الم....بلا امل

191 3 10
                                    

صرخااات مدوية كانها خرجت من قعر الجحيم...تحشرجت في حنجرة (خالد) واندفعت مرة واحدة كرصاصة رحمه ،حتى كادت أوتار صوته اليائس أن تنقطع
آهات شخص مكلوم ..ينصهر بداخله الم موجع كانه حمم و براكين،
يخالطه أصوات سيارات الاسعاف والشرطة...واشخاص يتدافعون لنقل المصابين واخلاء المكان ..وحالة من اللغط والجلبة بين شرطي ومسعف ومتطفل لالتقاط صورة لنشرها
نحيب ممزوج بالدموع على فراق (شهد)... يجثوا امام جثتها،  ينوووح كطائر فقد افراخه بلا حول ولا قوة ..وكل ما يفكر به انه فقدها للابد.!!!
هي لن تعود..فالموت لا يستاذن احداً ليُؤذن له باخذ ارواح من نحب ...يباغت الذين نسوا الموت..او تناسوه..او ظنوا بان لهم القدرة ان يحددوا وقت رحيلهم ،فكل انسان ليس له ان يختار..وان عليه ان يذعن بان وقته في هذه الدنيا قد انتهى
ولكن بموت (شهد) انتهت كل فصول الامل في عيني (خالد)...ودَفن معها كل شعور بالسعادة...واختار جسده المتعب ..المثخن بالدماء.. بجروحه المنتشرة في جسده المتهالك ان يستسلم لاغماءة افقدته الوعي ...لعله يفيق من كابوس (عرس الدم) الذي عاشه في هذه الليلة...ليلة 25_ديسمبر ..المشؤوم...وكانت العروس هي (شهد)

(بعد مرور عام)...
يرن جرس المنبه في الساعة السابعة...لياذن ببدأ يوم جديد..يوقظ (سلمى) من نومة هادئة..فتستيقظ بتثاقل على غير عادتها، فهي فتاة امتازت بنشاطها وروحها الحيوية..وابتسامتها المليئة بالامل..
وهي مميزة بين زميلاتها في الكلية بحبها للبحث والتحدي..لا تحب ان تستسلم للياس...وتؤمن ان لا شيء مستحيل..وان بالاراده تستطيع ان تتخطى كل العقبات
اوقفت صوت المنبه المستفز والمُلِحْ لايقاظها..وتذكرت ان اليوم ستقابل ألدكتور المشرف على رسالة الماجستير التي تحضرها هو (الدكتور امجد)..لمناقشة مستجدات الرسالة...فاسرعت لتتحضر وتبدل ملابسها على عجل حتى لا تتاخر.
كانت تقود وهي شاردة الذهن ..تستدرك الحلم الذي راودها اليوم ..والذي جعلها في حالة توتر وتفكير طوال الطريق ..وذلك لان الحلم ذاته يتكرر بين الفينة والاخرى .بشكل واضح ،كانه رسالة مبهمة لم تستطع حل رموزها بعد
وفي لحظة غفلة...خرجت عن المسار الصحيح فكان السبب في تاخرها عن الموعد ..فالحلم يمر امامها كانه ومضات من صور متلاحقة لنفس الشخص الذي تراه في كل مرة..برداء ابيض ملطخ بالدم ..ووجه شاحب..وعينين غائرتين بالرغم من وسامته..ِ كانه حبيس سجن وسط سهل منبسط..تملؤه غربان سود وفي كل مرة يناديها يقول: "سلمى انقذيني"
تاخرت عن موعدها بنصف ساعة ...وعندما وصلت اعتذرت للدكتور بلباقة عن تاخرها ..رد عليها ببتسامة لطيفة : لا مشكله تفضلي...جلست بامتنان و طلبت ان تعزمه على فنجان قهوة كنوع من التعويض له بسبب تانيب الضمير الذي تشعر به..
تبادلا اطراف الحديث على انغام فيروز ورائحة القهوة العتيقة في اجواء هادئة ومريحه
تحدثت عن المشكلات التي تواجهها في الوقت الحالي والتي تعيق اكمال رسالتها بسبب عدم وجود ادلة داعمة لابحاثها وعن ماهية الافكار التي تتبناها
فهي تؤمن بان الاشخاص الذين اصيبوا باقسى انواع الصدمات العاطفية يزداد لديهم الشعور بالاحباط الذي يؤدي الى الانتحار او الاقدام على جرائم جنسية بشكل انحرافي ، وان العلاج الفعال برايها يكمن في عمل صدمة عاطفيه مشابهه لما مرت به الحاله ولكن بصورة اعنف عن الصدمة الحقيقية لتكوين رد فعل عكسي (كدرس تعلمه من الحياة)يجعل المريض في حالة من النضج الفكري والعاطفي ويعيد له التوازن الداخلي التي يجعله يندمج في المجتمع مرة اخرى
كانت تتحدث بحماس الفتاة العشرينية المقبلة على الحياة..وعينان تشعان منها بريق التحدي والثقة في النفس..والدكتور امجد ينصت اليها بتركيز وهو يحتسي فنجان قهوته ..وبالرغم من تاثره بحماسها بشكل واضح الا انه عارض افكارها ...فالعلاج من منظوره يجب ان يحافظ على سلامة الحاله والا يعرضها لخطر نفسي قد يجعل منه وحش بشري عديم الرحمه.
لم تقتنع سلمى براي الدكتور امجد فآراؤه يُناقض آرائها تماما، وقد يجعلها تغير موضوع رسالتها التي تؤمن به بشكل راسخ والذي بات من الصعب تغييره،وقد لاحظ ان كلامه لم يعجب سلمى فقد بدى على وجهها الامتعاض والضيق ولكن لم يمنعه ان يكمل كلامه ، فقاطعته بقولها انها متاكده من رسالتها و بانها ستبذل كل جهدها لاثبات آرائها بالادلة والبراهين، وان اثبات افكارها اهم لديها من الحصول على الشهادة.فبدات بجمع اوراقها ودفتر ملاحظاتها وهي تحاول ان تنهي هذا اللقاء المخيب للامل ...

يتبع___>

ليلة ديسمبر المشؤومةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن