|| بــارت قصــير ||
إستيقظ في منتصف الليل يواجه ظلمة الليل و ضوء القمر المُضاف إليها على سقف غرفته ، رفع جسده ببطئ ، وقام بفرك وجهه وهو يغمض عينيه يتنهد أثناء تنفسه المبالغ في قوته نتيجة الكابوس السابع الذي يُشاهده منذ تِلك الحادثة . رفع غِطاء السرير عنه وبدأ في صنع طريقه لكيوهيون بخطوات مترنحة ومنامة بيضاء وشعراً غير مرتب ؛ فتح شيون باب الغرفةِ ببطئ حتى إتسعت عينيه يجد كيوهيون أخيراً بعد أسبوع من الحادثة يقظ تماماً يجلس على السرير ويده تنزف دِمائه السوداء ، يضع أحد يديه على الجانب الأيمن من وجهه لتغطيه في حين إن خصل شعره قد سُدِلت تغطي عينيه تماماً ، كان يلهث بقوة ، قبل أن يبعد يده عن وجهه ويسحب كمامة الأكسجين بقوة عن وجهه يرميها بعيداً ، أزاح الغِطاء عنه بعنف وأنزل قدميه بحركة بطيئة أرضاً ، ظل يحاول أن يتكِأ على يديه للوقوف ورفع نفسه ببطئ وهو يشعر بالعجز المُختلط بالألم قبل أن يفقد توازنه ويُسرع شيون بفتح الباب والإمساك به قبل أن يرتطم بالأرض . كيوهيون كان شبه جاثياً على ركبتيه ، شيون كان يجلس مُقابِلاً له يمسك به أحد يديه على ظهره والأخرى على خصره ، بينما ظهر كيوهيون منحي للأرض وجانب وجهه ملتصق بكتف شيون ، جسده ضعيفاً للغاية بعد أسبوعاً من الإستلقاء بِلا حركة الذي سبقه ألم حاد نتيجة تطور قوته وكأن جسمه بعد كل مامر به تخدر تماماً .
شيون : يجب أن تعود للسرير ، كيوهيون-آه ، أنت تحتاج للراحة لقد إستيقظت للتو ولم يعتد جسدك على الحركة المفاجِأة .
كيوهيون همس بين أنفاسه : كم مِن المدة ؟
شيون : تقريباً أسبوع وأنت فاقد الوعي .
رفع شيون كيوهيون ببطئ للسرير وساعده على الإستلقاء مجدداً بعدما رفض كيوهيون أن يتم حمله .
همس كيوهيون : أيمكنك إحضار جونغسو هيونغ ؟
شيون أومأ : حالاً .
إبتعد شيون ببطئ وهو يتراجع للوراء نحو الباب يأخذ نظرة أخيرة على كيوهيون الذي أخفض رأسه يغمض عينيه قبل أن يستدير ويجري خارج الغرفة نحو غرفة جونغسو . طرق شيون باب غرفة جونغسو بقوة لا يطلب منه الإستيقظ ، يجبره عليه . فتح جونغسو الباب ويبدو على وجهه الإنزعاج وهو يحك جسده أسفل ملابسه : من الأفضل أن يكون أمراً هاماً ! أتعلم كم الساعة الآن ؟
شيون : لا تصرخ ! كيوهيون إستيقظ وهو يريدك .
حينها جونغسو توسعت عينيه : حقاً ؟
شيون : وهل سوف يكون لي مزاجاً بالمُزاح في هذه الساعة ؟
دفع جونغسو شيون وأسرع بخطواته لُيلبي كيوهيون ، تنهد شيون ولم يلحق بهما . غادر لدورة المياه و وقف أمام المرآة المعلقة على الحائط ينظر لِنفسه قبل أن يفتح صنبور الماء البارد ليُشتت ماتبقى من تأثير الكابوس عليه ، وضع يده أسفل المياه ونظر ليده المبللة بِفعل الماء وبدأ يُفكر بعمق ، إنه كره المكان هنا وكره كل مايجري وكأن الحياةُ هنا سوداء كـئيبة ، مليئة بالأحداث الغير مفهومة والألم والخوف ! المكان هنا كابوس .. لو لديه القدرة الكافية والشجاعة للإقدام على الإنتحار .. ! أبعد شيون يده عندما شعر إنها كادت أن تتجمد تحت المياه الباردة ورفع نظره عنها ليشهق مع صرخة صغيرة وهو ينظر لإنعكاسه بالمرآة ، بشرته شاحبة البياض ، عينيه الحمراء يتوسطها بؤبؤتين بالأبيض يحيطهما سواداً دقيق ولا ينسى تغير شعره من الأسود التام للأبيض نقيضه . قشعريرة هزت جسده ! إرتعب من نفسه ، لابد إن هنالك خطأ مع هذه المرآة ! هو ليس واحِـداً منهم ! غمغم شيون لنفسه بهذيان : هذا كابوس نعم كابوس ، أنا لا أزال نائماً .
ضم يديه تحت صنبور الماء المفتوح وسرعان ماتكونت بِركة صغيرة داخل قبضة يديه وإنحنى للأسفل يرمي الماء على وجهه ويفركه بشدة آمِلاً بإنه سوف يزيل المظاهر الغريبة من وجهه ! رفع شيون وجهه مجدداً ينظر للمرآة ، وكل شيء كما هو شعره الأسود الكثيف وإسمرار بشرته قد عاد والأهم عينيه الطبيعية ! أغمض عينيه يلهث وهو يضع يده على صدره : لم أعد أعلم مالحقيقة ومالخيال ! لابد إني لا أزال تحت تأثير الكابوس المزعج .
أغلق شيون صنبور المياه وأمسك بالمناديل المنصوبة جانباً يمسح وجهه ويديه بها وهو مُغادِراً دورة المياه .
اليوم الآخر ظُهراً ، كل شيء لطيف كما هو وكأن تلك الحادثة المرعبة من تحول كيوهيون وقرابة قتلهم لم تكن يوماً . بعد الجامعة هو كالعادة يلعب كرة السلة مع دونغهي ، هيتشول لم يعد بعد من جامعته . إينهيوك كان يُجري بحثاً لمدرسته ، هانكينغ كان يأخذ غفوة النهار ، كيوهيون يلعب بالألعاب الإلكترونية على حاسوبه وهو يجلس براحة على العشب الذي جهزه لو جونغسو بالوسائد والأغطية المريحة ، ييسونغ يساعد ريووك في شرح مادة الرياضيات في غرفتهما ، كل شيء لطيف ولم يتفوه أحد بإخبار كيوهيون ماجرى وماذا فعل أثناء تطور قوته في غير وعيه وشيون بدوره لم يخبر أحد عن الهلوسات والكوابيس التي لا تغادره حالما تدق الساعة لمنتصف الليل . أثناء لعب كرة السلة تعثر شيون بالسطح الغير مستوٍ الذي يجري فوقه وسقط بقوة أرضاً ، مما إدى لكيوهيون أن يحول إنتباهه له ودونغهي أسرع إليه : هيونغ ، هل تأذيت .
رفع شيون نفسه وهو يضحك : إنه ليس بالشيء الكبير ، أنا بخير .
دونغهي أشار لركبة شيون : لكنك تنزف !
شيون أخفض رأسه : أوه ، حقـ!! .
إتسعت عينيّ شيون بصدمة ، دماء سوداء تخرج منه ! هذا لا يجب أن يكون صحيحاً !! وضع يده ببطئ على الجرح يتحسسه ثم رفع أصابع يديه نحو وجهه وهو يراها قد تلطخت بدِمائه السوداء : هذا لا يُعقل ! لا يعقل !! .
دونغهي : مالخطب هيونغ ؟
شيون وقف و صرخ بدونغهي : مـــالــــذي حـــــدث لــــــي بــــحــــــق الـــــجــــــحيــــم ؟! .
دونغهي فزع من صراخه وتراجع للوراء : لـ-لم تكن تعلم إن هذا سوف يحدث لك ؟ ييسونغ-هيونغ لم يخبرك ؟
شيون : يخبرني بماذا ؟
قاطعهم ييسونغ الذي خرج من الملجأ للحديقة : لم أخبرك إنك سوف تتحول مثلنا لإنك تمتلك DNA ليس مثلنا من نملك LMA لهذا ظننت إن نتائج التعاقد تختلف ! لكن يبدو إن كنت مٌخطِئاً والتعاقد قد حولك لذوينا ! شخصاً يملك LMA مثلنا تماماً .
شيون بعينين متوسعة غير مُصدِقاً لما يسمع : هذا لا يعقل ، لا يجب أن يكون صحيحاً !! .
ييسونغ تنهد وبنبرة هادئة : من الغباء أن تقدم على تصرفاً متهوراً لا تعرف نتائِجه .
شيون تجاهل ييسونغ وأسرع بالجري للداخل بصدمة وكونت دموعه حاجِزاً على عينيه شوش نظره قبل أن يصل لغرفته ويدخل يصفع الباب ويرتمي على سريره يبكي لا يهتم بالدماء التي لطخت السرير ، لم يكن يريد أن يكون مثلهم ، لم يرغب بتشوه في جيناته وحمضه النووي ! لم يرغب أن يكون وحشاً ! مدينته تملك ملجآن آخرين غير هذا ، كان من الأسهل عليه وعلى حياته لو تم نقله لأولئك الملاجئ الأخرى ! أدرك إن ما رآه الليلة الماضية بالمرآة بمنتصف الليل كان حقيقة ولم يكن وهماً أو هلوسة ، وكل تلك الكوابيس الغير مفهومة عن الحرب الدامية السوداء ، عن مشاهد القتل المرعبة ، عن توحش كيوهيون وإمساك جونغسو من رقبته ، عن رؤية إنعاكسه الأبيض الغير واضح على مباني المدينة الزجاجية المتدمرة ، أصبح لها معنى ؛ همس شيون بين شهقاته بوالديه يتمنى لو رحل معهما .
