الفصل الأول

395 25 41
                                    

بدأ المطر بالهطول تدريجيا ، واختلط صوت قطراته بصوت خطواتٍ صغيرةٍ متسارعة ، تعالت شهقات ذلك الطفل البالغ من العمر خمسَ سنوات وصوت بكاءه الشديد يزداد ، تبلل شعره رمادي اللون وبرزت له أذنا ذئبٍ وذيلٌ كبير ، بات يركض هارباً من شيءٍ ما ، يركض الى اللامكان حتى أُنهك وخارت قواه ليقع أرضاً ، وسط وضعه ذاك تعالى إلى مسامعه صوت خطوات لم يعرف لمن كانت ، كانت تلك هي اللحظة التي قُرِّر فيها أمر ابقائه في منزلهم ، منزل عائلة ريتشارد.

-------------------------------------------

فتح الطفل رمادي الشعر عينيه ببطئ وجال بها في المكان ليجد أنه مستلقٍ على سريرٍ كبير في غرفةٍ كبيرة تتضمن مدفأةً وبعض الأثاث ، اعتدل في جلسته لينظر بهدوء الى ما حوله وبقي جالساً في مكانه ، وما ان فُتح الباب اختبأ تحت الملاءة الحمراء الكبيرة بينما دخل طفلٌ يبدو في السابعة من عمره الى الغرفة ، كان ذو شعرٍ كستنائي قصير ؛ وقف مراقباً اياه  ، 'هل استيقظ؟' هذا ما قاله الفتى ذو الستة عشر عاماً قبل أن يدخل الى الغرفة بعد أن أومأ له الفتى الصغير ، دخل حاملاً معه صينية بها صحنٌ صُنع من خزف يحتوي على عصيدةٍ حارّة تبدو لذيذة أسالت لعاب طفلنا الجائع ما إن رآها فاتسعت عيناه ، ولكنه سرعان ما أدرك أن المدعو جاك يقترب منه مبتسماً فعاد الى الاختباء .

' هل تشعر بتحسن؟ لقد وجدَتكَ أمي مغمى عليك بالقرب من منزلنا ، أدعى جاك في السادسةِ عشر ، هل تقدر على تناول الطعام؟' ، مضت عدة ثوانٍ قضاها الصغير متأملاً الطعام على الطاولة بعيونٍ لامعة ليُقطع صمتهم بصوت معدته المتعالي ، فقهقه جاك لصوتها العالي قائلاً ' مادمت جائعاً لهذه الدرجة اذاً فبإمكانك تناول الطعام! هيا أتريد أن أطعمك؟ '
مد جاك يده حاملاً الملعقة ونفخ عليها قليلاً ليُبرّدها ثم حاول اطعام تيم ' هيا فلتفتح فمك ....... مابك أولستَ جائعاً؟' ، رفض الصغير تناول الطعام ولكن ؛ الجوع كافر ، فبعد دقائق عدة استطاع جاك اقناع الطفل ذو العيون الحمراء اللامعة بتناول الطعام وما ان تناول أول لقمةٍ منه حتى كسر كل حواجز الحذر لينهى صحنه ، ومباشرةً بعد ذلك أبرز ذيله وأذناه اللتي أخفاها ليقول بصوته الطفولي وبنبرةٍ مرحة 'انه لذيذ!' ، تفاجأ جاك قليلاً مما رأى ولكنه ضحك بهدوءٍ قائلاً 'أنت مستذئبٌ اذاً؟'
تقدم كيفن الذي كان يراقب الوضع بهدوءٍ من عند الباب ليقفز بنشاطٍ الى تيم 'مذهل! إنك صغير مستذئبٍ إذن! بالرغم من أنك لا تشبههم كثيراً ، فليس لك شعرٌ يغطي جسدك أو حتى مخالب!' ، ضربه أخوه على رأسه بغضبٍ 'فلتتحلّ ببعض الأدب أثناء حديثك مع الضيوف!' ، صرخ كيفن واضعاً يديه على رأسه من الألم 'ولكنني لم أسئ أدبي ولم أقُل كلاماً بذيئاً!!'

'ألّا تقول كلاماً بذيئاً لا يعني أبداً بأنك لم تقل أدبك!' ، كانا على وشك الخوض في شجارٍ جديد من شجاراتهما المعتادة رغم الفارق العمري بينهما ، ولكن وقبل أن يبدآ تبادل الضربات دخل شخصٌ آخر للغرفة وقال بصوته الحازم والذي تخللته نبرةُ غضب ' لا أظن ان الشجار امام الضيوف جيد ' كان رجلاً طويلاٍ أسود الشعر أزرق العينين وحسن الملامح ، لمح تيم جالساً وخلفه ذيله الكثيف فتبسم وقال 'كيف حالك يا صغير؟ هل تشعر بتحسن؟' ، ارتبك تيم قليلاً ونظر الى جاك ،'لا داعي للخوف يا ... احم ، انه أبي ويدعى ريتشارد ، انه طبيبٌ وقد داوى جروح يديك وقدميك ' ، اعاد طفلنا نظره الى ريتشارد ثم الى يديه وقدميه ليجد أنها مضمدة بالفعل ، اعاد نظره مرة اخرى لريتشارد وأخذ يتفحصه ، فكانت له لحية سوداء مهذبة كما ارتدى قميصاً بني اللون مصنوعاً من الصوف ونظاراتٍ زجاجية ، قال ريتشارد بابتسامةٍ حنون ' تبدو لي بخير ، ما اسمك؟' ، فأجابه تيم بتردد بعد أن صمت لثوانٍ 'أسمي ... تيم'.
------------------------------------------
كان هذا هو اللقاء الأول بين تيم وعائلة السيد ريتشارد ، لم يتواجد جميع أفراد العائلة في ذلك الوقت ، وكان هذا لسببٍ يخصهم فقط ، سرٌ آخر لا يعرفه سوى عائلة ريتشارد ، سرٌ لم يعرفه تيم حتى بلغ السابعة ، سرٌ يتعلق بالسيدة 'روز' زوجة السيد ريتشارد و...تيم؟ انتظروا الفصول القادمة لتعرفوا ^_^.

ملاحظة: لم أحدد يوماً للنشر وربما لن أحدده خاصة أن امتحاناتي قد بدأت بالفعل 🙂 وستسمر لأسبوعين متواصلين....وفقنا الله وإياكم ☺️ ، لا بأس ان كانت طريقة سردي سيئة قليلاً سأستمر وآمل بأن أتحسن^_^
في أمان الله ^_^\

أسطورة طفل <قصة لمسابقة الفئات categories>حيث تعيش القصص. اكتشف الآن