ومن هي لتاخد كل تلك الاهمية

349 26 6
                                    

خرجت مسرعاً متنسياً ردائي الشتوي ، الغضب يغلي بداخلي ولا اشعر بذرة من البرد او حبات المطر التي تلامس وجهي
جلس على مقربة من ذلك المنزل الذي لا يخلو من المشكلات ، بدأت ارتب مشاهدي مع هدوء المطر شدني لذكريات مؤلمة ، ولكن صوت قطع يد تلك الايام ،تردد في سمعي ، نظرت لمصدره ، فتاة تقرب من عمري ، تلهو تحت المطر ، ذلك الحجاب الذي زين رأسها ، عيناي كبيرتان سوداوتان وكأن الحل تربع بهما ، نسيت نفسي وكل شيء حولي ، ولم تقم مقلتي عن مرحها بين زخات المطر ، اردت ان انهض لأكلمها ولكن جاء اطفال صغار وذهبت برفقتهم
عدت لمنزلي والاسئلة تعتريني من راسي لاخمص قدامي ، استحلت تفكيري ، ولكن قلت في نفسي :

(ومن هي لتاخد كل تلك الاهمية ؟!!)

وما ان رايت وجهه حتى نسيت هدوء الدم في شرايني ، نظرت له بإزدراء ودخلت غرفتي ، كيف له يقوم بذلك؟ ان يريد صفعي امام جميع اعمامي ؟ ولما لانني لم اسكت عن حقٍ لي ؟ اردت الشتم ولكن تذكرت انه والدي ، لم يردني سوى ذلك ، اخذت نفسا عميقاً واغمضت جفناي وانا متكأ على النافذة ، ايقظني نداء امي الحنون وطرقها على الباب بخفة ، دخلت بوجهها البشوش ، ابتسم ثغري من غير ارادته ، قبلت يدها وجلسنا على السرير
نطقت بحنان:

" يا بني ، مهما حدث هو مازال والدك "

قلت بغضب :

" بربكِ يا امي ، هل ما يقولونه صحيح ؟ انا لا اريد ذلك ؟ لا اريد "

ارادت ان تتكلم ولكني قلت مقاطعاً:

" ارجوكِ امي ، ان كنت تريدين سعادتي ، لا تفاتحيني بهذا الموضوع مجدداً"

طوقت راسي بين يديها وقالت بحب :

" لا تقلق ، لن انطق بكلمة عن ذلك ابدا"

وخرجت وقد جعلت بعض السعادة تدخل قلبي

وفي صباح اليوم التالي وانا في طريقي للبيت بعد الانتهاء من يوم ملل وروتيني ايضاً ، مررت بجانب الكرسي الذي جلست عليه البارحة ، توقفت حركتي وتجمد المكان ، عادت ذاكرتي للوراء ، تلك البلورتان  وظلام الليل عشعش بهما ، لا اردي لما احببت تلك المقلتان؟ هل لمعتهما ؟ ام ابتسامتها التي جذبتني ؟ لا ادري حقا لما افكر بها الان ايضا ؟
جلست عليه مجدداً ، انتظرت قليلاً ، ولكن لا اعلم لما ؟ هل اعتقد انها ستظهر من العدم مرة اخرى وتاخذني عيناها للامكان ؟
ابتسمت بسخرية طارحاً تلك الاوهام على الارض التي ملئت بالطين اللزج ، عدت لمنزلي ولكن خيبة استحلت قلبي ، سمعت اصوات نساء يضحكن ، لم اعر اي اهتمام مررت بجانب غرفة الضيوف فانا لن استطع الصعود لغرفتي او الدخول للمطبخ إلا ان مررت ، لمحت طيفها  هل انا اتخيل مرة اخرى ؟ ام اصبحت مجنوناً ؟
دخلت للمطبخ ، قالت لي اختي بتفاجئ:

" متى أتيت انور ؟"
قلت لها متجنبا سؤالها:

" من لدينا ؟"

نقيض المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن