمها... لفت طالعة رايحة لأمها... ناظرتها متمددة عالسرير تناظر للسقف... وباين من عيونها الفارغة إنها تفكر بسوداوية... نشوى بعد كم يوم بتطلع من المستشفى ومصيرها مثل أمها... أما طلال فما تدري عنه... كم مرة حاولت تتصل بس ما كانت محظوظة... وأبوها!!... عماتها قالوا إنهم راح ياخذون أبوها لعندهم... لحد ما يتشافى... ابتسمت بألم... ما بقت إلا هي... وين مصير؟! وكيف مصيرها مع جلند؟! ما تدري...
رجعت للمطبخ تعمل لها شيء ياكلوه رغم إنها ما تاكل إلا حتى تكون بوعيها... وتحاول تتملق أمها تاكل... وكانت تشيل صحن بالشوربة لما سمعت صوت الباب الرئيسي حق الصالة ينفتح ويطل منه شخص... هو بآخر أحلامها كان سراب... كان الصحن بيطيح بس هو مسكه...
همست بصرخة متألمه لما شافته حقيقة وهو يحط الصحن على جنب... ورمت نفسها له...
ضحكت وهي تبكي: آآآآآآآآآآآآآه طلااااااااااال... طلاااااال!!!... متى طلعت؟! من طلعك من الحبس؟!
شد عليها طلال... آآآه اشتاق لها ولضحكاتها وعصبيتها... اشتاق لأخته إلي كانت أقرب إنسانه له من أهله...
طمنها: خالي خالد هو إلي طلعني... وهذا هو...
لفت تشوف خالد واقف على جنب يتأملهم بحب حزين... ركضت لخالها وضمته بقوة وهي تبكي: خالي... خالي... آآآآآه...
مسح خالد على راسها: الحمد لله على سلامة طلال يا لجين... يلاااا شدي حيلك أهلك محتاجين لك...
لجين مسحت دموعها وراحت مسكت بأخوها وهي مو مصدقة إنه طلع... ضحك طلال بخفوت...
وهمس لها: صدقيني لجين... أنا ما طلعت إلا وكلي ندم...
ردت لجين بخوف: أمي ونشوى...
ابتسم طلال بتردد: رغم كل شيء هم أهلي... شرفي... أمي... أختي...
ضمت يده بيدها الثنتين وهمست: الحمد لله... الحمد لله... طلال... تعال... أمي... داخل...
تقدم خالد وقال: أنتظروا هنا بدخل لها أنا بالأول...
ونفذوا كلامه وهم مضطربين... وجلست لجين تاخذ أخباره وهي مرة تمسح دموعها ومرة تبتسم... ومرة تضحك بوجع...
وبعد ما مرت أقل من نص ساعة طلع خالد... وقفوا الأخوين بتوتر ما يدروا شو كان رد فعل خالهم مع أمهم...
لما شاف خالد نظرة التوتر بعيونهم طمنهم: تكلمت معها... الظاهر الصمت هو الجواب الوحيد عندها... بس صدقوني بترجع مثل ما كانت وانتوا جنبها... نسوها أحزانها... وأهتموا فيها... لا تترددوا تتصلوا فيني وخبروني بكل شيء... بروح إلحين البيت التعب هدني... وسيف إن شاء الله بكرة على وصول لأمكم...
وكان بيطلع لما سمع أصواتهم تناديه...
همست لجين: خالي... أرجوك سامحهم...
وردد طلال وهو خجلان يحط عينه بعين خاله: خالي...سامح أمي... نشوى... أستسمح من وليد... والخنساء... لو إننا ندري إنهم ما يطيقوا لنا وجه أو أسم...
ابتسم خالد بوجع وقال: المسامح كريم يا ولدي... المسامح كريم...
وطلع تارك طلال ولجين بحيرة... ما يدروا متى راح يرجعوا لدائرة أهلهم... ورجعوا يمشوا لغرفة أمهم... طلال قوى قلبه... وحاول قدر ما يقدر يزيح نظرة الخوف من عيون أمه... هي أمه رغم كل شيء... حاول بكل حنية يفهما إنه يبيها تصحى وتستعيد قوتها... لكن... مثل ما قالوا... لا حياة لمن تنادي... سلمى محتاجة للوقت إلي ترجع فيها تثق إن أهلها وأولادها ما زالوا محتاجين لها مثل ما هي محتاجة لهم...
.
.
.
واليوم إلي بعده مر على وليد وهو بالمستشفى مع بدر... أحساسه خانه ما وده يروح ويواجه الخنساء... لأنه يحس إنه أبد مو مستعد... بس اشتاق لها... اشتاق لها كثير...
بدر قال مبتسم: يا حظه إلي تفكر فيه...
وليد ضحك وقال: عيييل يا حظك... كنت أفكر فيك...
بدر ضحك ورد: أكذب وقص علي بكلمتين... أدريبك آخر واحد تفكر فيني...
ناظر وليد بعبوس... وقهقه بدر وقال بعد ما سكت: وليد... الحمد لله على كل حال... الحمد لله والشكر له... شكلي بروح البلد وبتزوج...
وليد ابتسم: إيوه تسوي خير... وتفكني من جلستي معك بهالمستشفى...
بدر سكت لحظة ورد يقول بتنهيدة: وليد..!!!
مارد وليد يدري بدر شو يبي...
ورجع بدر يقول: وليد... أنت رحت تشوف زوجتك؟!
وليد هز راسه بدون كلمة...
بدر فجأة بدا يتمسخر عليه: غبي.. جاهل... أحد يجلس بهالمستشفى إلي تمرض بالصاحي... وتقتل المريض... ويترك زوجته وأهله مرميين...
وليد رفع راسه بعبوس ورجع بدر يقاطعه: لا تحاول... يلاااا أشوف قم... قم وروح لزوجتك... أنساني... وأنسى إلي صار... وروح للي محتاجة لك...
وليد ما تحرك... فحاول بدر يتحرك وتألم لما حاول يقوم... رفع وليد وجهه...
عبس وهو يقول: شو تبي؟! ليش...
قاطعه بدر وهو يحاول يوصل للجهاز حتى ينادي الممرضة أو الممرض....
وليد قال: محتاج حاجة بدر..؟!
بدر قال بحدة: أبي الممرض يجي حتى أقوله ينادي السكيوريتي يجون يطردوك من غرفتي...
فتح وليد عيونه مدهوش... ومن الأحاسيس إلي أنرسمت بوجه وليد ضحك بدر بقوة حتى إنه شهق لما حس بالألم... وليد مسك يده بخوف...
همس: بدر... بدر...
رجع بدر يضحك عليه: شوي شوي على نفسك يا وليد... هههههه... آآي... أقول... رح.. رح لبيتك وأهلك...
ولما حاول وليد يتكلم... قاطعه بدر بصورة قاطعه وآمرة: وليد... للمرة الأخيرة أقولك رح لأهلك وإلا تو بطردك صح... ما أمزح ترا...
وليد فكر شوي... وقلب الأفكار لحظة وثانية...
حتى قال بدر: ها... شو طلع؟!
وليد تراجع للباب: قررت أروح... بس صدق أنت مو كفؤ تبي تطردني بعد ما كنت بتجلطني وانا أشوفك مرمي عالأرض مثل الميت...
أشر له بدر يطلع بيده وهو يضحك: رح يا ولدي... وتعال بكرة نتفاهم...
وطلع وليد... رايح لبيته... ولأهله... ولزوجته وإلي من كثر شوقه لها ابتسم بحزن وأدمعت عينه...
.
.
.
كان طلال جالس مع أمه يتكلم معها مرة ويسكت ألف مرة... بالوقت إلي رن جرس الباب... طلع من عند أمه وراح يفتح الباب... شاف لجين جايته...
قالت بتعب: طلال الله يخليك إذا وحدة من الجارات الفضوليات قولها مو موجودين... تعبت وأنا أشوف الفضول يقتلهم...
هز راسه طلال بسخرية مكبوته... ورجعت لجين للمطبخ...
فتح طلال الباب وهو منشغل يدخل موبايله بجيبه... ولما رفع راسه وقف جامد لما شاف الشخص الواقف قدامه... ألتهبت عيون طلال وتوقدت بالنيران... أما جلند فعيونه كانت فيها نظرة حدة وصرامة...
قال جلند وهو يبعد أنظاره عن طلال: وينها لجين؟
طلال ما تحرك من مكانه ولا أعطاه مجال إنه يدخل...
رجع جلند يناظره وقال: لو سمحت... أبي أتكلم مع لجين؟!
طلال ناظره لحظتين وبعدها قال وهو يمسك بالباب: ما أظن في كلام تبي تقوله لها بعد ما شفنا ردك... أختي مو حمل كلام حاد وموقف أحد منه... لذا لو سمحت أنت... أرسل لها ورقة طلاقها بدون لا ترمي عليها الطلاق بكل برود...
ناظره جلند بحدة وهو يحاول يدفع بالباب إلي طلال كان بيسكره: إلا أبي أتكلم معها...
ودفع بالباب بقوة ودخل يقول: وينها؟!
طلال أرتجفت يده بصورة كبيرة وكان بيضربه لولا جلند قال: يحق لي أتكلم معها... هي زوجتي رغم كل شيء...
تراجع طلال وهمس بقهر: يكفيها إلي جاها بسببك... جاي تزيد عليها...
جلند أختفت فيه كل نظرة حدة وهمس بغموض: ما جيت إلا أحاول أطلع بحل... حل يرضي كل الأطراف...
سخر منه طلال: شوف حالتك بالأول... وبعدين حاول ترضي غيرك...
همس جلند من وراه: وهذا إلي ناوي عليه...
ومشى طلال قدامه بدون كلمه داخل البيت... تبعه جلند وقلبه يدق طبووول... مو خوف إلا ترقب للموقف إلي بيجمعه مع إلانسانة إلي حبها بكل ما يقدر وحاول ينساها مرات ومرات... بس وجد إنه مستحيل يبعد عنها...
همس طلال وهو يقول بحدة: تفضل...
دخل جلند الصالة...
قال جلند: ودي أتكلم معها... لوحدنا...
وشدد عالكلمة...
ناظره طلال بعصبية: تبي تكلمها بتكلمها بوجودي... بس أخلها لوحدها معك... بتاكلها وأنت حي...
ضحك جلند بعصبية وسخرية وشدد: أبي أكلمها لوحدي يا طلال... هي زوجتي إذا ما نسيت...
وبهالوقت طلعت لجين جايه من المطبخ... وكانت لابسه بنطلون جينز وقميص بكم قصير لونه أسود... ولامه بعض خصلات شعرها لورا بإهمال... وأول ما حست إن فيه شخص مع أخوها رفعت شيلتها من كتفها حتى تلبسها وتراجعت لوراها... ما كانت تدري إن جلند هو الشخص إلي كان مع أخوها... لأنها ما ناظرت إلا جانبه وأختفت بسرعة... راجعه للمطبخ...
حس جلند بالوجع لما شاف وجهها الحزين... لمح سمة الألم بوجهها الحزين... ولف لطلال...
همس له وهو يناظر للمطبخ إلي راحت له لجين: ليش... وجهها كذا... حزين...!!
ابتسم طلال بحزن: شو بتتوقع تكون؟! مرت أيام عليها كانت مثل الدهور... وحيدة مالها سند وهي تركض بالمستشفى...
غمض جلند عيونه بقوة وهمس يمشي: أرجوك طلال... محتاج أتكلم معها لوحدي...
طلال ما أعترض... سند الباب بظهره... ومشى لغرفة أمه وقال: بكون قريب... ويلك إذا حاولت تضايقها ولو بكلمة...
.
.

أحرف مطمورة بين طيات الورقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن