مضى ما تبقى من اليوم بشكل سريع ومتتابع حيث عادت الى المنزل وكروتينها اليومي نظفت ثم طبخت الغداء في انتظار تناوله مع والدها الذي يعود الى المنزل الساعة السادسة مساء ثم حاولت قضاء بعض الوقت في مذاكرة دروسها ولكنها ملّت منها بسرعة بعد ان شعرت بصعوبتها فقضت بقية الساعات امام التلفاز تشاهد البرنامج تلو الآخر حتى تذكرت أهم شيء في يومها...الهاتف!
ذهبت بسرعة لتحضر من تحت سريريها كل ما جمعته من مال لما يقارب السنة ثم انطلقت والحماس يقتلها لتشتري أحدث هاتف نزل الى السوق وصرخت بينما كانت تقفز من السعادة "أخيرا سأصبح كفتيات هذا الجيل وليس كفتاة لا تعرف اي شيء عن التكنولوجيا".حانت الساعة السادسة مساء بينما كانت هي جالسة على الاريكة بالمقلوب تنظر الى هاتفها الراقي الذي ابتاعته للتو وتقلبه بين يديها بسعادة وهي تتحدث مع نفسها
"لابد ان أبي سيتفاجأ كثيرا حين يراه فأنا لم اخبره يوما بأنني اريد هاتفا بسبب وضعنا المالي السيء ولم ارده ان يضغط على نفسه اكثر من ذلك"
"ربما حين يراه سيظنني سرقته" فضحكت وهي تتخيل المشهد
"ولكنه بالتأكيد سيفرح ايضا حين يعلم انه لي" ثم قبلت هاتفها وقالت بصوت عالٍ
"لقد تمنيتك منذ وقت كويل حقا!"
وفجأة سمعت طرقا على الباب مما أجفلها فحاولت النزول من على الاريكة بسرعة فسقطت ولكن هاتفها لا زال في يدها فوضعته في جيبها وركضت نحو الباب
كانت تعلم أنه والدها ففتحته وقالت بسعادة "اهلا بعودتك"
كان والدها يبدو منهكا جدا وكبير السن رغم أنه لا يزال في الاربعينات
شعره الاسود يغلب عليه الشيب وملامحه الجامدة تغزوها التجاعيد وعيناه لا تعبران إلا عن التعب
بل بدا وكأن جسده ازداد نحولا
لاحظت كارين الهالة الكئيبة التي تحيط به فسألته باهتمام "هل كان يومك مرهقا؟"
فأجابها بصوت هادئ "اجل"
ولم يتركها تستفسر اكثر فباغتها بقوله
"إن كان الطعام جاهزا ضعيه ولا تتأخري فحتى إن كان باردا لا بأس"وضعت الطعام على طاولتهم الصغيرة ثم بدآ تناوله بصمت بارد كبرودة الأكل
بدا ذهن الاب شاردا تماما وهو يأكل بحركات آلية فحسب'ترى ما به؟ هل الامور بخير حقا؟'
حاولت كارين كسر الصمت قائلة
"هذه الايام البرد قارس ولكن شقتنا تكون دوما دافئة اعتقد اننا محظوظون رغم رطوبتها اليس كذلك؟"
فاجابها بخفوت "اجل ذلك جيد"
ثم عاد السكون مجددا ما عدا من اصوات التلفاز الذي كان مُشغلا بغير فائدة
ثم حاولت مجددا وقالت "اليوم قضيت وقتا جيدا في المدرسة فقد..." لم تستطع ان تكمل لأنه لم يخطر على بالها أي موقف جيد حدث معها اليوم في المدرسة ولكن ذلك لم يشكل فرقا فذهن الأب لم يكن حاضرا على اية حال
ثم تذكرت امر هاتفها وتساءلت إن كان الوقت مناسبا لإخباره ثم حسمت امرها في النهاية بأن تريه إياه وتدعه يخرج قليلا من جو الحزن هذا
ارتسمت على وجهها ابتسامة صغيرة وكانت على وشك ان تتحدث حين سألها
"هل...هل في المنزل شيء للبيع؟ احتاج الى المال"
اختفت ابتسامتها فورا ثم قالت "مال..لماذا؟"
"الا يوجد اي شيء؟"
وبالطبع كل ما خطر في بالها للبيع هو هاتفها وهذا ما أخافها ولكنها تساءلت
'في اي شيء يحتاج الى المال لهذه الدرجة؟'
'ما اخشاه انه لأجل...روزفيل'
شعرت بانقباضة في بطنها ما ان تذكرتها
فأجابت وعيناها الى الاسفل "هنالك التلفاز"
فقال والدها بإحباط "لا إنه قديم ورخيص لن ينفعني ثمنه"
ثم استجمعت بعض الشجاعة وسألته
"هل هو لأجل روزفيل؟"
توقف عن المضغ ونظر اليها قائلا
"كارين اتفقنا على الا نتحدث في هذا الامر ثانية صحيح؟"
ثم تنهد وضغط على جبينه بانزعاج
وقد شعرت كارين بالذنب كثيرا وهي تنظر اليه فلديها الهاتف وتستطيع إعادته اليوم واستعادة ثمنه ولكنها شعرت بالأنانية وبالخوف من كون روزفيل وراء هذا الثقل الذي يشعر به والدها
تلك المرأة الاستغلالية قد انفصلت عن زوجها مؤخرا فأصبحت تبحث عمن تمتص منه المال فليس لديها دخل مادي وجميع الرجال قد رفضوها فحطت رحالها على والد كارين
فكرت كارين وهي تنظر الى والدها المنهك

أنت تقرأ
﴿دائما متروكة في الخلف﴾
Romanceكارين هي تلك الفتاة التي تسير دائما خلف مجموعتها وان غابت فلا احد يلاحظ لطالما ارادت ان تختلط مع الجمع ولكن دائما يتم نبذها خارجا سواء بقصد او بغير قصد معجبة بزميلها في الصف منذ عامين كاملين ولكن من الافضل ان تُبقي مشاعرها لنفسها فهي تعلم الا فرصة ل...