الفصل الثالث والآخير

161 19 3
                                    

3

بعد أيام كنت أسير في إحدى الأزقة المظلمة... كان الوقت يتجاوز منتصف الليل وكنت ابحث عن نوع محدد من الفئران... عندها خرج لي من الظلام أحد أولئك (البلطجية) وهو يحمل مسدسا توقعت ان يطلب كعادة اللصوص ما عندي من نقود.. ولكن كانت لديه مهمة محددة

"الكتاب!"

"أي كتاب؟؟!!"

"لا تتحامق عليّ انت تعرف ما اقصده جيدا"

"إذن لقد ارسلك سيف وخليل وإبراهيم أليس كذلك؟"

لم يرد علي! وانما أخذ الكتاب من يدي وهرب منها.. أحمق يعتقد انه يقدر على العودة بهذا الكتاب حيا..... قلت بضعة عبارات لاتينية مرة أخر... السحر اللاتيني هو المفضل لدي على الرغم من كل شيء ... توقف اللص مكانه وقد تصلبت يداه وأسقط الكتاب.... مشيت ببط اليه ثم حملت الكتاب ... تعمدت الا أقتله .. ليس الآن عليه ان يوصل رسالة الى الثلاثي

"قل لهم ان هذه الطريقة بلا فائدة ولا يمكن الحصول على الكتاب بالسرقة ابدا وانما برضاي فقط ولا أنوي اعطائه لهم بأية حال"

ومشيت تاركا إياه يصرخ ويداه تتعفنان ببطء... كان يصرخ وهو يهرب وقد أطلق ساقيه للريح.. عرفت لاحقا ان خليل قد مات في المستشفى بعد ان بتر الأطباء يديه لسرطان غريب ظهر فجأة في يديه!!

قضيت الأيام الأخرى وانا معتزل في منزلي ليس بسبب القراءة هذه المرة.. الغريب انني توقفت للمرة الأولى عن قراءة الكتاب منذ ان حصلت عليه... كنت حزينا على موت صديق عمري خليل ولكن ذلك لم يكن سبب توقفي عن القراءة.. السبب كان دعوة تلقيتها من إبراهيم لزيارة مصنع مهجور.. لست أحمق أنا أعرف أنه يريد الكتاب على كل حال ولكن يبدو أنه قد تعلم الدرس.. لا يمكنه اخذ الكتاب وأنا حي وبالطبع لا يقدر على قتلي... لذا الفضول الذي قتل يونس هو الفضول الذي جعلني أقف في المكان المهجور بعد منتصف الليل انتظر مجيء إبراهيم...

كنت واقفا وقد وضعت الكتاب في شقتي هذه المرة.. لقد وضعت تعويذة حماية عليها وعلى المنزل كله... كما انه رأى ما حصل ليونس وخليل ... لا يمكن سرقة الكتاب ببساطة

فجأة شعرت بسائل غريب ينسكب على فجأة ..هذا كازولين أو بنزين.. الرائحة نفاذة جدا.. عندها رأيت إبراهيم وهو يشعل النار في عود ثقاب ويستعد لإشعال المكان

كان على التفكير بسرعة ولم أجد ما أقوله كنت بحاجة للمماطلة

"هل سيف معك في هذه الخطة"

"لا ليس هذه المرة .. انه في منزله يوشك ان يصاب بالجنون.. ولكني وجدت ان عقوبة الساحر منذ أيام الرومان هي الحرق حيا... تبدو عقوبة مناسبة لك.. آسف لا شيء شخصي بيننا"

"وانا أيضا آسف"

"على ماذا؟!"

عندها قمت بخدعة سحرية لا يتقنها الكثيرون حتى من السحرة.. قمت بتغيير مكانينا بسرعة.. فصار هو مكاني وانا مكانه وكانت الشعلة لا تزال في يده.. كان آخر ما رأيته على وجهه هو الخوف والارتباك ثم اختفى وسط الدخان.. يبدو أنه كان بنزينا دون كازولين... لو كان إبراهيم جيدا في حرق الناس لتعلم ان يستخدم الكازولين فالبنزين شديد الانفجار بينما الكازولين يعطيك فرصة للفرار

قضيت الأسابيع الأخرى في شقتي وانا اتأمل في الفراغ... كان يبدو أنني مستعد للإصابة بالجنون الامر يخرج عن سيطرتي... لم يكن هذا ما أردته.. كنت أريد بعض القوة والسلطة ولكن قائمة الضحايا تزداد بشكل متسارع جدا .. الدكتور عوني ويونس ثم جاسم ومروان وبعدها خليل وإبراهيم من يدري ربما يكون اخي هو التالي.. قررت ان اضع حدا لهذه السلسلة احضرت كازولين وسكبته على الكتاب ثم اشعلت فيه النار.. بالطبع لم يشتعل الكتاب وهو شيء كان علي توقعه ولكنني اردت التجربة أولا... أخذت الكتاب وركبت السيارة وذهبت الى النهر... وضعت الكتاب في كيس أسود ثم رميته بعيدا.. وبالطبع لك ان تتخيل كيف ان الكتاب عاد وظهر فجأة في المنزل من جديد.. لا داعي لمحاولة التخلص منه هكذا.. الأمر واضح هذا الكتاب الملعون لن يتركني وشأني ويجب على ان ارسله لأحد كي ارتاح.. ولكن لابد من شيء آخر.. فكرت فيما حصل لخالي... عندما اعطاني الكتاب لم يبد لي كشخص يوشك على الموت بل كان يريد التخلص من الكتاب.. أستطيع رؤية ملامحه الان وهو يعطيني الكتاب ويودعني بسرعة كأنما يخشى أن أغير رأيي.. هكذا إذن ... ولكن الكتاب لم يعمل حتى مات خالي

يجب ان انقل هذا الكتاب لأحدهم كي أستريح.. أريد أن أموت ولكن ذلك غير مسموح لي بوجود الكتاب.. عندها خطرت ببالي الفكرة.. ماذا لو أرسلته الى شخص اعرف يقينا انه لن يستعمله.. بدت لي الفكرة جيدة جدا.. لذا أقمت تلك المأدبة ودعوت اليها تلك الوحوش من جديد.. حراس الكتاب والذين كانوا يساعدونني طوال الوقت.. واخبرتهم انني قررت نقل الكتاب الى شخص آخر واخبرتهم باسمه ..(سيف) ... ولهذا السبب تراني اشتري هذا الحبل وأربطه بالسقف.. ولهذا تراني اصعد على الكرسي.. ولهذا تراني أكتب هذه الرسالة.. واعرف يا سيف أنك ستقرأها.. لقد علمت أنك في طريقك الى شقتي لمحاولة يائسة .. هذه الطريقة الوحيدة صدقني.. أنا آسف على كل شيء.. وأريد أن أشكرك على كل ما فعلته لأجلي.. كنت نعم الأخ ونعم الصديق.. شكرا على كل شيء ...))

هذه الرسالة الطويلة وجدتها بجانب أخي الذي أنتحر ليتخلص من عذابه .. وجدتها بجانب جثته وبجانبها الكتاب الملعون... الكتاب موجود عندي في القبو منذ سنوات ولم أفتحه ابدا ولا أنوي ذلك ابدا.. مرت على هذه الحادثة 7-8 سنوات ومازلت احتفظ بهذه الرسالة.. كانت ذكريات مريرة ولكني سأخفيها كي لا يتهمني أحد بالجنون ...

أخي المسكين الذي ما زلت لا أدرى ان كان في وعيه وهو يقوم بكل تلك الأمور .. ولكن برغم كل شيء فقد كان في وعيه عندما وافق على أخذ الكتاب... لقد مات في سبيل ان يقطع السلسلة.. ولكن ذلك لا يغير حقيقة انه بوعي او من دونه قد قتل ستة أشخاص لا ذنب لهم...

الان اعرف لماذا السحر محرم في كل الأديان السماوية ولماذا السحرة ملعونون في كل مكان وزمان...

فليرحم الله ضحايا هذا الكتاب الملعون...

وليرحم الله أخي المسكين الذي لم يعلم فداحة ما يفعله الا بعد فوات الأوان..

$[Ie8

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 14, 2016 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الساحر الشابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن