الفصل العاشر
لم تعرف ليندا ما الذي كانت تأكله من أطعمة وضعت على المائدة .هي وماريو كانا منغمسين في الحديث لدرجة أنهما لم يعيا نظرات المعجبين من أنحاء المطعم .
سألها ماريو :
"حدثيني عن طفولتك .هل كنت سعيدة ؟"
لمعان ناعم أنار عينيها الشفافتين وراحت تقص عليه بعض من سيرة حياتها :
"والداي كانا زوجين رائعين ومثاليين ,دللاني كثيرا .ولم يكن لديهما غيري الى أن ..."
توقفت فجأة واحمرت وجنتاها .قطب ماريو حاجبيه وسألها محتارا :
"نعم ؟الى أن ..."
تلعثمت وقالت :
"الا أنهما ...توفيا ."
"هل ماتا معا مثل والدي؟"
"ليس تماما ,لكني خسرتهما في مدة ستة أشهر ."
"ربما ما كان يجب علي أن اطرح عليك هذه الأسئلة.انه موضوع مؤلم احيانا افكر أنك لم تكوني بإستمرار الفتاة الباردة ,المتحفظة .آسف اني لم ألتق بك قبل المحن والمتاعب التي أثرت بك كثيرا ."
صمت قليلا ثم أضاف :
"ما كانت آراء والدتك تجاه والد ويندي ,فالأمهات احيانا متحيزات .ووالدتك الم تر فيه ذلك الرجل المتطفل ,الدخيل ؟"
احمر وجه ليندا وقالت :
"كانت تحبه كثيرا."
استغرب قائلا :
"آه, وحسب رأيك ,ماذا كانت وجهة نظرها لو عرفتني ؟"
هذا السؤال طرحته ليندا على نفسها مرارا وتكرارا من دون أن تجد الجواب المناسب .
كان ماريو فارغ الصبر امام سكوت ليندا التي تنفست بعمق فبل أن تعلن قائلة :
"كانت والدتي امرأة شديدة الحساسية كمعظم الأمهات ,وخصوصا امام الجمال الشكلي والجاذبية والإطراء لكن ..."
"نعم ,تابعي كلامك ."
قالت بعصبية :
"لا شك انها لم تكن ستعجب بتصرفك تجاه كابريللا .بالاضافة الى أنه لا يمكنها إعتبار السعادة كنتيجة للغنى والمال ."
"إذن لكانت فضلت رجلا فقيرا ,مثل والد ويندي .أهذا ما تريدين قوله ؟"
كادت أن تقول ,أنه يملك الثروة الحقيقية الوحيدة وهي ثروة القلب .
نهض ماريو فجأة وعلى وجهه إمارات الغضب ثم قال :
"أنا لاأستغرب ان تكوني خائبة الأمل !واعتقد أن لوالدتك قسطا من المسؤولية .الأشخاص العاطفيون ينخدعون بسهولة .فحساسيتهم المرهفة تجعلهم عميان امام الحقيقة ."
لم يتسن لليندا الوقت للإعتراض .أمسك ماريو بذراعها ودعاها لإجتياز غرفة الطعام والممر الى الخارج .فسألته ونفسها متقطع :
"الى أين تصطحبني ؟"
أشار الى سيارة أجرة فتوقفت قرب الرصيف ,دفعها الى المقعد الخلفي ودخل قربها وقال للسائق :
"الى الملهى,من فضلك ."
ثم التفت الى ليندا وأضاف بسخرية :
"رمز الثروات المزيفة "
وبالرغم أن الوقت كان باكرا ,كان الملهى يعج بالناس من مختلف الجنسيات. في السقف تدلت ثريات الكريستال التي تنير الغرفة بنور براق .بالنسبة لليندا كان الجو خياليا وساحرا .
تقدمت ليندا أمام لعبة التطابق ووضعت قطعة نقدية فيها وأدارتها .
"احمر ,تسعة!"
صرخت ليندا مستغربة :
"ربحت,يا ماريو .ربحت "
"تابعي اللعب ."
"لاأفضل ان أتوقف الآن.هل ربحت ثروة كبيرة ؟"
"ما يعادل الفي جنيه إسترليني ."
"كل هذا !لم يسبق أن امتلكت أكثر من مئة جنيه ."
"صحيح ؟مادام هكذا ,لا أريد ان يتجهم وجهك المتألق .دعينا نحتفل بالأمر ."
اقترب من ليندا متابعا :
"سأحتفظ بالمال معي ."
في هذه اللحظة عرفت ليندا معنى الثروة الصغيرة .بإمكانها ان تستعيد حريتها .أن تشتري بطاقة سفر الى إنجلترا وبطاقة الى ويندي .وأن تستأجر غرفة وستجد وظيفة محترمة .قالت لاهثة :
"كلا .أفضل أن تعطيني المال .حقيبتي بامكانها ان تسع كل هذه الأموال ."
اعطاها المال وقال :
"كما تريدين ."
ولما خرجا من الملهى ,توجها الى ناد ليلي حيث إختار ماريو إنهاء السهرة .
كان شبه ظلام ناعم يعم المكان والديكور يذكر بحجرة الصياد .الشباك الواسعة معلقة بالسقف وبعض الأصداف البحرية .وحول حلبة الرقص وضعت الطاولات والكراسي من القش .
جلست ليندا وراحت تنظر الى الأزواج الذين يرقصون على الموسيقى بينما ماريو يطلب الشراب .بعد قليل جاء الخادم يحمل الشراب وبعض المقبلات .
قال ماريو ساخرا :
"يبدو انك تفكرين في شيء م ,يا عزيزتي .الا تعدين خطة للتخلص مني ؟"
فوجئت ليندا وراحت ترتجف وتقول :
"لا,أبدا."
بطريقة ما كان ماريو يقرأ ما يدور في خلدها .عليها أن تضلله وإلا تبخرت أمالها سدى .قررت أن تغير الخطة فربما نجحت ؟ فاشتبك نظرها بنظره الحاد وهمست قائلة :
"هل تدعوني الى الرقص ؟"
أجاب ماريو بطريقته الرجولية :
"طبعا .بكل سرور ."
وبينما كانت بين ذراعيه , أدركت أنه لم يسبق لها أن رقصت برفقة رجل من مقامه .
كان ماريو يضمها بقوة فاحمرت وجنتا ليندا وهمس في أذنها :
"اهدإي .وعدتني ان تحاولي جهدك كي تنسي زوجك الأول ,هل مازلت تتذكرين ؟"
استرخت وتذكرت أنها يجب أن تكون متساهلة .بعدئذ وجدت متعة في الرقص معالذين حولها وبرفقة الراقص البارع .أخيرا عندما اعادها الى الطاولة كان وجهه يشع سعادة .
أخد يدها وقال :
"لأول مرة ,هذا المساء ,ارى فيك امرأة جميلة ,وليس زوجة على الزواج منها. ما زال وجهك يحتفظ ببراءة الطفولة برغم المحن التي تعرضت لها ,والآن, أفهم سبب تصرف جدي تجاهك .يريد أن يحميك . لكن المرأة بطبيعة الحال مغوية بالرغم من قوة الرجل ."
اعترضت ليندا قائلة :
"لا أنوي بتاتا تقليد النساء ."
قال ماريو بصوت هادىء :
"أصدقك يا عزيزتي "
امضيا بقية السهرة في الرقص والكلام والتسلية .ولما قررا العودة الى الفندق بدأت ليندا تخشى على مقدرتها في تطبيق خطتها .كما أن ماريو بحاجة الى جهد كبير ليفي بوعده ويعاملها كصديقة فحسب .
سيارة الأجرة التي أعادتهما الى الفندق كانت تجتاز الطرقات بسرعة .وليندا الجالسة بارتخاء في المقعد الخلفي تركت رأسها يرتاح على كتف ماريو الذي كان يضمها .لم يتبادلا الكلام طيلة الطريق .
وما ان دخلا الى جناحهما حتى همست ليندا وقد شعرت بالخوف :
"الساعة متأخرة .أرجو ان تعذرني ,سأذهب الى فراشي في الحال
أنت تقرأ
روايات احلام/عبير:خدعه مصيريه
Romance- خدعة مصيرية - دار النحاس ( كاملة ) قرات ليندا اعلان عمل في الجريدة يطلبون فيه انسة للزواج بمواصفات مميزة.فتقدمت اليها علها تجد ملاذا مناسبا لها ولشقيقتها الصغيرة .فدخلت الى عالم المال و السلطة وتزوجت من الحفيد المغرور الذي يحب السيطرة على كل من...