٤

7.8K 170 8
                                    


4- وجهان في ضوء الشموع
***************************
أمضت ثلاثة أيام وهي تحاول العثور على مبررات وجيهة لتلغي موعدها مع رورك ماديسون , فمدت يدها ست مرات الى الهاتف لتخابره وكانت تتراجع في كل مرة لعلمها بأنه قادر على نقض أعذارها الواهية
كذلك لم يمكنها طلب أي مساعدة من بلانش لأعتقادها بأن تيشا قبلت الدعوة كمحاولة منها للتصالح مع جارها
بل أن عمتها فرحت بأذعانها هذا والى حد لم يترك لتيشا أي حل سوى أن تذهب معه.

وصل رورك في تمام السابعة ولكن تيشا تقصّدت ألا تكون مستعدة, ودخلت غرفة الجلوس بعد مرور نصف ساعة على وصوله وهي تعرف جيدا أن قفطانها الزيتي والأزرق المائل الى الخضرة
كان يعزز لون عينيها المتوهجتين بنور المعركة المقبلة , تسريحتها وحدها أستغرقتها ثلاثة أرباع السابعة
عقصت شعرها الطويل فوق رأسها كي يتوهج في الضوء الأصطناعي كتاج من الفرو, وقد أضافت هذه التسريحة سنوات الى عمرها وأضفت عليها مظهر أمرأة مجربة.

" بدأت اظن أنك سوف تلغين موعدي".
قال لها رورك ناهضا وهو يبدو كامل الأناقة في بدلة السهرة السوداء , ثم سار متمهلا الى حيث تقف ومطلا عليها بقامته الفارعة المهيبة , ومحتويا أياها بنظرة أعجاب وقحة....
فسألته بعذوبة :
" وما الذي دعاك الى ظن كهذا؟".

فلمس بأصبعه حجر اليشب الأخضر المتدلي من أذنها وأرسله بتأرجح
وهمس لها بصوت أجش:
" ربما ذلك العرق الصغير النابض في عنقك هو الذي أخبرني بأنك لست رابطة الجأش كما تبدين".
وقال بصوت أعلى ولصالح بلانش:
" تأخرنا, من الأفضل أن تمضي".

فأضطرت تيشا الى أخماد الغضب الذي قفز الى عينيها حين أستدارت الى عمتها لتتمنى لها ليلة طيبة وكان صعبا عليها جدا أن تبتعد عن يده القابضة على ذراعها
وقالت وهي تمس خد عمتها بشفتيها:
" لن نتأخر في العودة يا بلانش".
" أستمتعا بسهرتكما معا".
ثم غمزت تيشا وهمست لها مداعبة:
" تذكري, عشرون دقيقة ثم أشعل ضوء المدخل!".

فعقبت تيشا وهي تنظر الى مرافقها بسرعة وتقول لعمتها :
" الليلة لن تكون هناك حاجة الى ذلك".
كانت تعلم أنه لن تكون هناك تحيات مسائية متلكئة خارج الباب
وسألها رورك بعد دقائق وهو يفتح لها باب السيارة:
" عما كنتما تتحدثان؟".
" أنها مزحة عائلية".

أجابته متحاشية لقاء عينيه اللامعتين وهي ترفع تنورتها الطويلة ليستطيع أغلاق الباب.
كان غروب الشمس الذهبي قد صبغ الأفق بلونالكريم والعنبر الداكن وتظاهرت تيشا بتأمله حين أخذ رورك مكانه خلف المقود...
وقال رافعا حاجبيه بتهكم:
"أنت لا تظنين أننا سنتلكأ في توديع بعضنا في نهاية السهرة؟".

وأردف حين أستدارت اليه مستغربة:
" لقد أخذت كفايتي من أضواء المدخل التي كان يشعلها آباء وأمهات نافذو الصبر".
" ماذا؟ أما كانت هناك بنادق مصوبة اليك؟".
" كلا, لا بنادق".

روايات احلام/ عبير: عروس السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن