Ch: 2

237 27 7
                                    

أومئت له ونظرت ليده لأجدها لا زالت مُعلقةً لأرفع يدي وأصافحه..
"أنا .. ييشينج" قلت بهدوءٍ حالما سيطرت على نبرتي المهزوزة لتضيق عيناه مجدداً وهو يُتمتم بـ"أعلم" ثم يمر بجانبي وكأنه لم يقل شيئاً..
يعلم!
لحقته وأنا واضعٌ يداي خلف ظهري خائفٌ أنْ يشعر بالخوف من الدماء عليها وكأنهُ لم يرها مُنذُ قليل..
"فسر لي معنى كلمة أعلم!"
"أعلم أنَّك ييشينج ،أعلم بما حدث معك اليوم .. مؤسف ،آوه تعازيَّ الحارة" قالها وهو يحمل تعابير جامدة .. ما بالُ هذا الرجل!
"وكيف تعر_.." قاطع جملتي سريعاً "الحادث انتشر على مواقع التواصل وبين الصحافيين أيضاً .. لا يختبئ شيءٌ لوقتٍ طويلٍ في هذا الزمن" أنهى جملته ساخراً لأغمض عيناي بقوة .. الجميع يشهد على موت والدي الآن...
"من أنت؟.. انزع هذا الشيء عن وجهك واللعنة!" قلت بحنقٍ والغُصة في حلقي لا أقوى على ابتلاعها ،وقع عليَّ خبرٌ ليس بالجيد مُنذُ قليل..
"آوه .. يا صاح اطلب الأمر بهدء" قال وقد رفع يداه خلف أذنيه ينزع قطعة القماش تلك لأسعل بقوة .. ما اللعنة!!! ،وكأنه نسخةٌ مني!!
أغلقت عيناي وقرصت معصمي لأفتح عيناي وآراه يبتسم بهدوءٍ ويبدو أنه ساخرٌ مما أنا به الآن .. إذاً أنا لست أحلم.
"كيف! ما اللعنة!! .." انفعلت سريعاً فلا أقوى على تحمل كل هذه الأمور في يومٍ واحد .. لمست وجهه .. ضربت جبينه واللعنة هو لا يختفي!
"من أنت وكيف تشبهني! "
رُسمت غمَّازَتُه بل أعني خاصتي! إلهي هو أنا .. أُقسم بأنه أنا! لكن هناك هالةٌ غريبةٌ تحيط به!
"يمكنك القول أنني أحد أشباهك الأربعين .. لِمَ أنت متفاجئ؟ مجرد صدفة~"
ما زلت غير مصدقٍ لهذا... عقلي لا يستطيع إستيعابه!
"ما رأيك أنْ نتعرف بينما أمشي معك إلى المنزل؟" قال بينما ينظر إليَّ بابتسامةٍ لكن لم تكن ساخرة كسابقتها
"نتعرف؟" سألته بتعجب.. أعني.. ما الذي يجعلنا نتعرف في مثل هذه الظروف
"أجل لنتعرف.. هل هذا صعب!" عاد لابتسامته الساخرة مجدداً وفي الحقيقة.. أنا حقاً أبغضها..
لا أعلم كيف أقنعني حقيقةً لكنني أدركت فجأة أننا نسير معاً للمنزل ويبدو أنَّ إرهاقي من ما حدث اليوم كان السبب.
--------------------------------
لم يتحدث طوال سيرنا وهذا كان غريباً! أليس هو من قال أن نتعرف أو شيئاً كهذا! هو كان يتفوه ببضع كلمات فقط عندما أسأله عن شيءٍ ما محاولاً تغيير الجو وهذا مثيرٌ للسخرية.. من الذي من المفترض به فعل ذلك! لكنِّي التزمت الصمت بعدها على أي حال
وصلنا إلى منزلي وأنا وقفت أمامه أستعد للدخول .. لكن هذا غريبٌ بحق!
نظرت للمنزل ولم ألحظ من قبل أنَّه بهذه الكآبة.. وكأنه قد مات هو الآخر.. لن أستطيع البقاء هنا...
أخبرته أننا سنمشي إلى آخرِ الشارع إلى منزلِ صديقي وهو فقط أومأ دون كلمة.
وصلنا إلى منزل جون لألتفت إليه لأودعه وأشكره على مرافقتي .. ذهبت إلى باب المنزل ووقفت أمامه لأطرُقه لكن لا أعلم ما الذي جعلني أنظر ورائي مجدداً حيث كان يقف هذا المسمى بـ"لاي" ولم أجده! هو ذهب سريعاً حقاً لكن بالتفكير بالأمر.. ما الذي سيجعله يبقى واقفاً على أي حال!
طرقت الباب ليفتح شقيق جون بعد لحظاتٍ قليلة .. ظهر جون ويبدو أنه قد جاء راكضاً بعد أنْ سمع أخاه يصيح باسمي وهو يسحقني في عناقٍ قوي..
لا أصدق أنَّ هذا الطفل سيصبح جندياً بعد عدة أشهر
عانقني جون وهو يزمُّ على شفتاه ولم يتحدث...
سُحبت من قبل الأصغر لألقى على الأريكة ليجلس بجانبي .. يعلم جيداً ما حدث اليوم ولكن يحاول تغيير مِزاجي عن طريق التحدث عن تفاهاتٍ ربما اخترع بعضها..
ذهب جون للمطبخ ليَخرُج ببعض الطعام ويضعه أمامنا ولكنِّي وقفت بعد أنْ أخبرته برغبتي بالنوم وهو لم يضغط عليَّ ويتمسك ببقائي.
قبل ذهابي شعرت بيده الممسكة بمعصمي وأصبح جسده يرتجف
"ما هذا!" قالها وأشار بيده لكفاي المليئة بالدماء الجافة..
"لا شيء" حاولت التملص من كفه الذي تمسك بي أكثر..
الأصغرُ ينظر لنا بصمتٍ ويبدو أنه صُدم أيضاً.. يظنان أنها دمائي ربما.
"لن تذهب قبل أن أعلم" أصرَّ لأتنهد وحاجباي منعقدان بشدة الآن...
"فقدت أعصابي وضربت أحد الفتية .. فقط هذا ،أيمكنك تركي أذهب الآن! " شعرت بالهواء يتسرب لمعصمي لأعلم أنه أرخى كفه لأبعده عني وأصعد لغرفته لأجلس هناك ..
طُرِقَ الباب بعد أنْ صعدت بقليلٍ ولم يكن إلا جون يعطيني بعض الملابس "أحضرت لك ملابس مريحةٍ لتتمكن من النوم" ابتسم بخفةٍ وهو يضع الملابس بجانبي ،اعطيته ابتسامةً ليخبرني أن أريح نفسي وخرج
لا أظنُّ أنَّ النوم سيزورني اليوم...
End POV.
أشرقت الشمس ودخل شعاعها من النافذة والعصافير تزقزق على إثرها
"اللعنة" هسهس ييشينج بغضب وهو يلعن كل شيءٍ في عقله
هو حاول النوم كثيراً لكنَّه لم يستطع وانتهى الأمر به يسأل جون سو عن ما إذا كان يملك أي أقراصٍ منومةٍ لأنَّ النوم قد طار من عينيه وهو لم ينم بشكلٍ كافٍ حتى
"ييشينج ،هل استيقظت؟" نادى جون سو بعد أنَّ أحس بحركةٍ ما داخل الغرفة .. من عساه يتحرك غيره داخل الغرفة على أي حال!
ضرب رأسه بخفه على سؤاله ليجد الباب يفتح
"صباح الخير" قال ييشينج وهو يبتسم للواقف أمامه
"صباح الخير" بادله جون سو الابتسامة ،هو سعيدٌ لأنَّ صديقه يبتسم حتى وإن كان خارجياً فقط .. على الأقل هو ليس ما كان عليه البارحة..
تحرك ييشينج ليذهب إلى الحمام ليدخله ويغلق بابه حينها تذكر جون سو لِمَ جاء إلى الغرفة "صحيح ،الفطور جاهز" "حسناً" سمع ردَّ الآخر من الداخل ثم تحرك لينزل الدرج ويذهب إلى طاولة الإفطار حيث كان شقيقه يجلس بالفعل "هل استيقظ هيونج؟" سأل بينما عينيه على الطعامِ بالفعل يتمنى أنْ يأتيَ ييشينج سريعاً "ليس وكأنَّك لم تسمعه بالفعل" قال جون سو وهو يكمل وضع بعض الأشياء على الطاولة "آآآآه ... أريد أنْ آكل الآن حقاً ،أنا جائع!" قال شقيقه بينما يلوي فمه كالأطفال ،"هيون! توقف عن التصرف كالأطفال" نظر إليه جون سو نظرةً أخرسته ،شقيقه مخيفٌ بحق..
"هيي جون.. كن لطيفاً مع الفتى~" نزل ييشينج الدرجات بينما يقهقه على الجالسين على الطاولة ليستغل هيون الموقف "هيووونج .. انظر كيف يقوم بمعاملتي! إنَّه قاسٍ" تحدث هيون بينما يصطنع الحزن "وما بال معاملتي أيها اللئيم؟؟؟" قال جون سو بينما يمسك بالصحن أمامه يستعد لقذفه على شقيقه بينما ييشينج ما زال يقهقه عليهما وهيون ينظر لأخيه بازدراء "كفاكما ،هيا لنأكل" تحدث ييشينج يوقفهم ليبتسم الأصغر ابتسامةً عريضةً لأنَّه وأخيراً سيأكل ويرضي معدته المسكينةً الجائعة
...
"إذاً ييشينج ،سأذهب الآن ،لا أحتاج لإخبارك أنْ تتصرف وكأنك في منزلك على أي حال لذا إلى اللقاء~" ضحك جون سو في وجه ييشينج قبل أن يذهب ،وأصبح ييشينج وحيداً في المنزل الآن حيث أنَّه كان على الأصغر مقابلة أحد أصدقائه وخرجَ هو الآخر
..
Yixing POV..
"وحدي مجدداً" تنهدت بعمقٍ بينما أتفحص كل شيءٍ في المنزل بعيناي وكأني لم أدخله من قبل
رميت جسدي على الأريكة وأغمضت عيناي قليلاً لتقفز إلى ذهني صورة الفتى المريب من البارحة ،ماذا كان اسمه مجدداً؟ .. آه صحيح ،لاي..
لا أعرف حتى لِمَ أفكر به الآن!
شبهه بي كان غريباً أيضاً! لم أتوقع أنْ أقابل أحد أشباهي الأربعين في كوريا! .. شيءٌ مثيرٌ للضحك~
*لِمَ لا أخرج للمشي قليلاً!* فكرت بالأمر بينما نظري واقعٌ على النافذة أخترق زجاجها بعيناي لأكتشف ما بخارجها ،أظنُّ أنِّي سأخرج بالفعل.
End POV.
صعد إلى الغرفة ليغير ملابسه وحيث أنَّ ييشينج لا يأخذ وقتاً في ارتداء ملابسه فقد خرج من الغرفة بعد أقل من خمس دقائق وقد استعد للذهاب
التقط معطفه بعد أنْ تذكره وهو يهمُّ بفتح الباب ثم خرج
هو لم يتوقع أنْ يراه مطلقاً!
كان لاي يقف عند مقدمة المنزل وكأنه كان يفكر بطرق الباب أو شيءٍ من هذا القبيل!
"آوه! لِمَ أنت هنا؟" هو قال سريعاً بدون تفكير وهو ندم على ما قاله فقد شَعَر بأنه وقحٌ هكذا
رمقه لاي بنظراتٍ أقرب إلى الباردة حينها تدارك ييشينج نفسه "آسف لم أقصد أن أقول هذا ،صباح الخير أولاً ،والآن .. هل جئت بسبب أمرٍ ما؟" أظهر لاي علاماتٍ راضية على حديث الآخر "هل يجب أن آتي بسبب أمرٍ ما؟ كنت أشعر بالملل بعض الشيء ثم جئتَ في عقلي ففكرت بأنْ آتي ،هل ضايقتك في شيء؟" شعر ييشينج أنَّه يتحدث بسخريةٍ ما! لا يعلم ما إذا كان فعلاً هكذا أم أنَّ عقله يصور له هذا لأنَّ هذا ما عهده من الفتى طوال فترة وجوده معه البارحة!
"لا لم تفعل ،هل تريد أنْ تسير معي قليلاً؟"
قال بهدوءٍ فمُنذُ أنْ تعرف عليه وهو فظٌ للغاية وهذا بالطبع أزعج الآخر.. وافق ليخرج ييشينج ويغلق الباب خلفه
بعث برسالة إلى جون سو يخبره أنَّه حال عودته للمنزل فاليراسله ليعود حينها فهو لا يملك مفتاحاً لمنزله..
"إذاً! .. لِمَ فكرت بالمجئ إليَّ دونً عن جميع أصدقائك ونحن نعرف بعضنا فقط بالأمس" قطع الصمت الغير مريحٍ بينهما ليبتسم وينظر للأرض "ليس لي أصدقاءٌ هنا .. جئت من الصين مُنذُ أحدَ عشر عاماً ولم أكون صداقاتٍ في الحقيقة."
"آوه .. نحن أيضاً جئنا من الصين في نفس الوقت تقريباً .." قال ييشينج مُتفاجئاً لتنقلب ابتسامة لاي ويسأله "من تقصد بنحن؟ .." تسائل ليؤلم الشاب بجانبه بسؤاله ليفكر ييشينج .. من نحن!
هو وحده الآن..
"لا أحد.." حاول الابتسام ولم يستطع .. شغل تفكيره بالفعل...
"إذاً ،هل تعمل!" سأل بالتزامن مع جلوسهم علي رصيفٍ عالٍ بعض الشئ ليُهمهم الآخر
"ما هو عملك؟"
"أنا مُدرس منطق ،مُنذُ عامين تقريبا حال تخرجت من الجامعه" لعب ييشينج بأصابعه بينما يُقهقه الآخر لينظر له باستغرابٍ ويُعيد توجيه سؤاله "ما هو عملك لاي؟"
نظر في عيناه ليتوقف عن الابتسام "مُدرس منطق"
--------------------------------
ألقى بها مُنهزمةً بعد أنْ خارت قواها ينهي ما تبقى لها من أنفاسٍ بدعسةٍ قويةٍ على عنقها لتفنى كسابقيها .. تنفس ما تبقى من دخانها ليوقعه داخل رئتاه دون إعادته خارجاً ،هو فقط يفكر في كم أنَّ أيامه مملةٌ منذ مدةٍ طويلة ..
وقف عن كرسيه يمدد ذراعيه للأعلى فعضلات جسده منقبضةٌ نتيجة النوم يومان على الأريكة .. نومه بعيادته ليومين ليس إلا بسبب شجارٍ بسيطٍ مع زوجته أنهاه بالتقاط معطفه والتوجه للعيادة بهدوء..
نظر بجانبه ليجد الجريدة بالفعل على مكتبه بجانب كوب القهوة الذي قد بردَ بالفعل وهو قرر أنه سيوبخ مُساعده على هذا لاحقاً
التقط الجريدة بإهمالٍ لتسقط تلك اللافتة الصغيرة التي حُفِر عليها "د. كيم چونج آن" لينظر لها لدقائق دون التقاطها
ألقى بنظره على كامل أوراق الجريدة ليقرأ خبر موت رجلٍ في الستينات من عمره نتيجة حادث سيارةٍ وكيف أنَّ ابنه منهارٌ تماماً ليُتمتم بـ"آوه .. مسكين"ويُلقي الجريدة على المكتب مجدداً ليستعد لبدء يوم عمله المعتاد.

Schizophrenia || شِيزُوفْريِنّياْ ∆حيث تعيش القصص. اكتشف الآن