10- وفشل الأتفاق!
*******************
لم تعرف تيشا هل أنها أستعادت شهيتها للطعام بالفعل أم أنها تقصدت صرف وقت طويل في تناول كل صنف كي تؤجل مواجهة تلك اللحظة المحتومة التي سوف يختليان فيها
أمتد بينهما الصمت ولم يكن مريحا ولا مزعجا , وقد قطعاه بين الحين والحين بتعليقات عادية مختصرة كي يتجنبا حدوث توتر محتمل
وبعد أن تناولت صحن حلوى وأحتست فنجانين من القهوة, أحست أنه لم يعد هناك مجال لمزيد من التلكؤ.وهذا ما شعر به رورك أيضا حين أشار لعاملة المطعم بأن تأتيه بورقة الحساب , وسأل تيشا من باب التهذيب فقط بالرغم من علمه المسبق لجوابها:
" هل أنت مستعدة للعودة؟".
كانت عتمة الليل الحميمة قد عززت وجودها في الخارج وبدت السماء حالكة الا من نجوم متلألئة من بعيد
القمر كان بعد هلالا وبدا شاحب اللون في الخلفية السوداء , ولما أحتوتهما سيارته البيضاء شعرت تيشا أكثر من أي مرة سابقة بجوها الداخلي الحميم
ألا أن رورك بدا غافلا تماما عن وجودها قربه وهو يقود السيارة بصمت عبر الطرق الريفية الخالية.لكن التوتر العصبي الذي أستطاعا أن يتجنباه في أثناء العشاء أحسته الآن يتملكها بسرعة مخيفة وهما يقتربان من بيته
لمحت أضواء بيت عمتها وخيل اليها أنها كانت تغمزها من بين أشجار الصنوبر ثم ما لبث رورك أن أنعطف بالسيارة الى الدرب المؤدي الى بيته.وقفت الى جانبه بعصبية وهو يفتح الباب الأمامي, وألتقت عيناها بالنظرة الشامتة والساخرة التي قذفها بها حين أنتحى جانبا في أنتظار عبورها قبله.
وغمغم معتذرا:
" لا أود أن أزيد من حجم المهزلة بحملك فوق العتبة".
فردت بصوت متوتر:
" بالطبع لا أتوقع منك هذا".ثم مرت به وعبرت بسرعة الى الردهة وحيث وجدت أن ذكريات زيارتها الأخيرة ما زالت حية زاهية بكل تفاصيلها
وعندما كبس رورك زر الكهرباء رأت عدة حقائب مكومة عند الباب ثم لاحظت فورا أنها حقائبها الخاصة
فسألته منزعجة:
" ماذا تفعل هذه هنا؟".أجابها بدون أن يظهر عليه أي أستغراب:
" لا بد أن بلانش نقلت بعض ثيابك وأغراضك الى هنا لظنها ربما بأنك ستودين أرتداء شيء آخر في اليومين المقبلين بدلا من فستان الزفاف ".
أنحنى يحمل الحقائب وأردف قائلا:
" سأوصلهما عنك الى غرفة النوم".لم يبد هناك شيء آخر تفعله سوى أن تلحق به الى غرفة الأستقبال وخطواته الواسعة الرشيقة تجعله يسبقها بالرغم من أنه حاول التمهل. كانت النار تشتعل زاهية في الموقد , وأضواء السقف المخفية تنشر نورا خافتا.
توقفت تيشا عند أسفل الدرجات الثلاث حين وقعت عيناها الخضراوان على أبريق شراب من البلور المنقوش تنزلق عليه من الخارج قطرات ماء متعرقة , وكأن يدا سحرية أحضرته قبل هنيهات من الثلاجة.
ورأت الى جانبه كأسين من البلور المماثل منكفئتين على صينية فضية .
وسألته بصوت كالجليد:
" كيف وصل هذا الى هنا؟".
فألتفت رورك عبر كتفه وعيناه تلاحقان أصبعها المشير الى مكان الأبريق , ولم يستطع أن يخفي أبتسامة مرح قفزت الى شفتيه وأجاب بمرح مماثل:
"يبدو لي أنه هدية شراب من والدك لنحتفل بليلة زفافنا وسنكون سخيفين أذا لم نستمتع بشربه باردا ,ما رأيك أن تملأي الكأسين لبينما أوصل أغراضك الى الغرفة الأخرى؟".
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير: عروس السراب
Romanceالحياة كالصحراء...احيانا تصادف واحة تستفيء بها,وتنصب خيامك قرب مياهها,واحيانا تتوه في رمالها فتبتلعك. تيشا كالدوبل فقدت امها فاحتمت بوالدها,لكنه كان قاسيا لخوفه عليها من الحياة وتجاربها, اراد تزويجها وتأمين مستقبلها لكن تيشا تفضل اختيار شريك حياتها...