الفصل التاسع

9K 155 4
                                    

* * *

9 ـ كذبة واحــدة تكفي

أخذت جيني وقتها لتستعد , وهي تشعر بالحرج لما حدث في
الساعة التي مرت , لهذا لم تكن متلهفة لمواجهة إيفا ولويس .
أمضت نصف ساعة قبل أن تترك غرفتها . . . وسارت ببطء تنزل
درجات السلم ووقفت في الردهة تصغي إلى الهمهمة الخافتة
المنبعثة من الصالون . . . وكان سهلاً عليها أن تميز صوت لويس
العميق البطيء . وكانت إيفا تضحك بنعومة , وتقول (( كم هــذا
سخيف )) عندما فتحت جيني الباب لتقف متحدية الجميع , رأسها
مرتفع بكبرياء , وعيناها تبرقان .
قالت إيفا بهدوء وكأن شيئاً لم يكن :
ـ ها أنت يا عزيزتي ! تعالي واجلســي قربي .
نظرت جيني حولها , فلم تجد أندرو . وفهمت إيفا تلك
النظرة . . . فقالت بصوت هادئ :
ـ أندرو نائم .
ـ آه . . فهمت .
وقطعت الغرفة شاعرة بوقع نظرات روبرتو عليها , تتجول من
صدرهـــا المرتفع تحت الفستان الحريري حتى ساقيهـــا الطويلتين
الناعمتيـن تحته . وجلست تضــع ساقاً فوق ساق . . . والتفتت إلى
لويس , الذي كان يركز بنظرة إعجاب عليها كذلك . . . فابتسمت له
جيني بإغراء :
ـ مرحباً لويس . . . ما الذي دفعك لترك النوادي الليلية في
نيويورك ؟
فرد مبتسماً :
ـ روبرتو . . ومن غيره ؟
ـ ومن غيره !
وسألها لويس وهو يقف :
ـ ماذا ستشربين ؟
ـ شراب الكرز مع الصودا .
فصب الكأس لها بينما راحت عيناه تتجولان على جسدها وهو
يقدمه لها وقال لها بصوت كمواء القط :
ـ لقد أصبحت أجمل من آخر مرة رأيتك فيها .
فنظرت إليه متفحصة , ورموشها ترتعش متعمدة , فهي تعلم أن
روبرتو ينظر إليهما .
ـ شكراً لك لويس .
فسألتها إيفا بسرعة , والقلق في صوتها :
ـ هل كنت ترسمين وأنت هنا ؟
فاستدارت جيني إليها مبتسمة :
ـ لقد رسمت بعض الرسوم . . ولكنني وجدت نفسي أرغب في
رسم لوحة لهذه المناظر . عندما أعود إلى منزلــي سأرســم لوحة
كبيرة تمثل منظر الأرض هنا ولدي عشرات الأفكار الأخرى .
ونظر لويس إلى ابن عمه , وســألها :
ـ وهل ستعودين قريباً ؟
قال روبرتو دون تردد , وهي يتكــئ إلى ظهر كرسيه والكأس
في يده :
ـ لا !
ولم تنظر إليه جيني , بل تجاهلته وردت إلى لويس :
ـ بأسرع وقت ممكن . يجب أن أعود إلى عملــي . . . فلقد
ضيعت الوقت الكثير هنا .
فعلق لويس :
ـ أنت تكتسبين شهرة في عالم الأزياء . . ولا بد أن هذا
يكسبك المال الآن . . لقد قرأت مقالة عنك في مجلة أميركية .
فقالت مبتسمة بخبث :
ـ أجل . . فقد أراني غرانت المقال .
فابتسم لويس ابتسامة غريبة . . وطافت عيناه فيها بطريقة لم
تعجبها , ثم تمتم بنعومة :
ـ آه . . خطيبك ! أيعلم بأنك هنا . . على فكــرة ؟
أحست جيني بالحرارة في كل جســدها , ولكنهـــا أجـابــت
بصراحة :
ـ أجل . . . يعرف .
ونظرت إلى لويس متحدية , تتحداه أن يقول كلمة أخــرى حول
الأمــر . ولكنه قال :
ـ لديه أفكار متحررة , لو كنت لــي , أظن أنــني ســأكون أكثر
تملكــاً .
فصــاح روبرتو من بين أسنانه :
ـ هذا يكــفي !
فكشر لويس بابتسامة له :
ـ هيا . . روبرتو . . لم تعد زوجتك , وهــي حرة في اختيار من
تريد . برضى كراولي أم بغير رضاه .
وصمت روبرتو لكن وجهه بقي متجهماً وعيناه تلمعان من شدة
الغضب . ثم قال للويس بحدة :
ـ أتريدني أن أقتلك ؟
.
واختفت البسمة عن وجه لويس :
ـ ألم تكتف منها بعد ؟ لقد حصلت عليها لمدة أسبوع . وأظن
هذا سبب مجيئك بي إلى هنا . . . كي آخذها منك , ولن تكون
المرة الأولى التي ترمي فيها إحدى نسائك علي للتخلص منها .
أليس كذلك .
أحست جيني بالإذلال يحرق وجهها . . . وقفزت على قدميها ,
فأمسك روبرتو بمعصمها , ليعيدها إلى كرسيها وكأنها طفلة :
ـ ابقي هنا .
وأطلقت في وجهه غضبها الحارق :
ـ وأستمع إليه ؟ ماذا تحاول أن تفعل معي روبرتو ؟ أهذا هو
سبب وجوده هنا ؟ هل ستسلمني إليه كلعبة تعبت منها ؟
وقال لويس , والبريق في عينيه جعلها تحس بالغثيان :
ـ لعبة جميلة جداً . قد لا تجدين هذا التبادل سيئاً جيني . وقد
أفاجئك .
وأخذ يتفحصها , والاحمرار يتصاعد من عنقها ليشعل وجهها .
ووقف روبرتو باسترخاء . ولكن لم يكن في وجهه أي شيء يدل
على الاسترخاء . تراجع لويس فجأة وقد امتلأ وجهه بالرعب . .
وأطبقت يدا روبرتو على عنقه . . . وقام لويس دون جدوى , يلعن
ويسعل , يداه لا تستطيعان زحزحة قبضة روبرتو عن عنقه , ثم طار
فجأة ليقع فوق الكرســي , وأخذ يشهق محاولاً التنفس , وجهه شديد
الاحمرار . . . وهو مستلقٍ في مكانه يتلمس عنقه بخوف .
حدق روبرتو به متجهماً ثم تمتم :
ـ أنت محظوظ لتركي إياك تتنفس . وما تركتك تتمادى معها إلا
لكــي تعرف أي نوع من الخنازير أنت .
والتفت إليها :
ـ لقد تركته يظن أن بإمكانه معاملتك كما اتفق , كــي تعرفي
حقيقته , وأنا آســف لأنه آلمك , جيني . لم يكن سهلاً علي
الاستماع إلى قذارته . صدقيني .
ومالت إيفا إلى الأمام ولمست ذراع جيني بكل لطف :
ـ أريد أن أخبرك قصـة .
فتمتمت جيني :
ـ لا أود سمــاع شــيء . . .
فقال روبرتو :
ـ يجب أن تسمعي . لقد جئت بهما إلى هنا كي تستمعي . فلو
أخبرتك أنا , لما صدقتني . . . استمعي لأمـي جيني .
فردت بغضب :
ـ لقد ثبت لــي أنها قد تكـذب إذا أردت أنت منها هذا .
ـ ولكنها لـن تكذب هذه المرة .
ـ وكيف أعرف ؟ لن أصدق كلمة تقولها بعد الآن .
فحدق بها ثم التفت إلى لويس وقال لها :
ـ راقبي وجهه وهي تتحدث . . . وستصدقين .
ونظرت إلى لويس لتشاهد الصدمة في وجهه , وكان ينظر إلى
ابن عمه , قسماته خائفة , مضطربة , يعلو وجنتيه الاحمرار .
وجلست جيني ببطء . . . نظرت نحو إيفا :
ـ حسناً ؟
فقالت إيفا :
ـ لست بحاجة لأقول لك , إن زوجي وقبل أن يلتقي بك روبرتو
بزمن طويل كان يحاول إجباره على الزواج من جيسكا . . . لقد كان
لا يستسيغ فكرة أن لا يتزوج ولده من إيطالية . ولم يكن يحب
فكرة استقلالية ابنه عنه . ولطالما أراد فرض إرادته على روبرتو ,
ولكن لروبرتو إرادة من فولاذ . فهو أصلب من أبيه , ولا ينحني أبداً
أمام أي كان . ولطالما تشاجرا بمرارة . . . وكان أنطونيو لا يخفي
الأمر عن أحد , وجيسكا كانت تعلم بأنه اختارها زوجة لروبرتو . . .
ولسوء الحظ كانت تواقة بشكل غريب للحصول على ما تريد .
وتكلم لويس , وعنقه يؤلمه من قبضة ابن عمه :
ـ لقد كانت ال***** الصغيرة مفتونة به .
فسأله روبرتو بصوت غريب :
ـ وهذا ما أزعجك . . . أليس كذلك ؟
ـ لقد كنت أشعر بالسقم عندما أشاهدها تتودد إليك , وكأنك
نوع من الآلهة , وأنت لا تأبه لها . . كان عليك أن تكون شهماً
أكثر .
ـ كمــا كنت أنت ؟ !
ـ لقد تركتك تدوس عليها , ظنت بأنك ستتزوجها في النهاية
حتى وهي تعلم بأنك تكرهها وعندما تزوجت جيني . . . شعرت
بالإحباط , وبدت كالحمقاء . وكنت قد حذرتها فلم تستمع إلي .
فتمتم روبرتو بنعومة :
ـ ولكنك كنت مستعداً لمواساتها ؟
فاحمر وجه لويس بعمق . ولم يرد , بل حدق بابن عمه الذي
تابع قائلاً :
ـ لقـــد لاحقتهـــا دون هـــوادة . وأمطرتهـــا بالغزل الذي وجدته فـــي
النهاية لا يقاوم . . . كم استغرق ذلك لويس ؟ ستة أشهر ؟ تسعة ؟ لم
تكن سهلة المنال , أليس كذلك ؟ كان عليك أن تعمل جاهداً لتحقق
أهدافك .
فشخــر لويس , وقد تصاعد غضبه :
ـ لا تزُه بنفسك ! لقد كانت ناضجة للقطاف بــعد أن أذللتهــا
بالزواج من أخرى . وهكذا وقعت في يدي كالتين الناضج .
وحدقت به جيني وذهنها يعمل بسرعة . . إذن كان لجيسكا
علاقة غرامية بلويس ؟ ولم يدهشها هذا . ولكنها لم تدر ما علاقة
هذا بما حصل فيما بعد وقال روبرتو بلهجة بارة كالجليد .
ـ أهكذا ستقص الأمــر على زوجتك ؟
فشهق لويس بحدة وارتباك , وتلاشى كل لون من وجهه وحدق
بروبرتو بعينين مشدوهتين :
ـ لا يمكنك ! لا يمكنك إخبارها ! سيقتلها هذا !
ـ كــان عليك أن تفكر بهذا قبل الآن .
ونظر لويس إلى إيفا , متوسلاً :
ـ إيفا . . . أنت تعرفين ما قد يفعل هذا بها ! لا يمكنك تركــه
يخبرها . لن تتحمل الصدمة !
وبرز الحزن والمرارة على وجه إيفا :
ـ المسكينة ! إنها تستحق أفضل من وغد مثلك .
ـ لأجل الله ! . . أنا رجل طبيعي , وهذا كل شــيء . أتظنين أنه
من السهل العيش مع امرأة أحبها ولا أستطيع لمسها ؟ أعلم إنني
كنت أعرف هذا الواقع منذ البداية . ولكنني أحببتها كثيراً , وأرادتها
زوجة لـي , مع إنني أعرف أن حالة قلبها تهدد بموتها في أيه
لحظة . . وكانت تعرف أن لــي علاقات , وتتجاهلها . . ولكن
جيسكا ؟ . . . لن تسامحني على هذا . . . سيقتلها الخبر .
خلال خمس سنوات , كانت جيني قد نسيت كل هذا , ولكنها
تذكرت الآن وارتعدت . كانت قد قابلت زوجته مرة واحدة . كانت
تمضي أوقاتها كلها في الفراش لمرض مزمن في قلبها . وتذكرت
جيني كذلك أن جيسكا كانت . . . شقيقتها .
كانت إيفا تنظر الآن إلى لويس بكل احتقار , وهزت كتفيها :
ـ كنت تعرف تماماً ما تفعله . . لقد أغويت شقيقة زوجتك عن
قصد ولا تحاول الإنكار . . . فلقد كنت تعرف أنها الخيانة التي لا
يمكن أن تغفرها لك .
ونظر إليها كالحيوان العالق في الفخ , وشفتاه مكشرتان عن
أسنانه . . . وصاح :
ـ الكلام سهل عليك . لن تتمكني من معرفة حقيقة الأمــر
بالنسبة لي .
