(5): قلق إيفا وأفلن

224 25 0
                                    

دقت الساعة العاشرة صباح اليوم التالي، فالتفت المستر أفلن إلى الباب، كأنه يتوقع دخول المستر هوكر حسب الاتفاق بينهما، ولا سيما لأنه تعود منه فيما مضى المحافظة على المواعيد بالضبط، ولكنه لم يرَ أحدًا داخلًا؛ فقال في نفسه: «لا بد أن يكون قادمًا الآن.»

فنهض من مكانه وتمشى ببطءٍ نحو الباب، ثم خرج وتلفَّت هنا وهناك، فلم يرَ هوكر قادمًا، فعاد إلى مكانه، والتفت إلى الساعة فإذا بها صارت ٥ دقائق بعد العاشرة، فقال في نفسه: «لعلَّ له عذرًا ونحن نلوم؛ الفتى أمين، وقد اختبرناه بضع مرات.»

مرَّ نصف ساعة بعد العاشرة وهوكر لم يعد كما وعد، وحاول أفلن مرتين أن يمسك بوق التليفون لكي يخاطب مس إيفا كروس؛ فخشي أن يسوءُها، ولكن لم يعد يطيق صبرًا؛ فطلب رقم تلفونها، وفي الحال جرى بينهما الخطاب التالي: مس إيفا كروس؟

– نعم، من أنت؟

– أنا المستر أفلن، نهارك سعيد مس كروس.

– نهارك سعيد مستر أفلن.

– لا بد أن تكوني قد رأيتِ الدبوس الآن أجمل منه قبلًا.

فقالت إيفا في نفسها: «يظهر أنَّ هوكر أخبره شيئًا عن علاقتنا المستقبلة؛ فلا بأس لأني سأكون قريبًا زوجته.» ثم أجابت المستر أفلن: الحق أنَّ دبوسًا كذاك كلما نظرت إليه ازددت حبًّا له.

فتنهد أفلن الصعداء كأن همًّا كان على صدره فزال، فقال: إذن قررتِ أن تشتريه؟

– أما وصل إليك المستر هوكر بثمنه؟

– كلَّا، كان المنتظر أن يأتي الساعة العاشرة والآن الدقيقة ٤٠ بعد العاشرة.

– لعل أمرًا فوق العادة أعاقه.

وفي الحال تصوَّرت تلك الغبية المفتونة هوكر وزوجته في المحكمة يتطلقان، وقالت في نفسها: «عجيب كيف يعده أن يعود إليه الساعة العاشرة، وهو يعلم أنَّ عنده موعدًا آخر في المحكمة.»

فقال أفلن: إذن؛ ننتظره بعد.

– بالطبع.

ولما حانت الساعة الواحدة بعد الظهر جعلت مس إيفا كروس تتوقع قدوم المستر هوكر الدقيقة بعد الدقيقة، وفي إبان قلقها ووجدها سمعت الجرس يقرع؛ فخفق قلبها فرحًا، ولكن وفي لحظة انقلب فرحها إلى غم؛ إذ دخلت الخادمة، وقالت: مستر أفلن يريد مقابلتَك مس كروس.

– ماذا يريد؟ أدخليه إلى القاعة.

ولما دخلت إلى القاعة وجدت المستر أفلن لا يزال واقفًا وهو مضطرب، فقالت: ألم ترَ المستر هوكر؟

– ولا أثره ولا سمعت بخبره.

فاسودت الدنيا في عَيْنَيْ مس كروس، وقالت: لا بأس؛ لعلَّ له عذرًا.

– لعلَّ ذلك يا مس كروس، ولكن التاجر الذي له عشرة آلاف في غير بنكه أو خزنته كالمريض الذي له روح في يد عزرائل؛ فأرجو من فضلك أن تسألي بنكك الآن إذا كان قد صرف تحويلًا لأحدٍ باسمي.

هوكر المحتال الأمريكي العظيم ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن