كعادته دوما ، بعدما ينهي محاضراته ويعود للمنزل ، جلس في غرفة المعيشة مع عائلته ، كان الأب يشاهد التلفاز وأخيه الصغير يلعب على هاتفه
قال منادياً إياه : محمد
_ نعم
: تيجي نخرج ؟
_ لا انا مش قادر ...
زفر بهدوء ثم فتح الكمبيوتر النقال الخاص به وبدأ ينهي مشروعه للجامعه ، هو يعشق هذا المجال
جلست أمه جواره قائلة : هتيجي حفلة ابن خالتك ؟
رد بهدوء يطبع عليه في المنزل في احيان كثيرة : لا ، روحوا انتو
_ ليه ؟
: مش حابب أروح !
_ هتفضل انطوائي كده
: معلش انا كده مرتاح
_ طيب
عاد ليكمل ما يفعل على حاسبه النقال ، وبعد قليل
قال والده وهو ينظر للتلفاز : طه قوم جبلي اشرب
لم يسمعه ، فلم يتحرك ، وفجأة وجد معلقة تطير في وجهه ثم والده يصرخ به : أنا مش بقولك قوم جيب ماية ، قوم فز
قام بهدوء بعدما زفر بقوة وتغاضى عما فعله والده ، دخل المطبخ وقد احمرت عيناه ، ولكنه لم يكترث احضر المياة ثم أخذ جهازه ودخل غرفته بهدوء وأغلق الباب
وقف أمام المرآة قليلاً ، ما المشكلة ؟ ، وما حلها ؟
تنهد بألم ، ثم عاد ليكمل عمله بشرود ...
دوما هكذا ... روتين يتكرر كلما أشرقت الشمس ، لا يستمعون ولا يرون العالم سوى من منظورهم ، ولا يعطون لأنفسهم فرصة ان يره من وجه أخرى ، أبداً ..
طرقت والدته الباب فقال : اتفضل
دخلت قائلة : مش هتيجي تقعد معانا شوية ، ولا مش طايق تقعد معانا ، هتفضل قاعد قدام الزفت ده ، اشيله اكسره !
أجابها : حاضر طالع اهوه
قام بهدوء وخرج اليهم ، وكأن أحدا سيجلس معه مثلاً !
كما المعتاد هي ووالده أمام التلفاز ، وأخيه يتحدث معه أصدقاءه على الانترنت وهو وحده ، ما الغريب !
وكعادته ، اخرج هاتفه وبدأ يقرأ أحد الكتب الإلكترونية
قالت الأم بزعيق : طه بنكلمك
نظر لها بالطبع لم يدرك انها كررت الجملة مرتان ، فهو لم يسمع
قال : نعم
محمد : بتقولك بعد بكرة هنخرج سوا
ابتسم قائلا : سبحان الله ، لسة صحابي بيقولولي نخرج ...
صرخت به بحزن : خلاص اخرج معاهم ، مش مهم اتفسح انت ومش مهم احنا خلاص
قال بهدوء حزين من جديد : قولتلهم لا
هو فعلا قد رفض مسبقا ، ولكنهم لا يستمعون ...ولن يفعلوا
لا فرصة للنقاش بعد يوم طويل ، يوم يتكرر كل يوم ، والده في عمله وكده وهي في عمل وتنظيف وضيق ، بالطبع لا طاقة لنقاش ، فقط للصراخ !
ربما كان الأمر صعباً بالنسبة له أن يتحمل صراخهم وغضبهم الذي يتكرر كثيراً ، في الواقع ولو احصينا الأمر ، سنجد أنهم يمرون بيوم واحد او يومين هادئين في الاسبوع ، وهذا تقدم إلى حد ما !...
لا طاقة لهم بالحديث ، وعليه أن يفعل كل ما يُطلب منه ، لم يعترض ولكن الأمر أنه أيضا مر بيوم طويل ، بين جامعة و محاضرات ، والأمر ليس جديداً ، هم هكذا منذ كان في صفه الثالث الإعدادي تقريباً
حين نضج تعلم أن يلتمس لهم عذراً ، فهم منهكون وبالطبع لديهم العديد من المشاكل ، والده مع العمال ، ووالدته مع الموظفين ، و أشياء كهذه كثيرة
ولكن السؤال متى سينضجون هم ، ليتعلموا أن يلتمسوا له عذراً ؟!....
حل المساء ونام الجميع ، وكذلك هو ، حتى أشرقت الشمس بيوم جديد
قال وهو يخرج للجامعة : انا هروح لابراهيم بعد الكلية يا ماما ...
ورحل ، انهى محاضراته ثم ذهب ليجلس مع جاره وصديقه ، هما صديقان منذ انتقل ابراهيم وعائلته إلى هذا الحي منذ حوالي شهرين
جلس يتحدث معه ويضحكان ويمزحان ، احياناً يتحدثون عن الكلية وأحيانا عن اشياء اخرى ، سمعوا طرقات على الباب ففتح ابراهيم الباب ، ليجدها والدة طه
: اتفضلي
ادخلها بينما هي قالت : طه هنا ، اصلي نسيت المفاتيح في البيت و عايزاه يروح يجيبها من أبوه في المصنع
خرج طه قائلا بابتسامة : يا هيما
ثم قال بتساؤل : ماما ، حصل حاجة
ابراهيم بصوت مرتفع قليلا : هنروح نجيب المفاتيح من ابوك في المصنع عشان طنط نسيتها في البيت
قالت والدة طه : بتعلي صوتك ليه في ودني كده !
نظر لها ابراهيم باستغراب ، بينما لم يعقب طه على حديثها ولكنه قال
: طب يالا
خرجا معا بينما رحبت أم ابراهيم بها : اتفضلي اتفضلي ، مبنشوفكيش خالص ليه كده
قالت بابتسامة : معلش مشاغل ، العيال بقى
: ربنا معاكي ، والله على طول بدعيلهم وخصوصاً طه
قالت بتنهيدة : ربنا يهديه
_ ويباركلك فيه يارب ، دا عيل يشرح القلب كده والله ، تشوفيه بييجي يدي للبيت حس ، دمه خفيف كده وعلى طول يهزر
ثم ضحكت قائلة : ولما بيلعب مع أبو ابراهيم شطرنج ويغلبه ، يقوم ابو ابراهيم يزعق ويضايق خالص ، وطه يغيظه ويضحك ، لحد ما الحج مبقاش يرضى يلعب معاه خالص
_ طه ؟!
: ايوة ربنا يباركلك فيه يا رب ، أصلا محدش بيعرف يغلب ابو ابراهيم خالص ، غيره !
ثم قالت بحزن : بس مشكلة ودنه دي ! ، كل مرة اقوله يكشف يقولي حاضر بس سيبيها على الله ، بس انت صري عليه شكله مش بيحب الدكاترة ، بس لازم يكشف عشان يعرف فيها إيه ويسمع كويس
ظلت صامتة وتستمع لها ، بينما أكملت هي : والله ربنا يباركلك فيه ، انا مبسوطة خالص عشان ابراهيم اتعرف عليه ، وحتى بسم الله ما شاء الله ذكي ، كان قعد مع ابراهيم يفهمه المشروع بتاعه ده اللي على اللاب توب ، ابراهيم بيقولي المشروع ده لو اتباع هيجبله فلوس حلوة ، ربنا يوفقه يارب
أنت تقرأ
ما اقترفت يداك | آلاء شعبان
Cerita Pendekتلك اليد السوداء .. السبب في حزن كبير ويأس أكبر ..، في قلوب ثقيلة وأحلام تنهدم وكأنها بيوت بنيت في الهواء دون أساس .. ، تلك اليد التي تجعل الكثيرون يسكنون على فراشهم لا يريدون حراكاً أو حديثاً أو أي شيء ... إلى ذاك الشخص صاحب اليد سواء كان أخا .. ا...