تلك الشجرة

1.7K 114 6
                                    

قلتها بتردد ، فتبادل الأصلع وذو الذقن نظرة سريعة ، قبل أن يقول الأصلع :
-- إنه يهذي .. أخبرتك أن من في حالته لا يصلحون للعمل و ..

-- لكنه رأى فتاة تغطيها الدماء .. أنت تعرف أن هذا حدث ..

-- وأنت تعرف أنا هذا حدث قبل أن يأتي للعمل معنا .. فكيف رآها إذن ؟؟

فلم يجب ذو الذقن هذه المرة بل بدت عليه الحيرة .. أمّا أنا فشعرت بالخوف .. الأصلع لا يريدني هنا .. مرة أخرى يتحدث أحدهم عن (حالتي) لكن هذه المرة ستكون ( حالتي ) هذه هي السبب في طردي من العمل الوحيد الذي أحبّه وأتقنه ..

تحدّث ذو الذقن أخيراً ، ليقول لي :
-- أخبرني بصراحة .. هل حاولت الدخول إلى المبنى ؟

-- لا ..

-- هل تحدثت مع أحد العاملين هنا ؟

-- لا ..

وأنا لم أكذب !.. النحيل كان يحدّث نفسه ، لكني لم أرد عليه قط ..

-- هل كنت نائماً ؟.. أعني ربما كنت تحلم ..

-- لا .. غير مسموح لي بالنوم خلال ساعات العمل الرسمية ..

عاد الأصلع وذو الذقن يتبادلان النظرات ، قبل أن يخرجا من الغرفة ، دون أن يوجها لي كلمة إضافية ، لأظل مكاني أنتظر في قلق .. أنا لا أريد أن أصبح بلا عمل ..

لا أريد أن أعود لمنزل البارد الخاوي ، لأعيش فيه بمفردي ..

مرّ وقت طويل عليّ وأنا أنتظر في مكاني دون أن يأتي أحد ، قبل أن يفتح الباب أخيراً ليدخل النحيل الذي يدخّن هذه المرة حاملاً حقيبة صغيرة ، فقلت له على الفور :
-- أنا لم أكن أحلم .. لقد رأيت هذه الفتاة التي تغطيها الدماء ..

لكن النحيل بدا وكأنه لم يرني من قبل .. فقط وضع الحقيبة بجواري وفتحها ليخرج محقناً ، وهو يقول :
-- سآخذ عينة دماء منك .. لا تخف ..

لكني نظرت للمحقن في يده برعب .. أنا أذكر المحاقن وأعرف ما الذي تفعله .. أمي كان الأطباء يغرسون فيها المحاقن طيلة الوقت ، قبل أن تصعد إلى السماء ..

والآن أتى دوري لألحق بها !

غرس النحيل المحقن في ذراعي ، فشعرت بالألم وأغلقت عيني بقوة ، حتى انتهى ليخره من ذراعي قائلاً :
-- انتهى الأمر ..

ففتحت عينيّ ورأيته يعيد المحقن الممتلئ إلى حقيبته ، قبل أن يميل عليّ فجأة ليهمس في أذني :
-- أنا أعرف ما الذي رأيته .. سأشرح لك لاحقاً .. فقط لا تخبر أحداً أنني رأيتك ..

قالها بسرعة فلم أفهم ما يعنيه .. فقط أخذت أنظر له في حيرة وهو يأخذ حقيبته ليخرج بسرعة ..

ما الذي يحدث هنا بالضبط ؟؟

أنا لا أفهم شيئاً !!

••

مجموعة قصصية | حكايات الموتىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن