الرموز

44 1 0
                                    


المقاطع التي تحلل التثليث أو تفسره قليلة جداً في اﻷناجيل.

أما حين يرد ما له علاقة بالتثليث فإنه يكون شكلياً صورياً غير فكري ، على شكل عبارات تبارك ولا تفسر.

إننا نجد في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس : "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم" (14/13).

ونقرأ في بداية رسالة بطرس اﻷولى "المختارين بمقتضى علم الله اﻵب السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح . لتكثر لكم النعمة والسلام" (2/1).

ونجد في الرسالة اﻷولى للقديس كليمنت (6/46) : "ليس لدينا إله واحد ومسيح واحد وروح قدس واحدة".

وكتب أيبيفانيوس يقول : "إن المسيح علم تلاميذه أن اﻵب والابن والروح القدس شيء واحد".

وكان أيبيفانيوس قد أخذ هذا المقطع من اﻹنجيل السري المسمى "إنجيل المصريين" ، وهو إنجيل لا تعترف به الكنيسة.

وللأسف فإنه لم يبق من هذا اﻹنجيل إلا بضعة إصحاحات.

وهذا التعريف بالتثليث كما يستشهد به أيبيفانيوس يقدم لنا نقطة انطلاق جديدة لتصور شكلي للتثليث.

وليست مشكلتنا مع العهد الجديد الذي لا يتضمن أية صيغة أو تعريف للتثليث إنما يهمنا هو أننا نجد فيه ثلاثة أشكال ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً : اﻵب ، والابن الذي ولد من اﻵب بواسطة الروح القدس ، ثم الروح القدس.

وإننا لنجد منذ اﻷزمنة السحيقة أن لكل الصيغ المقدسة صفة ثلاثية سحرية.

وعلى الرغم من أنه ليس هنالك من برهان على وجود نظرية للتثليث في العهد الجديد فإننا نجد فيه على - على اﻷقل - إشارات إليه ، كاﻹشارة إلى اﻷشخاص اﻹلهية الثلاثة.

كل ذلك يقدم لنا معالم للمثال الأصيل الذي كان يعمل في أعماق (المؤمنين حديثاً) ويقدم أشكالاً ثلاثية.

وهذا يدل على أن المثال اﻷصيل التثليثي هو النموذج الناشط في اﻹنجيل.

أما ما يتبع ذلك فنتيجة لما سبق وانتهى . . . وإننا سنرى عند مناقشة العقائد لاحقاً أن آباء الكنيسة في المجامع المختلفة طوروا وزادوا إشارات العهد الجديد إلى التثليث بصورة دائبة إلى أن أعادوا ألوهة المسيح من غير وعي ، فقد كان آباء الكنيسة لا يعرفون شيئاً عن المثال المصري الذي سبق والذي قال بألوهة اﻵب.

أما ما ترتب على ذلك بعدها فكان من الصعب تفاديه خاصة بالنسبة للتصورات السابقة (التي عرفتها الشعوب الوثنية القديمة) للتثليث ، والتي كانت سائدة في بداية المسيحية على شكل متطور نسبياً عن النموذج اﻷصلي.

وعلى الرغم من أن هذا التطوير كان ساذجاً متهافتاً فإنه في الواقع دليل مباشر على أن ما يشير إليه العهد الجديد هو التثليث.

اﻷصول الوثنية للمسيحيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن