والتفت إليّ النحيل قبل أن يقول :
-- أنت تعرف أنه لم يكن حادثاً .. أليس كذلك ؟وحين التفت له كان يقف مع الفتاة التي أخذوا قلبها ..
كان يربت على رأسها في حنان ..
•••
انتهى عملي في التاسعة مساءً كما يحدث كل يوم ، لكني لم أغادر مكاني ولم أتجه إلى منزلي البارد الوحيد ..
هذه المرة وقفت في مكاني أنتظر رحيل كل العاملين في المبنى ، حتى لم يعد هناك صوت من حولي .. لكني لم أتحرك بسرعة .. النحيل أخبرني أن أظل حذراً حتى النهاية ..
أخبرني أنهم قد يشعرون بي لو حاولت الدخول .. سألته كيف ؟ فأخذ يشرح لي الكثير عن كاميرات المراقبة ونظم الحراسة والتأمين ، لكني لم أفهم إلا أن الدخول مباشرة قد يضرني ..
هكذا وقفت في مكاني لنصف ساعة كاملة ، أرمق تلك الشجرة وأنتظر ، حتى سمعت النحيل يقول أخيراً :
-- الآن .. هيا بنا ..التفت إليه لأراه يسرع إلى صندوق الكهرباء القريب ، فتبعته إلى هناك دون أن أسأله أين كان ولا من أين أتى .. وهناك أشار هو إلى الصندوق وقال :
-- يجب أن تفسده .. بهذا ستتوقف كل أنظمة التأمين عن العمل .. فقط خذ الحذر وإلا صعقت ..وأنا أعرف هذه المعلومة جيداً .. أمي أخبرتني بها وأنا صغير وساعدتني على حفظها بالصفعات ، فلم أعد ألعب بالقابس الكهربائي بعدها أبداً ..
-- ستحتاج لأي شئ خشبي لتفتح الصندوق بعدها سأخبرك بما عليك فعله ..
كنت أشعر بالخوف والتردد ، لكني لم أكن أنوي التراجع .. ربما أكون غبيًّا لكني أشعر بأن ما يحدث داخل المبنى له علاقة بما حدث للأطفال والنحيل .. لهذا يجب أن ندخل الليلة لنعرف ..
أو لأعرف أنا .. لا أعتقد أن النحيل سوف .. إنه .. لا يهم !
المهم أنني فعلتها أخيراً ليسود الظلام من حولي ، وليبتسم النحيل في رضا ، قائلاً :
-- الآن يمكنك أن تدخل ..فاتجهت باستسلام إلى المدخل الخلفي الذي اعتدت أن أحرسه ، ووقفت أمامه حائراً منتظراً إرشادات النحيل ، الذي قال :
-- ألم تسأل نفسك ولو لمرة لماذا طلبوا منك ألا تسمح لأحد بالخروج من هذه البوابة ؟؟.. المنطقي ألا تسمح لأحد بالدخول ..-- ماذا ؟!!!
-- لا تشغل بالك .. الآن ستفهم .. رغماً عنك ستفهم ..
•••
لم يكن الدخول صعباً كما اعتقدت ..
ولم تكن هذه هي أول مرة أتسلل فيها إلى مكان ..
أمي أخبرتني ألا أذكر ما حدث لمخلوق لكنها لم تعد معي .. أخبرتني أنها نادمة وأنها لن تطلب مني أن أكررها أبداً أبداً .. لكني كنت أعرف أنها كانت مضطرة ..
لقد كنا جائعين !
أنت تقرأ
مجموعة قصصية | حكايات الموتى
De Todoمجموعة قصصية من أدب الرعب منقول .. بقلم : د.تامر إبراهيم جميع الحقوق محفوظه للناشر سواء النشر الورقي أو الإلكتروني ... " أفكار كثيرة طازجة ، وحبكات لا يمكن التنبؤ بها .. دعك من صفة تروق لي كثيراً وهي الجرعة الأدبية العالية .. لا يمكن أن تقارن هذه...