الفصل 3 *حب الطفولة*

72 2 1
                                    


وبينما نحن نسترخي على حجرة كبيرة تطل على البحر ، بدت أشعة الشمس المقبلة على الغروب ، تختفي شيئا فشيئا لتصبح منعدمة من الوجود يبدو الأمر وكأن محيط البحر يتناول قطعا منها إلى أن يتممها هكذا كنت أفهم الأشياء بصغري ، والآن بدأت أفهم الأشياء بمعانيها الحقيقية ،لكني لا أفهم كيف أتعامل مع مشاعر الآخرين ، أن أدرك وأعلم بأن شخصا ما يتألم وأني قادرة على التصرف فكيف أساعده؟ أن أستطيع إسعاد شخص لمدة وجيزة لتعود صفات الكآبة من جديد كحال حذيفة الآن ، كيف أديمها؟ أسئلة سكنت مفكرتي الصغيرة التي لم تستطع تذكر صديق طفولتها ، التي تنسى كل شيئ بمجرد وجود بديل ، كيف أعالجها ؟،نظرت إليه بنظرات خاطفة فلمحتُ عيناه الكبيرتان ككؤوس مزينة وذلك البؤبؤ الأزرق الامع تذرف منها دموع بطيئة تخفيها يداه المتسخة خوفا أن يكشف ألمه ،وبقي متأملا لحظة الغروب بشكل غريب وهتف بصوت خافت "هلا غنيت لي ؟ أتعلمين أن غناءك جعلني تلك الليلة سعيدا جدا !" وانطلقت من دون أي تردد بالغناء "*شمس أخذت لحظتنا ، وسرقت دموع عزيز، غروب سافر بنا ، عبر أحداث كونت نسيج ، نمت بأحضان تفكيري ، والعزيز للذكريات يشكي ، النظرلعيناه كالقمر المنير... ، وإن كانت للحزن تبكي....*".

نظر إلي بابتسام وقال" زادت جمالا بتعبيرك" وانصرف ، نهضت راكضة وراءه فإذا بي أرى زملاء قسمي عائدين من المدرسة وهم يشيرون إلي بأصابعهم " غدا سنخبرالأستاذ أنك كنت بالبحر رفقة صديقك" ،أردت منعهم لكني زدت يأسا عند تذكري أن هذا وقت عودتي للمنزل أخدت محفظتي وذهبت للمنزل من دون قول أي كلمة لحذيفة ، طرقت الباب بأدب فإذا بصوت أبي عم صراخا جعل جسمي يرتجف خوفا "ادخلي أيتها الشقية" ،أغمضت عيناي لحظة وتمتمت في نفسي : "لابد أن ذلك المدير الوقح أجرى إتصالا لأبي ليخبرهم عن تغيبي اليوم عن المدرسة "فإذا بحذيفة يفاجأني وراء ظهري" لاتخافي ، خذي الأمركشيئ عادي وسترين " إبتسمت له ثم دخلت، فتحت الباب ببطئ شديد خوفا أن يصدر منه صوتا يقطع لحظة الهدوء هذه التي أتمنى أن تدوم على حالها ، نظرت لأبي بنظرات بريئة ثم صرخ من جديد "أين كنت اليوم يا سلوى ؟ أخبريني بسرعة هيا؟" بقيت صامتة أفكر بالإجابة أو بالأحرى الكذبة التي ستنقذني من ورطتي ،فجأة سمعنا صوت جرس الباب ،فتحت أمي الباب فسمعت صوت حذيفة وهو يقول لأمي "أماه، أتيت نيابة عن أمي كي أشكر إبنتكما التي رافقتها إلى المستشفى بعد أن أغمي عليها بالشارع ، شكرا على حسن تربيتكما ، ونعم التربية أتأسف عن الإزعاج."ورحل بعدها.

نظرا إلي والدي بنظرات غريبة فحسبت أنهما اكتشفا الكذبة ،ثم رددت أمي كان عليك أن تتركي أمر المرأة لنا لكي لا تغيبي عن حصصك " ، ابتسمت ابتسامة أسف تخفي جملة أردت حقا نطقها* سامحاني * ثم انصرفت لغرفتي رافضة طلب أمي لتناول العشاء ، فتحت أبواب شرفة الغرفة وجلست أنظر للنجوم وذلك البريق الذي استطاعت به سرقة عشقي ، بريق النجوم استطاع أن يجعلني عاشقة للنجوم بحد ذاتها ، وأخاف يوما أن آتي لرأيتها لأجد حينها أن السماء طردت زينة النجوم من فضائها ، ليتني كالنجمة أصدربريقا يجعل مني معشوقة !" تذكرت حذيفة فألقيت نظرة بزقاقنا لكني لم أجده ، انتظرته طوال الليل فلم يعد ، لربما نام بزقاق الحي المقابل لنا ، ولابد أنه جائع ويرتجف بردا فرحت للنوم كي أنسى كل هذه الأسئلة التي لا جواب لها..

*حب الطفولة*حيث تعيش القصص. اكتشف الآن