.
.
أنحنى ظهري على طاولتي ، بعد ما أسندت رأسي عليها بتذمر من نسيان كوب قهوتي.. على غير العاده
مو لان الصداع راح يداهم رأسي لو ما شربتها ..
و مو لانها بترتب الفوضى في عقلي.. لكن لطالما كان دخانها مصدر الهام لي..
ماكنت أعرف السبب اللي يخلي هذا الدخان منظر يستحق التأمل بعمق..
لكني ما أحس بفضول عشان أعرف، مادام انه يجيب هذا الشعور لي...
رجعت بكوب قهوة سوداء، و بالرغم من اني ماراح أشرب منها شي.. الا اني حطيت سكر ، الكثير من السكر!
كان ليل ، مافيه اشعة شمس تضيف سحر للدخان المتصاعد.. وهذا زاد الوضع تعقيد
حاولت اصفي ذهني ، ناظرت الشاشة بفراغ..
أحتاج خلال اسبوع اسلم الكتاب لدار النشر.. و خلال اسبوع لازم أكتب ٣٠ صفحة أكثر..
وهذا الشي يحتاج ٦٠ يوم مشمس..لكن و لأني أهملت بالبداية ، قررت أعاقب نفسي بالنهاية و أضغط عليها.. رغم معرفتي التامة بإن النتيجة ماراح تكون مرضيه..
.
ككاتبه، ياكثر ما حسيت إني أواجه نفسي.. لما أحاول أستخدم كلمات جميلة لوصف مشهد مأساوي..
كثير سويتها، و بكل مره كنت أحس اني شخص حقير..أقدر أفهم حجم بؤس نزار قباني لما كتب كلماته الأخيرة على علب أدوية المستشفى ..
أتخيل أدويته المتراكمه فوق طاولة المستشفى ..
بياض الجدران اللي يخلي المكان في سكون و صمت قاهر نوعاً ما.. عجزه ، معرفته التامه بانها نهايته..
الإحباط الاكبر كان بعدم وجود ورق، الشي اللي دفعه يكتب كلماته بكل أسى على علب الادويه ..كان المنظر مأساوي من زاوية رؤيته.. لدرجة أنه أغمض عينيه للابد..
وقتها كتب
"لم يبقى عندي ما أقول، تعب الكلام من الكلام"..أعتقد ان هذي الجملة لخصت حياته ، كانت عميقه..
أعمق من وصايا محشوه بكلمات توديع مبتذله كان راح يكتبها أي شخص عادي في مكانه..و لأني تعودت أفتعل أي حديث مع مَلك كل ما أعطاني عقلي فرصه لذلك .. أرسلت لها
: وش بتكتبين لو عرفتي انه أخر شي بتكتبينه؟سكرت جوالي و رجعته على الطاوله .. لكن ما أستقر على الطاوله الا و وصل تنبيه ، من مَلك..
قالت
: مثل رسالة إنتحار؟ما أعرف كيف فكرت كذا، لكن ما أنكر انه شدني
كتبت لها بعد تفكير قصير
: ممكن
كان تفكيرها أطول .. طويل جداً لدرجة خلاني أرجع الجوال للطاولة.. بإنتظار تفكيرها ينتهي..