01.

996 79 85
                                    

دينغ دونغ.

التحمت عقارب الساعة فوق رقم اثنا عشر معلنة انتصاف الليل، كما أعلنت بداية طقوس تجري بينما الجميع نيام، و تختفي آثارها مع بزوغ الفجر، فتبقى سرية لا يعِ وجودها أحد.

اختبأت هيوجي خلف الباب الخشبي لذاك البنيان المهترئ، و استرقت النظر إلى مجموعة الساحرات تلك يتجمعن حول دائرة خطت حدودها بقطرات من دم، و حددت الشموع المضيئة بداخلها خطوطا توحدت فشكلت نجمة خماسية.

بخار و رائحة أعشاب شر تسربت إليها، لتستنشقها تُخدّر بها بالكامل، و كأنها تطفو في عالم آخر. ما إن تنهي جرعتها الأولى حتى تستنشق ذاك البخار من جديد و تغلق عيناها مرة أخرى متمتعة به، و كأنه عبير يسري في أطرافها.

بدأت المشعوذات في ترديد كلمات بلغة قديمة، و التي قد رجحت هيوجي كونها الإغريقية، لتشكل لحنا شيطانيا تغنجت به الفتاة وراء الباب، و لم تمض إلا ثوان حتى كانت تردد هي الأخرى من وراءهن.

ارتفعت أصوات السحرة و كذلك ازداد حماس هيوجي، و وصلت الطقوس إلى ذروتها و فجأة، انطفئت الشموع و صمتت الساحرات، هدوء قاتل ساد المكان. و في تلك اللحظة بالذات، ازدادت فرحة هيوجي، و انتشت بطعم النجاح، فهو سيظهر الآن.

غبار أسود كثيف ظهر وسط الدائرة الدموية ليخر جميع من في المكان راكعين بانتظاره، و حين بدأ ذاك البخار بالاندثار و التلاشي، ظهر واقفا هناك بكل جبروته و عظمته. شعره الأسود المبعثر تدلى على جبينه، و مقلتاه الأدهمتان تحملان بريقا من نوع آخر، بريقا يشل جميع حواسك، و حين تهيم في النظر فيهما، تلحظ نارا تشتعل بشدة.

تحرك من بين الحشد أمامه حتى وصل لطرف الغرفة، فمالت تلفتاة قليلا بجذعها لعلها تقدر من رؤيته أفضل، و تستطيع السماع لصوته حين يتحدث. صوته كان أشبه بفحيح الأفاعي، و كلماته كانت كلها عن الموت و الدم و الجحيم.

فور أن اتخذ مجلسا له، اقتربت منه إحدى المشعوذات ببطء، تنظر إلى الأرض و لا تقوى على رفع عينيها تجاهه، ثم مدت له الكأس الذي كانت تحمله ليأخذه منها و يرتشف محتواه في رشفة واحدة ثم يقهقه بشدة.

و هنا تنتهي مغامرة هيوجي، فهي و ككل مرة، حينما يقهقه هو، ستتثاقل عيناها و تترنح كالسكارى، و يبقى صدى صوته يتردد في عقلها إلى أن تستسلم للنوم.

و في الغد، ستجد جرحا جديدا في يدها، و لكننها ستتجاهله و تسرع لمنزلها قبل أن يلحظ أحد غيابها.

***


ألقت الشمس بخيوطها على الأرض فتحرك الناس كل إلى عمله، إلا تلك التي قد أمضت ليلتها تناجي الشياطين، و ذلك ما أثار غضب والدتها، فكيف لها أن تنام اليوم بحق ؟!

- هيوجي، هيوجي، هيا استيقظي بسرعة و ارتدي ملابسك للذهاب للكنيسة !

Hades حيث تعيش القصص. اكتشف الآن