-01-

1.8K 66 5
                                    


أنْسَى بسرعة ،
أتغيّر بسهوله ،
أعيش بهدوء؛
أفكر بعقلانيه ؛
هَذَا سّر سَعادَتِي.








«أعرف كيف تبدأ الحياة ولا تدعها تحير ابتسامتك اجعل من ابتسامتك حيرة لها »

اكتب عدة كلمات أصبحت أؤمن بها و واتقبلها بصدر رحب كثيرا في أيامي هذه:
- اقتنعت أنه لا شيء مهم في حياتي أكثر من حلمي لا شيء أجمل من تحقيقه
- اعترفت لنفسي أن علي محو بعض الأشخاص من حياتي
-  لن أبوح بما أشعر لأحد أبدا فأتجنب الكثير إساءة الفهم و سوء الظن
- أنا فقط أدرك لماذا افعل ولماذا أشعر غيري مهما تفنن في فهمي فسيتعثر مرة ولن اقو على التفسير له
- أحيانا حين أسرف في التعبير عن مشاعري أحس بضعف كبير و كأنني أعطيت للمستمع وسيلة ليشفق علي لا أنا لا أهوى طريق الذل ولا أتحمل شفقة أحد لذا نفسي أولى أن تعرف ما بداخلي
- نعم مدمنة كتب و افتخر وجدت في طيات الكتب ما لم أجد في بعض العباد
- إذا وجدتني أتحدث لنفسي عن مشاكلي ولا أتحدث مع أي أحد عنها فلا تلمني هي فقط من تحس حقا أنني أتألم فالبعض قد يشفق و الآخر يفهم ويبتعد و آخرون يستخفون بألمي لذا توقفت عن ذلك
- إذا وجدتني بعد الآن كثيرة الصمت فلا تقل لماذا لأنني أعجبت ببلاغة الصمت أكثر من الكلام

كنت قد اقتنعت بهذه المبادئ كثيرا بعدما كتبتها ذات الأيام على صفحتي في الفيسبوك وكي لا تضيع مني أبدا أخذت بنصيحة الدكتور إبراهيم ألفقي الذي قال في أحد كتبه:"أنه على الإنسان أن يكتب أهدافه في ورقة و يحملها معه أينما ذهب حتى إذا ما دب فيه اليأس أخرجها فقرأها فنهض" بالنسبة لي أضفت شيئا على هذه الفكرة كتبت ما أومن به في ورقة وهدفي في ورقة أخرى  واشتريت  قلادة قابلة للفتح كتلك التي توضع فيها الصورة ووضعت فيها الورقتين وظلتا معي مدة ستة سنوات فقبل هذه السنين كنت أحس نفسي ضعيفة تقوم الهموم بنهش روحي و أكلها شيئا فشيئا كما يلتهم الطاعون جسد المريض لكن في أيام رمضان المبارك بكيت على الوسادة داعية ربي أن يفرجها علي و لعلها كانت ساعة الاستجابة نهضت صباحا واقتنعت أن لا شيء يدوم فما ضاقت إل ا لتفرج و ما تراكمت الغيوم إلا لتمطر هذه ثقتي بربي في تلك القاعة الضخمة  شاردة الذهن أفكر كيف كنت و كيف أصبحت الآن إلى أن نبهتني إحدى صديقاتي أنه حان وقت الإعلان عن النتائج كنت متحمسة و خائفة في نفس الوقت فقبل عدت أيام من ذاك الحفل كنت قد قدمت مشروعي الطبي للأساتذة أظن أن طوال حياتي لم اجتهد ولم اسهر كما فعلت في ذاك الشهر كانت حصص نومي لا تتعدى الثلاث ساعات في اليوم لكن الفوز بمنحت دراسية لأحد أكبر الجامعات في باريس كان هذا يستحق المعاناة كانت أعصابي منكمشة حتى أحسست أني أصبت بالشلل فجأة  كان المضيف قد أعلن عن الأربعة أشخاص من أصل خمسة انتابتني نشوة فرحة عندما سمعت اسم أعز صديقاتي أسيل كانت تدرس إدارة شركات  لم يتبقى سوى اسم واحد حسبت نفسي في برنامج من سيربح المليون وقد وصلت لآخر والسؤال وقيل لي الإجابة ستكون بعد الفاصل لكن الأمر كان أهم من المليون كان مستقبلي ومنحتي الدراسية لجامعة سوربون الباريسية منحة تمكنني من إكمال تخصصي في الطب مع شقة مدفوعة الأجر لي و لصديقتي  " و آخر الفائزين بالمنحة في فرع الطب هي أفنان لمشروعها الشيق و المثير للجدل حول مرض السرطان" صرخت فجأة ليملأ صوتي القاعة برمتها وسمعت زغاريت أفراد عائلتي تدوي ... تتساءلون لماذا قال مثير للجدل لقد وضعت في مشروعي نبذة عن المرض واقترحت طريقة لعلاجه أظن أنها أثارت إعجاب الأستاذ الذي عالج موضوعي.

«لا يفوت الأوان أبدا في هذه الحياة كل يوم هو بداية ونهاية القصة بداية أخرى»

[....]

«عيب الحياة أنها أيام وعيب الأيام أنها تمر»

تمضي الأيام بسرعة كبيرة فقد مضت الست سنوات في طرفة عين ربما هو عصر السرعة أصبح يمارس ألاعيبه حتى على أيامنا فقد أصبحت كلها تتشابه وكلها بسرعة يغشاها الليل وكأننا نقوم بتمريرها كما نمرر الصور في لوح الرقمي لقد كان احد أساتذة اللغة العربية يقول لنا أن الروتين مرض ولو تركنا له المجال للإتمام لوصل به الأمر ليجعل منه كفرا أظن أنه كان على الحق فأن تحس أن يومك يمر داخل ناسخة كبيرة فأنت تعيش يوما أما باقي الأيام  فنسخ يتغير التاريخ ولا يتغير الحال في مطار هواري بومدين  في العاصمة الجزائرية  كنت واقفة وسط الحشود بين يد أمي وخالاتي كل واحدة تنصح والأخرى تؤكد للحظة كنت سأحمل حقائبي و اهرب نحو الطائرة لكن لا بأس فلن أراهم لمدة طويلة " انتبهي لنفسك ولا تخرجي ليلا ولا تأكلي أي شيء لا تعرفين ما بداخله خذي حذرك من الأولاد والبنات " كانت أمي تخاف عليا كثيرا فقد كانت تتصل بي في الجامعة أكثر من عشر مرات في اليوم و أتذكر أنني أغلقت هاتفي لأن شحنه قد نفد فوجدتها عند باب الجامعة تنتظر ضحكت حتى امتلأت عيناي بالدموع وبدأت تصرخ وتؤنب " لماذا لا تجيبين على الهاتف اتصلت أكثر من مئة مرة " وبالفعل حطمت رقمها القياسي ووصل اتصالاتها للرقم مئة ذلك اليوم لكنني أحبها فهي أمي و ما أدراك ما أمي جنتي في الدنيا وحياتي بأكملها صحيح أنها كانت تخاف علي كثيرا لكنها أم أما أبي فكان بارد الأعصاب هادئ كثيرا لم ينطق معي بكلمة فقط قوله " استمتعي بباريس وارفعي رأس أبيك" فقبلت رأسه وقلت له أن رأس أبي دائما مرفوع مسحت دموع أمي وطمأنتها ووعدتها أن أتصل بها خمس مرات في اليوم كان المطار يعج بالمسافرين منهم الذاهب و منهم الراجع ودعت أنا و أسيل عائلتين وذهبنا كانت هذه أول مرت أركب فيها الطائرة كنت خائفة لكن لم أبدي خوفي أبدا أما أسيل فكانت ترتعش خاصة عندما ارتفعت الطائرة حسبت أنها ستقفز خارجة فقلت  لها:
أسيل افعلي ما تجيدين فعله
ماذا.؟
نامي سأوقظك حين نصل.
لا لن أفعل سأشاهد المناظر من هنا

لم تمر خمس ساعات حتى وجدتها قد غاصت في نوم عميق فغطيتها وجلست أنا أكمل قراءة رواية لأحلام مستغانمي " الأسود يليق بك" كان أسلوبها راقيا وعميقا جدا يليق بملوك  بلاغة اللغة والأحاسيس فكلماتها تجعلك مندمجا كليا في سياق القصة تحس أنك تشعر بما تشعر به البطلة وكأنك هي تتألم كما تتألم تندهش تفرح قصة حب متكاملة هكذا أحب تسميتها نظرة فكلمة فابتسامة فقبلة فعشق بجنون ثم فراق كان هذا هو مفهومي عن كل قصة حب مهما اندمجا سيفترقان  فالخيانة موجودة والبغض كذلك و الحسد والغيرة ولا ننسى سيدهم الموت أعجبتني إحدى المقتطفات حين تصف الحب في أول خطواته تصفه بريئا جميلا لا يشوبه شيء تكاد تحس أنه كامل تستطيع أن تدخله دون أن تتأذى ودون أن تدرك حتى ماذا تفعل وماذا  تنطق في تلك اللحظة أحسست نفسي كفتاة بدأت أثمل من فعل كلماتها تزاحمت الذكريات في رأسي وبدأت تعود لي شيئا فشيئا لكن يائسة كنت أحاول منعها ثم جاءت تلك الجملة مباغتة في ذهني وتذكرت يوم قلتها "أحببتك أكثر مما ينبغي" وفجأة أغلقت الرواية بسرعة حتى لا يعود شيء شعرت حينها أنني سحرت بوقع كلمات الكاتبة فأصبحت غير واعية استغفرت ربي وشهدت فقد جعلت منذ ست سنوات عودت تلك الذكريات ذنبا أو إثما توجب عليا الاغتسال منه أخرجت ورقتي وقرأت :
« اقتنعت أنه لا شيء مهم في حياتي أكثر من حلمي لا شيء أجمل من تحقيقه »

عينيك...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن