الفصل الثاني

4.1K 390 156
                                    

وساوسُ الشيطان قد هيمنت على فكرها وأفزعتها أكثر، فهذا الرجل الذي يخلفها يبتغي إلحاقها بالضرر بشره؛ لأن قبضته الخشنة تخللت يدها بغية استلال السكين منها، وعلى الرغم من محاولاتها بطعنه بفخذه وردعه كذلك، إلا أنه قد نال منها ولم تسمع سوى صوت رنين السكين، فشُغّلت صافرات الإنذار بداخلها وما عليها سوى مبارحة بقعتها هاربةً!

«من تكون!».

«أنا صفر».

لم تستطع الحراك فقد صار محكمًا وثاق ذراعه حول عنقها بعد فضّه قيد فاهها الذي لجمه، بات يشدها إليه حتى التحام ظهرها وصدره، أما ضحيةُ الفزع فجبينها قد ندي، ولكن لم يُعرف إن كان عنقها قد تعرق بسبب الخوف، أم لأنفاسه التي ما برحت تلطمه بزفير أحرّ من سابقه.

لم تمر بضع ثوانٍ حتى نفذت تمردها من سجنه على حين غرة، وقد هزمته بنطحة قوية من مؤخرة رأسها فكادت أن تهشم أنفه، وعلى إثرها تراجع للوراء قليلًا.

عندما ألحقت الضرر به توًا امتنت لأخيها تشانيول كثيرًا؛ فهو علمها مسبقًا فنون الدفاع عن النفس كي تنقذ نفسها إذا تعرضت لهجوم مباغت.

وقبل أن يعيد انتباهه إليها معلنًا انتهاء غفلته انتشلت السكين من مضجعها، ثم أشهرتها على عنقه بخفة وهددته بالنحر فدمي عنقه نظرًا للخدش الذي شق جلده، وعلى الرغم من تكّحل المكان بالغياهب إلا أنها قد شهدت ترقرق عيناه بدموع حرّى لوهلة من الزمن، وسرعان ما هبطت على مسمعيها كلماته العطوفة بمخرجها: «أُختاه، إنه أنا هيون».

«والله لتبئسـنّ عند نحري إياك بسكيني هذه، فلا تحاول خداعي بما تدعو نفسك به» صوبّت خناجر كلامها عليه ولم ترتخ لفظة واحدة مما تفوهت به، بينما هو كان متأملًا عينيها فجحد شرّه وتناثر عبوسه كما تراءى لها بعض الشيء.

«ألا تصدقينني يا سوزي؟ لقد طُردت من أبواب الجميع ولم يكن لي سواكِ سبيلا» نبرته كانت مضطربة وتكاد أن تجعله متهدجًا خانعًا، باتت الأخرى مصدومةً بعض الشيء فهو يعرف اسمها، ولكن ها قد صُبّ الماء بغير دلوه؛ فسوزي خالجها الظن حول ماهية هذا الرجل الذي يود أن ينال استعطافها، ماذا لو كان قاتلًا مأجورًا عيّنه أحد منافسي تشانيول لخطفها أو لقتلها؟ إنه احتمال صائب كما قد خُيّل لها!

«لستُ بفاتحة أبواب استعطافي لكل من هبّ ودب، وكذلك يا فلان هيون ليس على قيد الحياة كي تتقمص شخصه، فخسئًا لمحاولاتك!» زجرته بالكلمات وتعمّدت دفعه بضراوة كي توقعه وتسيطر عليه، وفعلًا اصطدم قفاه بالأرض ولم تسنح له الفرصة بالحركة؛ فها هي السكين تضطجع عنقه من جديد.

كان مرتخيًا وواهنًا، ولذلك بدا وكأنه رجلًا ضجر الحياة فاستسلم ومنح رأسه لمقصلة القدر كي تجزه.

صفر| Zeroحيث تعيش القصص. اكتشف الآن