5- وجهه في الذاكرة!
********************
نقلت تيشا فرشاتها الى يدها الأخرى وثنت أصابعها المتقلصة لطول ما قبضت عليها , تفحصت الرسم غير المكتمل وتهدلت كتفاها أسى وخيبة...
الحظ يهرب اليوم منها , فأي شيء تفعله لا يتكلل بالنجاح الذي تريده له.أطلقت تنهيدة ثقيلة أسترعت أنتباه بلانش التي كانت ترسم بدورها
فسألتها:
" أتواجهين صعوبات معينة؟".
" أجل , أنعدام الموهبة!".فوضعت بلانش فرشاتها جانبا ومسحت يديها بقطعة قماش وسارت الى جهة الأستديو الثانية المخصصة لأبنة أخيها
أخرجت سيكارة من جيب ردائها الواقي وأشعلتها ثم ألقت يدها على كتف تيشا وسألتها:
" أين المشكلة؟".
فتطلعت الفتاة اليها وأجابت وعلامة أستنكار تعلة وجهها:
" هذه الباقة كلها غلط في غلط وتبدو وكأنني ألصق البنفسج بخط مستقيم ... فعلت الشيء نفسه لما رسمت باقة النرجس , أي شيء أفعله اليوم أجدني عاجزة عن أتقانه ... أعلم أنني أرسم بطريقة مغلوطة أنما لا أقدر أن أصحح خطأي".فقالت عمتها ترشدها:
" لا يمكنك أن تحصري أهتمامك بأخطائك وحدها والا أعتدت فقط على تعلم الأغلاط وأرتكابها , أكتشفي الأشياء الصحيحة التي تفعلينها لتتمكني من تكرارها".
فأختفى العبوس من وجه تيشا وقالت مبتسمة:
" بلانش! أنت جوهرة! لا أدري من أين تأتين بكل هذه الألىء الحكيمة!".فأبتسمت بلانش بدورها وربتت على الخصلة البيضاء التي رافقت شعرها منذ الولادة وبدت الآن متناقضة مع الحاجب الأسود القريب منها , وأجابت:
" أنها تأتي من الفطرة السليمة ومن التجربة التي تخبرني الآن أنك متقلصة الأعصاب كوتر مشدود ... أن التوتر قد يبعث أحيانا على الأبداع لكنه بالنسبة الى وضعك الحاضر لا يزيدك الا خيبة وشعورا بالتقصير".
" وماذا تقترحين؟"." أقترح أن نأخذ أجازة في ما تبقى من العصر".
ثم رفعت بصرها الى منور السقف وهبطت به الى النوافذ وقالت:
" الضوء خفت في أي حال".
فنظرت تيشا بدورها الى النوافذ ورأت عبر زجاجها تجمع الغيوم الرمادية يحجب شمس العصر الباكر.تنهدت تيشا وهي تنظف فراشي الرسم , فكل جهودها ذهبت سدى وما أستطاعت أن تنتج نوعية رسم صالحة للمبيع...
وكل هذا الفشل بسبب الوجه الذي بقي يتراقص أمام عينيها , الوجه ذو الشعر البني الذهبي والعينين الداكنتين المخمليتين
كان من الأفضل بكثير لو أنها لم تخرج معه في الليلة الماضية ... كانت تفضل أن تعتبر نفسها جبانة لرفضها منازلته على أن تواجه الأكتشاف بأنه قادر على أثارتها." تيشا , تيشا, هل تسمعينني؟".
أجفلت حين وعت أن بلانش تكلمها وقالت:
" آسفة , كنت شاردة في أحد أحلام اليقظة , ماذا قلت؟".
فرددت عمتها وجبينها يتغضن بعبسة فضولية:
" سألتك أذا كنت ذهبت يوما الى فوهة بركان ألماس"." كلا , فكرنا مرة أن نزورها في رحلة ترفيهية أنا وبعض الأصدقاء , لكننا لم نفعل , لماذا تسألين؟".
" خطر لي أن نذهب اليها هذا العصر بالسيارة".
" كي ننقب عن الماس؟".
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير: عروس السراب
Romanceالحياة كالصحراء...احيانا تصادف واحة تستفيء بها,وتنصب خيامك قرب مياهها,واحيانا تتوه في رمالها فتبتلعك. تيشا كالدوبل فقدت امها فاحتمت بوالدها,لكنه كان قاسيا لخوفه عليها من الحياة وتجاربها, اراد تزويجها وتأمين مستقبلها لكن تيشا تفضل اختيار شريك حياتها...