1
((بدأ الامر كله في الثالث والعشرين من شهر شباط / فبراير
في ذلك اليوم مات خالي.. عماد مروان... كان اول من اكتشف ذلك هم الجيران اللذين اشتكوا للشرطة من الرائحة الخانقة المنبعثة من شقته وعندما دخلت الشرطة وجدوا جثته وقد مات على مقعده منذ أسبوع.. لقد مات وهو على المقعد يكتب بعض الكلمات غير المفهومة ولأنه يسكن وحيدا فلم يعرف أحد بموته.. كان عجوزا في الخامسة والستين من العمر ولكن لم يكن الشيب باديا على وجهه... لم تكن هناك تجاعيد ولم يكن أصلعا وبدينا كغالب العجائز.. كان فارع الطول يرتدي ملابس تذكرك بملابس رجال الاعمال.. وكان هادئا باردا شعره اسود مع بعض الشيب عند جانبي الرأس وكان يمنحك ذلك الشعور بانك في حضرة شخص مهيب له منزلة عظيمة.. لم يكن أحد يعرف ما عمله يقال انه كان محاميا ويقال انه كان كاتبا.. لكن أحدا لم يره يخرج من شقته الا نادرا... ولم يعرف أحد (ما عداي) كيف كان يحصل على تلك النقود التي يدفع بيها الايجار ويشتري تلك الأشياء التي تصله دائما في مغلف اسود.. على كل حال لم يكن يؤذي أحدا ولم يتعرض له أحد... ولم يزره أحد طيلة السنوات العشر الا بضع زيارات اغلبها كان مني او من محصل الايجار وفواتير الماء والكهرباء...
كان يسكن في شقة تقع في الطابق الرابع في احدى الشوارع الهادئة والراقية.. كان يحب الانعزال والوحدة منذ ان ترك منزلنا فلم يكن يزوره أحد غيري الا نادرا... عندما ترك المنزل كنت في الخامسة او السادسة من عمري أي قبل حوالي ثلاثة عشر سنة ... عندما كنت صغيرا كان خالي هو أقرب الناس الي في العائلة وقد كان يحبني وعلمني الكثير.. الحقيقة انه هو من علمني القراءة والكتابة فقد توفي والدي عندما كنت في الثالثة وليس لدي ذكريات عنه الا القليل ... تربيت على يدي جدي وخالي وبعد ذلك اخي سيف وهو أكبر مني بسبعة سنوات .. عندما كنت صغيرا كنت امر في الليل بالقرب من غرفته فكنت اسمع أصوات مخيفة من الداخل وأضواءً تنبعث من أسفل الباب.. كنت اشعر بالخوف الشديد.. ولكن عندما كنت اسأله في الصباح كان ينكر الامر برمته... لكني كنت اعلم يقينا انه يكذب.. تكرر ذلك بضع مرات ولم اتجرأ ابدا ان افتح الباب وقتها.. بمرور الزمن ضعفت علاقتي مع خالي وعندما طرده جدي من منزل العائلة كنت وقتها صغيرا فلم اعلم السبب .. ولكنني علمت بعد سنوات من اخي سيف ان السبب كان ان خالي قد بدأ بتعلم السحر منذ عودته من تلك الرحلة الى المغرب...
مضت الأعوام وتوفي جدي فلم يبقى لي من العائلة سوى والدتي وأخي سيف.. وكنت اتردد باستمرار على شقة خالي عماد عند عودتي من كلية القانون.. وكنت أخفى زيارتي لخالي عن سيف لأنني اعلم رده مسبقا وهذا جعلني أزور خالي مرة في الشهر او اقل.. لابد من القول هنا ان خالي لم يعلمني أي شيء عن موضوع السحر هذا وقتها ربما بعض الأحاديث الصغيرة عن وجود الجن وبعض قدراتهم وكلاما عاما يعرفه عامة الناس.. كان ودودا جدا معي ويكلمني عن أمور حياتي اليومية ومشاكل الجامعة والحياة ويودعني ببعض كتب الرعب التي كانت جائزة كبيرة بالنسبة لي ... كان ودودا ولا يبدو انه ساحر ابدا.. من يدري ربما كان اخي سيف قد اختلق الامر برمته ... هكذا نسيت كل شيء عن الماضي ...ولكن الماضي قرر ان يعلن عن نفسه... في آخر مرة زرته فيها قبل وفاته بثلاثة أسابيع.. صعدت الى الطابق الرابع بالسلالم لان المصعد كان معطلا والمنزل كما قلت في الطابق الرابع .. وبعد ان وصلت هناك بجهد كبير توقفت عند الباب وتصلبت ... انها نفس الأصوات التي كنت اسمعها سابقا في تلك السنوات والضوء الذي ينبعث من أسفل الباب هو نفس الضوء الذي أٍسهرني ليالي طويلة وزار كوابيسي عشرات المرات... بعث في الرعب... الرعب الذي دفنته السنوات الطويلة...استدرت بلا كلمة وكدت أن أهرب وأطلق ساقي للريح ولكنني سمعته ينادي من وراء الباب ..
أنت تقرأ
الساحر الشاب
Horrorالساحر الشاب... . . . ذلك الكتاب ما زال موجودا عندي في القبو منذ سنوات ولم أفتحه ابدا ولا أنوي ذلك ابدا.. مرت على هذه الحادثة 7-8 سنوات ومازلت احتفظ بهذه الرسالة.. كانت ذكريات مريرة ولكني سأخفيها كي لا يتهمني أحد بالجنون ... فليرحم الله ضحايا هذا ال...