لقاء و حقيقة

241 17 92
                                    


      دعاب جو الفجر أغصان الأشجار المحيطة بالسجن المرعب ، بالرغم من الهاله المظلمة المحيطة بالسجن ، لم يمنع ذلك الفجر من أن يسود بجوه الناقي و المريح ، بدأت الشمس تبرز نفسها بهدوء من خلف المدی ، و أشعتها الصفراء المتراقصه تملأء المكان شيئا فشيئا ، بدأت الطيور بالتحليق في الفضاء الرحب و تنشد بلحنها الصباحي في الأرجاء ، نعم ! لقد طغی الفجر كعادته علی الجو الكئيب المحيط بالسجن .

      أمسك أحد الحراس حديدة و أخذ يحركها بين قضبان الأبواب يمنه و يسره ، محدثا صوتا مزعجا ، و هو يصرخ بصوته الحاد :
— هيا أيتها الكائنات العفنه لقد حان وقت النهوض من أسرتكم هيا هيا ! !

     إلتفت حارس زنزانه ليو و قال بصوت منخفض : — سيد ليو ؟
—أنا مستيقظ منذ مدة
— كعادتك ( إبتسم الحارس )

      نهض ليو من سريره ، و أخذ يمِط جسده المتكاسل ، قبل أن يدير رأسه للنافذة و ينظر إلى الجو خارجها ، و يحكي بصوت مسموع :
— من الجميل رؤية الطبيعة تفرض أجوائها على المكان .
— مهما قمنا به نحن البشر " رد الحارس بإبتسامه " فلن نتمكن سوى من الوقوف خاضعين لها .
— هذه هي الحياة " قالها ليو وهو ينهض من سريره متوجها للباب الحديدي " وهذه هي إنسانيتنا .

      فتح الحارس الباب ، و إبتسم في وجه ليو الذي قابله بإبتسامه قبل أن يضع الحارس في قدمي ليو سلاسل تمنعه من الجري بخطوات كبيرة لكنها تسمح له بالمشي و الهروله أيضا .
— أعلم أنك لن تفر هاربا ً" قالها الحارس "
—مجرد روتين أعلم أعلم  " رد ليو "

     نهض الحارس و أفسح الطريق لليو الذي شكره ، ليأخذ طريقه في الممر المظلم ، ذاك الممر الذي يتربع بين جدرانه الموت و الألم ، شعر ليو بأحد ٍخلفه فإبتسم و قال بهدوء :
— ألن تنتهي من عادتك هذه يا جاك .

     صرخ جاءك بحزن مصتنع :
— كيف تكشفني كل مرة ؟
— بل قل كيف لسفاح مثلك " و إلتفت إليه " ألَّا يخفي نفسه جيدا .

     وضع جاك يديه في جيب بنطاله المهترئ و أكمل سيره بجانب ليو :
— لايهم ، طالما لا يكشفني أحد ٌغيرك .
— هل أعتبر ذلك إطراء ً " قالها ليو وهو يضحك "
— إعتبره ما شئت .

— يعتبر ماذا ؟
      كان الصوت غليظا فعرفاه الإثنان و إلتفت جاك بسرعة ليقفز بخفه على كتف الشخص الذي لم يكن سوى هنري ، وكعادة جاك جلس على كتف هنري وهو يقول بحزن مصتنع :
— السيد ليو يكشف السفاح جاك بسرعة .

     قهقه هنري و إهتز جسده الضخم و السمين و أمسك لحيته و غير نبرته للإهتمام المصتنع أيضا :
— يجب أن نكشف سر هذا الداهية .
— أنظروا من يتحدث " قالها ليو بطرافة " أكبر لغز حل على المملكة طيل نص قرن .

     إهتز جسد هنري مره أخرى و هو يقهقه ، في تلك الأثناء ظهرت إليزابيث من الممر الأخر وهي تنظف ما يبدو كأنه سيكنا ًيحمل دماء ً، ظهر من خلفها عدد من السجناء يحملون شخصا ًو يدلفون نحو الممر الآخر و أحدهم يصرخ برعب :
— طبيب ! ! طبيب ! ! هذا الشخص يكاد يفقد حياته !

سأعود ... إنتظريني ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن