الجحيم ، والرسالة

225 15 45
                                    

     الدماء . . . هذا كل ما رأه الحاضرون الذين صبوا نظرهم نحو فيكتور و جماعته ، الذين خانهم حظهم منذ أن وطئت أقدامهم باب تلك الغرفة ، ساد الصمت المكان ، صمت موحش لم يكن أكثر إيحاشا من المكان المقفر ، ذو الجدران السوداء ، الحديد السميك الصدئ للبوابة ، والمشاعل الضوئية الباهته من حولهم ، و لا ننسی الحرارة الكبيرة تحت الأرض ، فهذا السجن يمتد نحول مئة متر تحت الأرض ، فإن لم تمت جراء الآلام التعذيب ، فإن الرطوبة الزائدة ستمنع جروحك من الإلتئام ، أي ستموت متأثرا بجروحك ، فهنا الجحيم ، والموت واحد . . .

     إمتلاء كتف ليونارد بدماء حولت لون قميصه تماما إلی الأحمر المائل للسواد ، و علی الرغم من ذلك ظل جالسا علی الطاولة المهترئه دون أن يبدي أدنی حركة ، وضع ليو المعلقة الصدئة علی الطاولة ، ودون أن يلتفت تحدث بلهجة صارمة قائلا :
— من طلب منك التدخل ؟

    جاء الصوت من خلفه ، من شاب قد غرس نصل حديدة مدببة الرأس بطول خمسة إنشات مخترقة ذراع رجل فيكتور الذي كانت قاربت أن  تطعن رقبة ليو ، و تطايرت الدماء منها نحو كتف ليو، كان شابا في مقبل العمر ، ملاحمه طفولية بعض الشيء ، يملك شعرا أسود مبعثر غير مرتب ، وعينيه عسليتان ، ذو بشره بيضاء ، قصير القامة ، ثيابه الممزقه تدل علی أنه لا يمر عليه يوم دون قتال ، وتؤكد الجروح علی وجه و يديه ذلك . . .

     إبتسم الشاب إبتسامه عريضه ، وهو ينزع الحديدة ببطئ عن ذراع الرجل ، جاعلا إياه يصرخ من الألم ، ونظره متجه نحو فيكتور ، الذي صدم من ذلك ، فمنذ لحظات قليله لم يكن أحد خلف أو بجانب ليو ، أما الآن فهناك شخص قد خرق بحديدة ذراع رجله .

     وجه الشاب حديثه نحو ليو دون أن يبعد نظره عن فكتور :
— مجرد تقديم عرض عن خدماتنا لا أكثر .

    لم يكترث ليو لحديث الشاب ، وأكمل بلا مبالاة :
— هذا بيني و بينه ، و لم أطلب منك التدخل .

     إعتلت الشاب إبتسامة خبيثة ، وقال وهو يكمل سحب الحديدة :
— وهذا بيننا و بين أتباعه .

     ظهرت فجأة صرخات ألم من خلف فيكتور ، وكأن هناك عاصفة شديدة تدور خلفه ، وهو يسمع تساقط أجساد رجاله واحدا تلو الآخر ، حاول أن يلتفت ليری ما يحدث ، لكنه فوجئ بجسم بارد مستدير يوضع علی جبينه من الجانب ، دافعا رأسه ليميل قليلا نحو الجانب المقابلة ، توسعت عيني فيكتور رعبا ، فذاك الجسم المستدير لم يكن سوی فوهة بندقية مستعدة لتفجير رأسه في أية لحظه ، ليأتيه صوت غليظ ترتسم عليه نبرات رجل تجاوز أكثر من نصف عمره ، وهو يقول له :
— لا أحمل أي ضغينه تجاهك يا بني ، ولكن أية بادرة منك سوف تتعب بها أحد العمال هنا بتنظيف أشلاء رأسك .

سأعود ... إنتظريني ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن