فتاة صغيرة تلعب و تجري ، تتلهف لمجئ أبيها من العمل لعله اشتري لها الشوكولاته التي تحبها ، بريئة ، ليست ناضجة لكي تعرف ما هو المرض ، لكي تعرف بأنها من الممكن أن تختنق و تفارق الحياة في غمضة عين .
لديها أحلامها الخاصة ، يتعامل معها الناس بشفقة ، و لا أحد يعلم أنها تكره هذا بشدة ، فلا تفهم أنهم يتعاملون معها بهذه الطريقة لمرضها فقط و ليس أكثر، ليس لأنهم يحبونها فعلا بل هي مجرد طريقة للتخفيف عنها أو الشعور بالرضا تجاه أنفسهم .
تكبر هذه الفتاة وسط عائلة طبيعية ، يكذبون عليها بمعظم الأشياء حتي لا يصارحونها بالمرض ، يمنعوها من الذهاب لأي طبيب أو حتي دخول أي مستشفي حتي لا تصدم بمعرفة الحقيقة ، و لا يعلموا أن في المستقبل سيأملوا أن يرجعوا الماضي مرة أخري و يخبرونها بكل شئ .
" أتمني الموت " فكرة لم تفارق عقلها ، دائما ما تفكر في الموت و لذة الغياب عن هذا العالم ، لذة الابتعاد عن خبث الناس و كلامهم الجارح ، عن مشكلاتهم و عن نظراتهم ، لذة الفراق .
تغيب الشمس عن غرفتها و يحل ضوء القمر الخفيف الذي ينير طرف سريرها ، النجوم التي تبدو و كائنها تحرس القمر بكل ما تملك من قوة ، تجلس تتأمل هذا المنظر البديع ، لا يغيب هو عن ذهنها و كيف تركها بهذه الطريقة ، و لما لم يخبرها أولا أنه راحل ، أنه راحل بلا رجعة و كأنه يقصد تعذيبها ، و لكنه لم يرد ذلك آبدا ، قد تمني لها السعادة الأبدية ، و لم يعلم أن هذه السعادة تكمن فيه هو ، فتجلس تبكي و تتساقط دموعها برفق و هي تميحها سريعا قبل أن يراها أحد .
" هل ستبقي هكذا؟ ، هي لم تخرج من غرفتها لثلاثة أيام حتي الآن "
" من الأفضل أن نتركها يا أمي ، لا أعتقد أنها ستتعافي بسرعة هذه المرة "
" لما عليها أن تحزن بهذا الشكل؟ ، هو مجرد شاب لا يستحق العناء"
" بل يستحق"
كاد الليل أن ينتهي و ما زالت تجلس وحيدة ، تنظر إلي الهاتف بلهفة ، منتظرة أي إتصال ، أي رسالة ، أي شئ يوضح لها أي شئ .
"آلا تريدين أن تأكلي؟"
" لا يا أمي ، أنا بخير"
" لا تبدين هكذا"
" بل أنا بخير "
"إلي متي ستدعين أنكى بخير؟ مع أنك لست هكذا "
" أمي .... أرجوكي لا أريد التحدث الآن "
" أنت حزينة لإختفائه ، أليس كذلك؟ "
" أمي ...."
" حسنا سأذهب"
* الهاتف يرن *
" ألو ، أهناك أي أخبار؟ "
" لقد سافر "
" سافر؟ إلي أين؟ "
" لا أحد يعلم "
كادت أن تفقد صوابها ، لا تدري ماذا عليها أن تفعل ، أغلقت الهاتف بسرعة ، ألقت بنفسها علي الأرض و هي تسند ظهرها إلي سريرها ، شردت بفكرها بعيد و هي تنظر إلي السماء بحسرة ، تشعر بالألم ، ألم لا ينتهي آبدا ، ألم يوشك أن يقتلها . أمسكت بالهاتف و كأنها تذكرت شئ مهم و لكنها توقفت و حاولت تذكر شئ ما ، نهصت من علي الأرض ، تبحث في كل مكان في الغرفة ، حتي وجدت ورقة بدا عليها أنها ورقة مهمة لها ، فتحتها بسرعة و قرأتها بصوت عالي
" سوف أكون معك دائما ، ليس بجسدي إنما بقلبي ، أحبك "ورقة تركها هو لها يوم رحيله ، ظنت أنه لن يرحل فعلا
،هي لم تستطع تحمل الفكرة حتي ، و لكن تحول هذا الكلام إلي حقيقة و لم يظهر مجددا ، اختفي كالشبح و لم يعد .
*ًأحد يطرق الباب*تلتفت هيً إلي الباب ،لا تفكر غير أن يكون هو من يدخل و لكن يظهر أخوها الصغير و علي وجه علامات الشفقة و الحزن .
" هل يمكنني الدخول؟ "
* تكفكف دموعها حتي لا يري كم هي بائسة *
" أجل يا سام ، يمكنك الدخول "
" هل يوجد أي أخبار؟ "
" لقد سافر و لا أحد يعلم إلي أين "
" و ماذا ستفعلين؟ "
" سأبحث عنه في كل مكان ، لن أتركه يذهب هكذا "
هذا هو الوعد التي قطعته علي نفسِها ، بأنها ستجده لتخبره كما أحبته و كيف كان هو الفارق في حياتها .
" آلو چانا ، أريد أن اراكِ "
" الآن؟ ، إنها العاشرة ! "
" إنه موضوع هام ، هل يمكنكِ المجئ إلي منزلي؟ "
" سأحاول ، سلام "
" سلام "
و بقيت تفُكر ، حتي قررت أن تستعين بصديقة قديمة لها و هي چانا ، هي ليست مجرد صديقة بل هي أكثر من ذلك ، هي شخص جدير بالثقة .
*جرس الباب يرن*
تعجبت الأم و هي تسأل " من سيأتي في هذه الساعة المتأخرة؟ "
فتجري مارلين و هي تقول " سأفتح ، هذه چانا "
تظهر چانا بوجها الجميل و عيونها الزرقاء و شعرها الطويل و هي تقول بصوت خافت " أنا واقعة في ورطة الآن " و بضحكة خفيفة تظهر علي وجه مارلين و هي تشير لها بالدخول .يدخلان الغرفة و مارلين تسند علي الباب بعد دخول چانا ، و فجأة تسمرت في مكانها ، عينيها شاردتين في مكان آخر .
نظرت لها چانا بتعجب و هي تقول " ما بكِ الآن؟ "
" لقد رحل "
" إنه شخصا سئ و ........ "
تقاطعها مارلين مسرعة " أرجوكِ ، لم أدعوكِ إلي هنا لكي تتحدثِ عنه بهذه الطريقة ، بل دعوتك إلي هنا لكي تساعدني "
" و ماذا تنوي أن تفعلي؟ "
" بداية يجب أن ...... "
أنت تقرأ
I Will Find You
Romanceقيل فيما مضي أن من يبحث عن شئ ما ، غالبا ما يجده في مكان غير متوقع .