لم أكن يوما إمرأة دون عقل ، فكل أساتذتي بالجامعة كانوا يتوقعون لي مستقبل مشرق ويمدحون ذكائي وقدرتي علي التعلم وذاكرتي الفلاذية . فيكفي أن أقرأ شيئا لمرة واحدة أو أسمعه ليلتصق بعقلي مدي الحياة .
كان لدي نهم للمعرفة وكنت أسعي دائما لإشباعه .
أردت التميز وسعيت لتحقيقه وخطوت أولي خطواتي عندما إستكملت دراستي بعد الجامعة .
كنت أود أن أبرز بالمجال الأكاديمي .
أن أضع يوما ما نظريات بعلم الإقتصاد .
أن أترك بصمتي بعقول عشاق هذا العلم مثلي .
والدي كان رجلا عظيما .
شجعني دائما علي أن أكون أفضل .
كان يساعدني بمجموعات الكتب النادرة التي يهديني إياها من وقت لآخر .
كان دائما يقول لي
" إقطفي من كل بستان زهرة لتصنعين حديقتك الخاصة "
لذلك لم أقتصر بقرائتي علي علم الإقتصاد فقط بل أبحرت بالفلسفة والسياسة والإجتماعيات .
أرسل لي حسن بعيد ميلادي الماضي مجموعة روايات ألمانية .
كنت أعتقد أنه يود إغاظتي لأنه يجيدها .
لكنني فهمت فيما بعد أنه أرادني أن أتعلم الألمانية
أراد إبلاغي بشكل غير مباشر .
حسن دائما يحب الألغاز ويبرع بحلها .
كان يجذب شعري بلطف دائما ويقول لي
" يوما ما ياروما ستغيرين العالم "
لم أحزن يوما أن الله لم يمنحني أختا تشاركني جنوني .
فلقد منحني حسن .
أفضل رجل قد تحصل عليه فتاة يوما .
محظوظة هي من تجد رجلا يدفعها لتكون أفضل ، يربت علي يدها ليقويها ، يفتح لها ذراعيه إن إحتاجت للأمان
يحل محل وسادتها فيمسح دموعها ويواسيها.
لم أندهش أن حسن يتصف بكل هذه الصفات فوالده كذلك أيضا .
حسن هو أخي الكبير .
وبالحقيقة هو كبير قامة وقيمة .
نشأنا معا وكنا نتنافس من منا سيصبح أفضل ليفتخر به والدانا أكثر .
رغم أننا كنا نعلم جيدا أنهما يقبلانا كما نحن ونحظي لديهما بنفس المكانة .
غادرت والدتي مبكرا .
كنت أخضع لإمتحانات الثانوية العامة عندما وافتها المنية .
وكان أخي يخضع لإمتحانات السنة النهائية بكليته .
يومها فتح أبي ذراعاه لنا وضمنا قائلا
"سنكمل ما أرادته والدتكما ، لن ندع خسارتنا لها تعيق تنفيذ الأحلام التي رسمناها معا .
كانت كلمات أبي هي الدفعة التي كنا بحاجة إليها .
أنهيت إمتحاناتي وبعد بضعة أسابيع علمت أنني لم أخذل أمي .
بعدها قدمت أوراقي وقررت دراسة الإقتصاد .***
مريم
عندما فتحت عيني وجدت نفسي بالمشفي وهشام يجلس بجواري يمسك يدي ويخبرني كيف أذاني السقوط عن السلم .
كل ما كان برأسي وقتها سؤالا عجيبا
" لماذا أبقي الله علي حياتي ؟"
لابد أن لديه حكمة أنا أجهلها الآن ولا أقدرها لكني سأعرفها يوما .
لم يغادر المشفي إلا وأنا برفقته خوفا من أن أهرب أو أبلغ الشرطة .
كانت هذه هي أطول فترة قضيناها معا .
كان يستخدم البيت كفندق يقضي به عدة ساعات ، لم أفكر يوما بأي مكان يقضي وقته بل كنت أتمني أن يطيل البقاء به .
لم أشعر بالحزن لوجود عشيقة له ، بل تمنيت أن تبعده عني لوقت أطول .
لم أهتم بتناول طعامي وحدي بل كان ذلك يسعدني فبالمرات القليلة التي تناول الطعام معي كدت أختنق به .
هشام كان يخشي أن يأكل شيئا صنعته بيدي .
كان يشك أنني دسست به سما .
لذا كان يحضر طعاما جاهزا إن أراد أن يأكل أثناء تواجده بالمنزل .
هشام كان يمنع عني الأكل ليؤدبني .
يترك البيت فارغا دون طعام باليومين . فقط يحضر لي كل إثني عشر ساعة علبه من البسكوت تطعم طفلا .
علمت فيما بعد أن هذا الإسلوب يتبع مع الآسري للسيطرة عليهم وإخضاعهم .
ولولا الطعام الذي كانت تمرره لي جارتي لخضعت له منذ البداية . لكنني قاومت حتي نفذت طاقتي وسمحت لها أن يجرني لمستنقعه القذر.
كان يخشي أن يكتشف أخي حالته لذا تجنب أن يحادثه ، فقط كان يقف بجواري لبضعة دقائق مرة كل شهر كي أحدثه وأطمئنه كي لا يثير قلقه .
بإحدي المرات حاولت تمرير رسالة بالألمانية لحسن لكنه قطع الخط سريعا ورغم أنني أخبرته أنني كنت أقول له فقط وداعا إلا أنه لم يصدق وضربني يومها بدرجة أعنف من المعتاد فظللت طريحة الفراش ليومين .
عاد بي هشام للمنزل وعندما سقطت أنظاري علي دماء طفلي الجافة علي الأرض أقسمت أنني لن أستسلم مجددا وسأتخلص من هذا الكابوس بكافة الطرق حتي وإن كان بهذا نهايتي .
ظللت بالأيام التالية أفكر كيف سأدس له حبوب المخدر .
بعد أن قررت الهرب إلي أخي .
جواز سفري لم يتم إثبات زواجي به ، وتصريح إقامتي مع أخي لا يزال ساريا . عليً فقط تخديره وسرقة مفاتيحه والخروج من هنا ، بل من مصر كلها .
الحبوب معي ، لكن كيف سأجعله يتناولها دون أن أثير شكه ؟
حسنا .
سأذيب المخدر وأحقنه بزجاجة ماء مغلقة .
سيشرب منها طالما وجدها مغلفة كما هي.
لن أجعله ينتصر علي .
كانت هذه خطتي إلي أن فاجأني القدر بخطته .
أنت تقرأ
تزوجت ساديا
Romanceسلسلة هي والشيطان نظرة في واقع المرأة المصرية الحكاية الأولي تزوجت ساديا مقدمة أخبرتني بأسرارها وطلبت مني أن أروي قصتها كما هي دون حذف أو إضافة لعلها تكون سندا لإمرأة أخري تمر بظروف مشابهة ورغم غرابة قصتها إلا أنني تحمست لها ووعدتها بكتابتها . وأردت...