اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
١.٥
حينما رسَت السّيارة في ما بدا كمرأبٍ خشبيٍّ هشٍّ، بجانب المنزل الجبليّ، سارع جيمين بفتح الباب والوثب خارجًا، مباعدًا بين ذراعيه ومتابعًا الهرولةَ بعينين محكمتي الإغلاق، مطلقًا أصواتًا عشوائيةً عبّرت، كما اِفترض جونغكوك، عن مسرّته، إلى أن صادف جذع شجرةٍ أجبره على التّوقف.
كان قد ترك باب السّيارة مفتوحًا على مصرعيه، سامحًا لبصر جونغكوك بإلتقاط لمحةٍ عن المكان. تمرّدت الخضرة على كل ّشيءٍ، بدءًا بالأرض واِنتهاءً بالجدران الخارجيّة للمنزل، وبالرّغم من حرارة الصّيف، لم يلتقط نظره سوى ما قد ذكّره بالرّبيع الأبلجِ.
لم يشعر بمضيّ الوقت، وإسهابه في التأمّل، سوى حين سمع صوت إصطدام باب السّيارة الأمامي بالهيكلِ، منبئًا بخروج هوسوك.
عند اِلتفاته، توقّع أن يرى صورةً ضجرةً سئِمةٍ من تايهيونغ، غير أنّه قد اُستُقبل بأخرى هادئةً. كان متّكئًا على المقعد، منكسًا رأسه نحو الخلف مغلقًا عينيه.
شعر جونغكوك بدفءٍ يضغط على صدره، دفءٌ أغيدُ لكنّ وقعه قد خلّف ألمًا لا يكاد يُستشعر بين أضلاعه. خُيّل له أنّه قد عاد بالزّمن، إلى حين كان لا يزال مؤمنًا أنّ تايهيونغ بمثل عمره، وأنّه من غير الواجب عليه إلحاق لقبِ التفوّق العمريّ بإسمه. لم يكن يرَ المعنى الحقيقيّ للقب بعد، ما عادَ بتخلّيه عنه، وتُبع الأمر بتخلّي الجميعِ عنه طالما أنَّ لا غريبَ يتوسّطهم.
كان تايهيونغ، حينما اِعتادا على الذّهاب رفقة إحدى العائلتين في رحلةٍ، يغطّ في النّوم قبل الوصول إلى المحطّة المنشودة بدقائق. تساءل جونغكوك حينها، تساءل طويلاً، عن سبب تفضيل الأكبر للنّوم في الجزء الأخير من الرّحلة، بينما يُفترض به أن يكون مستيقظًا آنها. لكنّه لم يجد أيّ إجابةٍ.. خمّن أنّ كون تايهيونغ، تايهيونغ هو الإجابة.
وقد وجد جونغكوك نفسه يتمنّى، ألاّ تكون الأيام القليلة السّالفة كفيلة بتغيير ما كان تايهيونغ عليه.
توارى لسمعه صوتُ نداءِ هوسوك، الذي قد كان موشكًا على فتح باب المنزل بالفعل، ليزمّ شفتيه ويرفع يده موجّهًا إيّاها نحو كتف الأكبر. هزّه بخفةٍ، وأمل بصمتٍ ألاّ يبدي الأكبر ردّةٍ فعلٍ مباشرةٍ.. تمنّى أن يضطرّ لوكزه وهزّه مجدّدًا، مناداته مرارًا وتكرارًا ليستيقظ من غفوته، لأنّ ذلك سيعني الكثير للأصغر، سيعني له ما لن يتبيّنه أحدٌ.