ـ صحيح ؟ ولكن زوجتك كانت تعرف , وتعرف إنك ضعيف
الإرادة على حيــاة التقشف . . . ولم تتزوجك بسهولــة لويس , لقد
ناقشت العائلة الأمـر لفترة طويلة معهــا قبل أن تعطيك الرد . وكانت
تعـــرف تماماً أنك تريد الزواج منهــا لأجل حصتهـا من مال العائلة .
وصــاح بألم ظاهر في صوته :
ـ لا ! إنها لا تعرف هذا . . . لا يمكن !
ـ لقد فكرت بكل شيء , وكانت كل القرائن ضدك , ولكنها
كانت تحبك فقررت المخاطرة ومواجهة الألم الذي كانت تعلم إنك
ستسببه لها , كما تحملت بكل شجاعة الألم والخوف من حالتها
لسنوات .
وفجأة أحنى لويس وجهه بين يديه . وســاد الصــمــت في
الغرفة . . أشعل روبرتو سيكاراً , وأسند رأسه على الكرسي يدخن .
ونظره مثبت على رأس ابن عمى المنحني . وراقبته إيفا كذلك ,
وكأنهما نسيا وجود جيني . بعد دقائق , استوى لويس في جلسته ,
ووجهه شاحب وقال :
ـ أنا أحب زوجتي . . ولهذا كنت أريد . . . بل كان يجب أن
أحصــل . . . على جيسكا , لأنها تشبهها .
ولم تبدو الدهشة على إيفا لهذا الاعتراف . بل هــزت رأسهــا
وقالت :
ـ كانت جيسكا تعرف هذا . . لقد آلمتها . ولم تحاول إخفــاء
سبب رغبتك بها عنها . . أنت تقول إن روبرتو هو من جرح
كرامتها . . . ولكنه على الأقل لم يستخدمها كبديلة في الفراش عن
زوجته . . . شقيقتها .
فوقف عند النافذة :
ـ لماذا تفعلان هذا ؟ لمــاذا تعيدان الذكرى بعد خمس سنوات ؟
لماذا الانتظار خمس سنوات لتهديدي الآن بالكشف عن الأمر ؟
نظر روبرتو إلى طرف سيكاره المشتعل . . . وقال :
ـ أندرو .
فاستدار لويس بحدة وهو مقطب :
ـ ما شأنه ؟
ونظــر روبرتو إلى جيني بسرعة , ثم إلى إيفا بصمت , فســارع
لويس يسأل بقلق :
ـ حسنــاً ؟
فقالت إيفا ببرود :
ـ اجلــس يا لويس .
ـ أوه . . . لأجل الله !
فصــاح به روبرتو :
ـ اجلس !
فجلس ينتظر والغضب يملأ وجهه , فقالت إيفا :
ـ إنه ابنك .
فــحدق بها لويس بشراسة , ثم إلى روبرتو بعينين ضيقتين :
ـ أوه . . لا . . أنتما تكذبان ! . أتظنان أنـني لم اسألها عن هذا ؟
يا إلهــي . . . عندما أفكــر . . .
وأدار وجهه الوسيم نحو جيني , وعلت وجهه تكشيرة :
ـ آه . . . لقد فهمت . . . أنت تحاول تبرئة نفسك أمامها . أليس
كــذلـك ؟
فقالت جيني بخشونة :
ـ لن أستمع إلى أي شيء من هذا بعد الآن . . . إيفا أقدر لك
ما تحاولين فعله , ولكن , لأجل السماء , لا تكذبي حول ذلك
الصبي الصغير المسكين . لا أريده أن يتألم إيفا . . . أي نوع من
الوحوش تظنينني ؟
فقالت إيفا بهدوء :
ـ لدي الدليل .
وبدا أن لويس على وشك الاختناق . وســأل بيأس :
ـ أي دليل ؟
فردت ببرود :
ـ اعتراف جيسكا وسأريك إياه بعد لحظــات . فأنا لم أخبر
جيني بقصتي بعد فالزم الهدوء لويس , لأكمــل القصة .
والتفتت إلى جيني .
ـ ليلة تشاجرت مع روبرتو , وخرجــت إلى منزل أبيك . . .
حصل شجار حاد آخر بين روبرتو وأبيه . . . وأصيب بألم حاد في
رأسه حتى إنه اضطر إلى ابتلاع أكثر من حبة منوم . ووجدته في
مكتبه بعد منتصف الليل , فاستدعيت خادمان ليحملانه إلى فراشه .
ولم نستطع إيقاظه وكانت جيسكا في المنزل بالطبع . وخرجت من
غرفتها بملابس النوم لتعلق بشكــل لاذع على حالته , والشجار
بينكما . . . وكنت حادة معها . . . فعادت إلى غرفتها غاضبة .
وقاطعها روبرتو بصوت عميق :
ـ نمت كالميت طوال الليل . وعندما استيقظت وجدتها في
فراشــي .
فضحك لويس بخشونة :
ـ هنا تبدأ القصة الخرافية يا جيني .
ونظــر إليه روبرتو بغضب :
ـ اقفل فمك أو أقفله لك !
وعــاد إلى جيني :
ـ كان رأســي يضج كالطبول . . وأحـسـســت بالغثيان . . وآخــر
شيء كنت أرغب فيه هو النســاء . وخــاصة جيسكا . . يا إلهـي
جيني . . . كان بإمكاني الحصول عليها في أي وقت وبإشارة من
إصبعــي .
وشــاهد إجفالها فضحك :
ـ أعلم أن هذا كلام قاس . ولكن هذه هي الحقيقة . لقد
عرضت جيسكا نفسها علي على طبق من فضة عشرات المرات .
ولكنني لم أكن أهتم بها . . . وقلت لها يومها أن تخرج من
غرفتي . . . فضحكت . ثم قالت بأنك عدت ووجدتها في فراشي . .
كانت قدرت أنك قادمة من الخارج , فســارعت إلى غرفتنا واندست
في الفراش معــي . . . يا إلهي ! تلك ال***** ! كان يجب أن تري
وجهها وهي تخبرني بالأمر ! فنهضت من الفراش لأرتدي ملابسي
وأسرع للبحث عنك . ولم أتوقع أن يقابلني كراولي بتلك الكذبة .
كان محظوظاً أنني لم أقتله , ولكنه تمكن مع والدك من طردي
خارج المنزل .
أكملت إيفا القصة بعد أن توقف :
ـ عاد إلي يومها بحالة مريعة , وصدمت بما أخبرني به . .
ولكنني أصريت على رؤيتك بنفسي . . كنت أعلم أنك ستخبريني
الحقيقة . . وطلبت من روبرتو أن يتركك وشأنك إلى أن أراك .
وتعرفين ما حدث بعد ذلك اختفيت , ورفض والدك تمرير أي
رسالة لك . وقلت لوالدك الحقيقة حول ما حدث بين روبرتو
و جيسكا . . ولكنه لم يصغ إلــي .
وذهلت جيني :
ـ أخبرت والدي ؟ لم يقــل لــي كلمة عن الأمــر .
فرد روبرتو :
ـ لأنه لم يحــبي قط . . . كلانا كــان له أب خــلق المشاكـــل بيننا
بوجهات نظره ولأكن صريحاً , فإن والدك كان يتوق لمنع زواجك
مني .
وأكملت إيفا بنعومة :
ـ للإنصاف . . لم يصدق والدك قصتي . قال إنها قصــة لا يمكن
أن تصدق . وربما لم يخبرك لهذا السبب .
وقال روبرتو :
ـ كتبت لك . ولم تقرأي رسائلي , أليس كذلك ؟ لــم يكن سهلاً
علي تصديق أنك أحببت كراولي . . . ولكنني كنت آمـل أن يكون
ذلك للانتقام فقط . مجرد دواء ليشفي جراح كرامتك . وحاولت
الوصول إليك فرفضت , ولم أستطع أن أجد مكانك حتى تطلقنا .
ثم رأيت كراولي وقال لي بأنكما ستتزوجان .
ـ غرانت قال لك هذا ؟
ـ قال إنك مغرمة به , وصدقته . . وتركته وأنا أتمنى لو أستطيع
أن أخنقك بيدي .
ـ ولكنك تزوجت جيسكا .
ـ آه . . أجل . . . جيسكا . . لقد بدا عليها حتى ذلك الوقت
بوضوح عوارض الحمل . وعندما أصـــر والدي على معرفة والد
الطفل , قالت بأنه لــي .
فصــاح لويس :
ـ لقد كان ابنك . . . إنه يكذب جيني . . . إنه أبوه . . صدقاً . .
لقد نام معها تلك الليلة .
فصرخت إيفا بحدة :
ـ لا ! بالطبع أصــرت جيسكا على هذا . وأنت أصريت على
وجوب زواج روبرتو منها حال أن يصبح حراً .
وقال روبرتو :
ـ أما أنا فلقد كنت في مــزاج لم يسمح لـي بالاهتمــام بشـــيء . . .
ولكنــني كنت أكره جيسكا لما فعلته لنا . وقلت لها هذا . فهـددت أن
تقول الحقيقة لأختهــا عنهــــا وعن لويس إذا لم أتزوجها . عندهـــا
فهمت من هـــو والـــد الطفل وعندما أظهرت لها معرفتي , اعترفت
بكــل برود . . طبعاً ليس أمام والدي .
فشخــر لويس :
ـ كم هذا مقنع .
فرد عليه روبرتو :
ـ ماعدا أنني كنت احتطت للأمر .
ـ وأي احتياط ؟
ـ سجلت لها كل كلمة قالتها .
وســاد الصمت , وأحس لويس بالاختناق , ومرر أصــابعه على
شفتيه وكأنهما جفتا . وأكمــل روبرتو :
ـ وعندما علمت جيسكا أن لدي دليل على كذبها على أبي ,
غيرت لهجتها . . وأصيبت بالهستيريا , وهددت أن تجبر لويس على
الاعتراف بالطفل حتى ولو قتل هذا شقيقتها .
وتنهدت إيفا .
ـ كانت تعني ما تقول . كانت تغـار من شقيقتها وكانت تعلم
أنك لم ترغب بها إلا لأنها تشبهها . . وأظنها كانت تود أن تطلعها
على الأمر ورحبت بتلك الفرصة .
وقال روبرتو :
ـ لم أستطع تركها تفعل . كنت خسرت جيني على أي حال .
وهكذا تزوجت جيسكا لإعطاء أندرو اسمي . إنه دم آل باستينو في
كل الأحوال , وله حق بالاسم .
ووقف لويس ببطء :
ـ حتى ولو اعترفت جيسكا بهذا , فليس هناك دليل على أنه
ابني .
فقال روبرتو بهدوء :
ـ عندما ولد , كان بحاجة إلى نقل دم فوري , وأنت تعــرف
لمــاذا كما أعتقد يا لويس فئة دم (( أر إتش )) سلبي أليس كذلك ؟
ـ أجــل .
ـ وفئة دم جيسكا (( أر إتش )) إيجابي , وهذا له علاقة بدم القربى
والطفل الذي يحمله لا يمكن أن يعيش إلا إذا تغير دمه فوراً ,
وخــلال دقائق من ولادته .
فتنفس لويس بعمق :
ـ يا إلهــي !
ـ ولكن جيسكا لم تكن تعرف هذا , ولا الأطباء , الذين كانوا
يعتقدون أنني والد الطفل . وأن فئة دمي مماثلة لفئة دمها , وكانت
صدمة لهم عندما ولد الطفل بلون أزرق .
فقال لويس بصوت خفيف :
ـ إذن هو ابني . . . يا إلهي . . . ! إنه لـي . لماذا لم تخبرني من
قبل ؟ أنت تعرف أنــني كنت أجهل هذا الأمــر .
فنظر إليه روبرتو ببرود :
ـ لــم يكــن لك الحــــق بأن تعـرف . . . وحتى الآن كنت تنكـــره .
ـ هـــذا لأنـــني لم أكن أعــــرف . ولو عرفت لأسعدنـــي هذا ! أنت
تعرف أن زوجتي لا يمكن لها أن تنجب ولداً . والآن تقول لـــي أن
لدي ولد . وولد يحمل دم زوجتي ودمــي .
فنظرت إليه إيفا بغضب وقالت ببرود :
ـ ولكنك لن تتمكن أبداً من المطالبة به . . زوجتك يجب أن لا
تعرف .
بدا على لويس الذهول . . وأغمض عينيه وهو يقول :
ـ لقد نـسيـت وهذا عقـابي . . . إنه ابني . . . ولن أستطـيع
الاعتراف به .
وتوجه نحو الباب وقــال ساخراً :
ـ إنها أرواح الانتقــام . . دائماً تنتقم فــي آخر المطاف .
بعد أن ذهب , وقفت إيفا لتسير نحو الباب . . . تاركة روبرتو
يسند رأسه على ظهر كرسيه , يراقب جيني متفحصاً .
* * *

   الدوامة - شارلوت لامب        روايات احلام  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن