اريد عيناكِ

119 13 4
                                    

.....الراوية .....

بعد انتهاء ذلك اليوم الممتع لانور وليمار ولكن  ينتظرهم شيء اكبر من ذلك ، عاد للمنزل والفرحة تغمره من راسه إلى اخمص قدميه ؛ ابدل ملابسه ونزل إلى الغرفة لياكل طعامه مع العائلة ،دخل وهو يحاول اخفاء ابتسامته ؛ عندما بدأ بالاكل ، نظر لوالده شعر وكأن هناك شيء ولكن نظرات امه قد اوقفت ثغره عن الكلام ، وبعد الانتهاء قال الاب موجها كلامه لانور :

" اريد الحديث معك على انفراد"

قال انور بثقة:

" قل امام الجميع ، فلست اخبئ اي شيء "

قال الاب بغضب :

" اذاً ليسمع الجميع وعلى راسهم انت ؛ عند انتهاء هذه السنة ستعقد قرانك على غزل ابنة عمك ولن اتراجع عن هذا القرار ابداً "

سقطت تلك الكلمات كالصاعقة على قلب انور ؛ قال بهدوء يشوبه القهر :

" ابي ؛ انا الذي ساتزوج وهذه حياتي انا وزواجي انا ، سأختار اي فتاة تعجبني انا ، لن انقاد وراء تلك العادات السخيفة "

نهض والده بسرعة ورفع يده واراد صفعه  ، امسك انور يده وقال والشرارة تنطلق من عيناه :

" تلك اليد لن تلمس خدي ما دام الحق بجانبي ؛ فإن كنت على خطأ فلتقتلني امام المدينة بأسرها "

افلت يد والده وخرج بعد إلقاء نظراته على اخته دنيا ظناً انها من وشت به ولكنه لم يهتم واكمل طريقه ،

كان الجو كحاله تمام هائجاً وغائماً وتتضارب الغيوم ببعضها البعض وكأن السماء بل تلك السحب توشك على إلقاء قطراتها هنا ؛ ويبدو ان قلبه سيبدأ عاصفة من الذكريات  ؛ جلس على مكانه المعتاد وبدأت تلك المشاهد تتخلل إليه بهدوء وكأنها سم يدس بداخل جسده  ، تذكرها ضحكتها صوتها حديثها واجمل ما فيها عيناها ، نطق بغصة وألم :

" أريد عيناكِ الان ، أريدها لانسى كل من حولي وأمعن النظر فيهما ؛ اريد ان اغرق بذلك البحر الاسود اعلم انه لن يغرقني ؛ أريدك بجانبي "

لقد كان يحادث طيفها بمخيلته ولكن صوت اوقف عقلك عن التخيل :

" انور انتَ هنا ؟ "

بريق من الامل تشابك بنبضانه ولكن حالما نظر ليجدها هي ، تلك التي تحاول سرقتها منه ، سرقت حلمه ولكن هل سينجح بالابتعاد عنها ؟

...... انور.....
حتى في عالم الخيال لم يركوني لوحدي ؛ قلت بغضب وانا اوشح نظري عنها :

" اجل وهل يوجد لديك مانع ؟ "

قالت بنعومة ذلك الصوت الذي كرهته :

" لا ولكن الجو بارد وانا اخشى عليك من البرد "

قلت  بنفاذ صبر :

" ارجوكِ ارحلي غزل ؛ لا اريد رؤية وجهك مطلقاً ؛ اتركيني بمفردي "

قالت بحزن تظن انني سأشفق عليها :

" لتذهب لها ، اتركك لتاخذك هي بسهولة، لتاخذ حلمي من بين يدي ، انا هي من احبتك اولاً وليست هي "

قلت وانا ابعد تلك المشاهد عن مقلتاي :

" غزل ، اقسم ان لم تذهبي من هنا سأجعل موتك على يدي "

اقتربت مني بدون خوف ووضعت يداي على رقبتها التي احتمت بالحجاب  وقالت دون تردد :

" هي اقتلني هنا والان ؛ دعني اموت ولا اراك برفقتها مرة اخرى "

انتشلت يداي عنها وقلت بانفجار :

" اذا انتِ من قال لوالدي ، لتكوني لي تردين سلب سعادتي ايضاً ابتعدي عني ارجوكِ "

رحلت  عنها وتركتها هناك ؛ إتجهت إلى تلك الصخرة العالية على الجبل ، صرخت باعلى ما لدي ، اخرجت كل مافي داخل قوقعة جسدي وجلست ، واخيرا ترأت تلك المشاهد امام عيناي ؛ هي تمسك بيد صديقي في ذلك المكان وتحت قطرات المطر لم تسقط المظلة فقط بل سقط قلبي وحبي ايضاً ؛ بمدة ثلاث سنوات والمطر ينادي تلك المشاهد ولكن عندما رأيتُ لمعان تلك البؤرتين ؛ لم تأخذ عقلي بل كل مافيني ، استجمعت قواي وعدت إلى المنزل ولكنه في فوضى عارمة قالت  اختي عند مجيئي :

" ألم تعلم ما الذي حصل ؟ "

قلت بلا مبالاة :

" ماذا ؟ "

قالت بقلق :

" غزل ؛ لقد وجدوها قرب الحديقة وقد جرحت وريدها "

لا اعلم ماذا تملكني من شعور آن ذاك ، هل هو الحزن ام الشفقة ؟ لا ادري ماذا ؟ 

لم اذهب لذلك المشفى لولا مكالمة أمي لي ؛ فانا لا اريد من ذلك الصوت ان يدخل سمعي ولا ذلك الوجه ان تراه عيناي  ، ذهب وليت قدمي لم تطأ ذلك المكان ؛ فعندما وصلت بدأ ثغره عمي بالكلام :

" إن ماتت فسأقتص منك انت ، هل فهمت ؟ "

قلت بلا اهتمام :

" هيا تعال ؛ فأنا ان تزوجتها ساموت عندها فلما لا تقلتني الان لاريح جسدي من العذاب "

اعلم انه الان يغلي من الداخل ولكني لم اعد اهتم إن عشت هنا ام مت الان ، فجميعها سواء استيقظت الاميرة النائمة بل قطعة قلب ابيها ؛ قالت امي للجميع :

" انور ادخل إليها وتكلما "

همست بسمعي :

" ارجوك لا تفتعل المشاكل وقل لها كلمة حلوة وبعدها ساجد انا الحل "

دخلت مجبراً ؛ عندما رأتني تفاجئت وترقرق الدمع بعينها ؛ قالت بغضة :

" ان كنت ستظل برفقتها ؛ فانا لا اريد ان ارى ذلك المنظر "

قلت وقد جمعت قبضتي واقتربت منها :

" سأتزوج بكِ ولكن أعلمي ان ذلك اليوم سيكون بداية جحيمكِ ؛ فانا قلبي لن يكون ولو ذرة منه لكِ ، أقسم يا غزل  ستدعين الله انك لو لم تتخذي هذه الخطوة "

نفثت تلك الكلمات امام وجهها ورحلت ، ولكن قبل ان اخرج رمقت والدها بنظرة تحمل كل مافي قلبي ؛ سأفعل ما تريدون ولكن ستندمون

نقيض المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن