نظرت لصورة زفافنا ودموعي تغسل وجهي ، كنت مخدوعة حينها ، ترتسم علي وجهي إبتسامة لم أكن أعلم أنها ستتلاشي بعد بضع ساعات للأبد.
إكتشفت أنه من السهل أن تصدر صورة زائفة عن نفسك للآخرين ، يكفي فقط أن تكون كاذبا بارعا وستسير أمورك جيدا .
هذا ما فعله بي هشام .
هكذا أوقعني بفخه .
أذكر المرة الأولي التي رأيته بها .
كنت يومها حزينة لفراق أخي ، فلقد تم تحديد ميعاد سفره ليستلم وظيفته بجامعة هايدلبرغ الألمانية بعد أن حصل علي شهادة الدكتوراه بطب الأمراض العقلية الحديث منذ بضع شهور .
عاد إلي مصر ليقضي معي أنا وأبي شهرين لم يكن يعلم أنهما آخر شهرين بحياة أبي .
أصر والدي قبلها علي أن يمد أجازته لوقتا أطول كي نستمتع بوجوده معنا لبعض الوقت .
كانا أفضل شهرين مرا بعد وفاة أمي .
كان حسن يصطحبنا بهما كل يوم بمكان جديد .
بالصباح نخرج أنا وهو معا نقضي اليوم ننتقل من مكان لآخر ، أقوم به بتقمص دور المرشدة السياحية رغم أنني لا أعرف الكثير من المعلومات مما كان يضحكه كثيرا ، وبالمساء يصطحبنا حسن لأحد المطاعم لنتناول العشاء ثم يدعونا للسينما أو نعود لنقضي الليلة بلعب الشطرنج .
إلي أن كاد موت أبي المفاجئ أن يقتلني .
كان قد أخبرني أنه سيصلي العشاء ثم يعود ليقتل ملكي بثلاث حركات كما يفعل دائما .
أعددت القهوة التي يحبها وأدار حسن أغنيته المفضلة " هذه ليلتي" وعندما تأخر دخلت لأراه .
لقد سلم أبي روحه علي سجادة الصلاة وهو يناجي الله بآخر ليلة من ليالي رمضان .
بعد أبي رفض العيد أن يمر بمنزلنا .
ماتت عصافيره باليوم التالي ، وإختفي كلبه ولم نستطع العثور عليه . وعندما ذهبت لقبره لأقرأ له الفاتحة وجدته يقبع هناك . هزيلا رافضا للطعام .
أربكت خطط أخي فلم يرغب بتركي وحيدة بمصر لذا قرر إصطحابي معه وبدأ بتجهيز الأوراق اللازمة .
هو من أقنعني بالخروج لحضور زفاف صديقتي ، أوصلني للحفل وأخبرني أنه سيعود ليصطحبني بعد ساعتين .
ليته ما أقنعني وليتني ماذهبت .
هناك رآني
هناك إختارني ضحية
هناك وقعت بشباكه
لفتت زميلتي إنتباهي له قائلة أنه لم يرفع عينه عني وأن زفافا جديدا يلوح بالأفق .
سخرت منها ونظرت بساعتي فقد تأخر حسن عن الحضور .
رفعت عيني لتصطدم بعينيه العميقتين . بعدها وجدت حسن يقف بجواري فابتسمت له وإستعديت للمغادرة لكن صوته قد قاطعني وهو يوجه حديثه لأخي قائلا " ماذا تريد منها ؟"
نظر أخي إليه حائرا ثم سأله " من أنت؟ وماذا تريد؟"
فقال له " هذا ما سألتك عنه منذ قليل "
إبتسم حسن قائلا " حسن مصطفي ، أخيها وأنت ؟ "
إبتسم ثم إعتذر قائلا " آسف كنت أعتقد أنك تحاول إزعاجها ، أنا هشام سعيد مدير مالي بشركة رسلان .
هز له حسن رأسه محييا وشكره علي إهتمامه بي وإستأذن لنغادر لكنه قد عرض علينا إيصالنا إن لم يكن معنا سيارة فقبل أخي .
بعد يومين حضر لمنزلنا وقابل أخي وطلب منه يدي فأخبره أن الأمر يتوقف عليَ .
كما أخبره بظروف سفره وبرغبته في إصطحابي ، لكنه عندما علم ذلك عرض علي أخي أن يقيم عرسنا سريعا قبل سفره .
حدثني حسن بالأمر فلم أعرف بماذا أجيبه فإقترح عليَ أن يسمح له بالحضور للمنزل والحديث معي كي أقرر .
بكل المرات التي حضر بها هشام كان حسن يجلس بعيدا بإحدي الزوايا يقرأ كتابا .
أخبرني هشام أنه يتيم قد مات والده وهو صغير وربته أمه إلي أن رحمها الله منذ ثلاث سنوات .
وأنه يعيش وحيدا بشقة والديه وسوف يجري عليها تعديلات كي نقيم بها بعد زواجنا .
كما أنه يحتل منصبا هاما بالشركة التي يعمل بها والجميع يحترمه .
أحضر حسن لنا عصيرا فشربناه ثم وضعت الكأس علي الطاولة فغضب هشام وأمسك الكأس الفارغ سريعا ووضعه بمحاذاة الآخر بالضبط .
نظرت إليه مندهشة فقال مازحا " هكذا لن يشتاق لرفيقه "
فضحكت .
كنت أعتقد أنه يمزح وقتها ولم أعرف أن ما فعله كان عرضا من أعراض مرضه النفسي .
عندما أخبرت حسن بموافقتي ضمني إليه وقبل رأسي وأخبرني أنني سأكون أجمل عروس . وباليوم التالي بالمساء جلس بجواري وسلمني ميراثي .
أخبرني أن أبي قد ترك له شقة ليتزوج بها لكنه لا يريدها وقد كتبها بإسمي وسلمني عقدها بيدي وإستأذني أن يحصل علي شقة والدينا هذه لأنها تمثل له قيمة عاطفية كبيرة فوافقت بكل سرور .
وبالنسبة للمال فقد فتح لي حسابا بالبنك ووضع به حقي من مال أرض أبينا التي باعها .
وأنه سيسافر بعد زفافي مباشرة لأنه قد تأخر كثيرا علي عمله .
أعطاني نسخة من مفتاح شقته هذه لأحتفظ بها معي كي أستطيع الإعتناء بها .
وساندني بكل خطوة كنت أخطوها كي لا يشعرني بفقدان أمي وأبي فإختار معي فستاني وملابسي وتصفيفة شعري ، حتي أن جارتي بالشقة المقابلة قد إعتقدته زوجي. فهشام أخبرنا أن العمال لم ينتهوا من إعداد الشقة فإقترح حسن أن نقيم بالشقة التي كان سيتزوج بها ، شيئا ما دفعني لعدم إخبار هشام أنها قد أصبحت ملكي .
شعرت حقا بالفرح عندما رافقني حسن وسلمني لهشام وإنهرت بكائا وأنا أضمه قبل أن يغادر بنهاية الحفل .
فبعد سفره فقدت كل ما يربطني بالواقع ، بل بالحياة .
بمجرد دخولنا الشقة أغلق هشام الباب بالمفتاح ، إعتقدت أنه يمزح معي ويحاول إخافتي لكن ما رأيته بعينيه أكد لي أن لا يمزح ولن يمزح مجددا .
كانت عينيه قاسية باردة وتبدلت نظرته لي من نظرة الحب التي كان يدعيها إلي نظرة الإحتقار .
لم أستطع أن أستوعب التغير السريع الذي حدث فإبتسمت وإقتربت منه وسألته
"ماذا بك ؟"
ضحك ضحكة مخيفة قائلا
" أنا بخير ، لقد عدت لطبيعتي لكنك لن تستطيعي أن تعودي أبدا . "
إبتعدت قليلا قائلة
" أنا لا أستطيع فهمك "
قال لي وهويخلع رابطة عنقه ويفك أذرار قميصه
"سأفهمك بالطريقة الوحيدة التي تحبيها ، لقد كانت عينيك تتوسلني منذ أول مرة رأيتك بها أن أفعل وها قد حان الوقت لأفعل "
إبتعدت للخلف
" أنت تخيفني"
إتسعت إبتسامته
" هذا جيد "
ركضت الي حجرة النوم لأهرب منه فتعثرت بفستاني فوصل إليَ وحملني ثم رماني علي الفراش بقوة
صرخت قائلة
" هل أصابك الجنون؟"
إتسعت عيناه وفتحتي أنفه وقال
" سأريك الجنون الآن "
بدأ بتمزيق فستاني فصرخت
" أرجوك ياهشام ، أنت تؤلمني وتخيفني"
ضحك قائلا
" عليك دائما إخباري بمشاعرك ، أريد أن أعرف دائما بماذا أجعلك تشعرين "
حاولت أن أجعله يهدأ
" فقط إخبرني بما تريده مني وسأفعله ، أرجوك دعني ، لا تخيفني "
قطب جبينه قائلا
" ستفعلين ما أريده لكن ليس بإرادتك ، كنت قد أعددت خطة للتمهيد لك لكني قمت بإلغائها فور رؤيتك بهذا الفستان "
حاولت إبعاده لكنه كان ثقيلا
خمشته بأظافري فسبني بأقذع الألفاظ
صرخت
فضحك
زاد صراخي فزادت نشوته
صفعني
فغبت عن الدنيا
وفقدت وعيي
إستيقظت علي رائحة ثقيلة تقتحم أنفي إقتحاما
فتحت عيني
فتلقيت صفعة أخري منه
" لا تتركيني مجددا، فلا أحب مضاجعة الموتي "
كنت مرهقة جدا ، لا أستطيع التنفس ، شيئا ما يجثم فوق صدري .
يقف بحلقي
يعوق تنفسي
يسحب مني الحياة
أهو الموت ؟
ليته كان
إنه ألم الخذلان .
لقد تم إغتصابي من قبل زوجي وبليلة زفافي
أي جحيم رميت به نفسي
لقد قبلت بوجوده بحياتي بشرط وحيد هو التقدير
وبليلتنا الأولي ضرب بشرطي عرض الحائط .
أهذا حلم؟
بل كابوس
ألم يكن بوعيه ؟
هل شرب شيئا ما جعله يفعل بي ذلك؟
هل سيعتذر ويقبل رأسي عندما يسترد عقله ويدرك الحماقة التي إرتكبها ؟
بالطبع سيفعل فلا يوجد شخص عاقل يفعل ذلك بزوجته بليلتهم الأولي .
يذيقها كم الألم والذل والخوف والإحتقار هذا .
هل أبحث له عن مبرر أم أبحث لنفس عن طوق نجاة ؟
أنت تقرأ
تزوجت ساديا
Romanceسلسلة هي والشيطان نظرة في واقع المرأة المصرية الحكاية الأولي تزوجت ساديا مقدمة أخبرتني بأسرارها وطلبت مني أن أروي قصتها كما هي دون حذف أو إضافة لعلها تكون سندا لإمرأة أخري تمر بظروف مشابهة ورغم غرابة قصتها إلا أنني تحمست لها ووعدتها بكتابتها . وأردت...